هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تمض أيام على توقف الاقتتال بين فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، الذي أفضى إلى سيطرة الأخيرة على معظم مناطق إدلب، حتى أصبح الحديث منصبا على مستقبل الشمال السوري، وسط مخاوف من أن يعطي هذا المشهد الذريعة للنظام ولروسيا بتحويل الشمال السوري إلى ساحة تصعيد مجددا، استنادا إلى الرفض الدولي لـ"جبهة النصرة" المصنفة على لوائح الإرهاب.
وكانت "تحرير الشام" قد فرضت قبضتها على معظم مناطق إدلب، وذلك بعد معارك مع فصائل في ريف حلب الغربي، واتفاقات فرضت بالقوة على فصائل أخرى في ريف حماة، لتتفرد على إثر ذلك بقرار هذه المنطقة، ما يضعها أمام تحديات جسيمة، خصوصا وأن ما جرى من شأنه زيادة تعقيد المهمة على تركيا الموكلة بمهام التعامل معها وفق اتفاق "سوتشي".
تلك المعطيات دفعت بمراقبين إلى التنبؤ باتخاذ "تحرير الشام" خطوات براغماتية أكثر مرونة، تنتقل بها إلى مرحلة جديدة، عنوانها التركيز على الجانب السياسي والمدني عبر تمكين "حكومة الإنقاذ" التابعة لها، والذوبان عسكريا مع الفصائل المتبقية، على أمل أن تحظى بقبول إقليمي ودولي.
اقرأ أيضا: ماذا تعني سيطرة "تحرير الشام" على معظم مناطق إدلب؟
وضمن قراءته لخيارات "تحرير الشام"، يرى الكاتب والباحث السياسي السوري، فراس فحّام، أن "تحرير الشام" بعد سيطرتها على إدلب ستتجه لتعزيز صلاحيات "حكومة الإنقاذ"، وتقديمها كواجهة مدنية للحكم، وبذلك تعتقد بأنها قادرة على سحب الذرائع الدولية المتعلقة برفض سيطرة تنظيم مصنف "إرهابي" في الكثير من دول العالم بما فيها تركيا.
توسيع مشاركة الفصائل
لكن الباحث استبعد أن تكون فكرة حل "تحرير الشام" وارد في أجندة قيادتها، مشيرا خلال حديثه لـ"عربي21" إلى رفضها هذا المقترح سابقا.
ورجح من جانب آخر، أن تعمل "تحرير الشام" على توسيع المشاركة في "حكومة الإنقاذ" عن طريق دخول فصائل أخرى فيها كفيلق الشام، وذلك لإبراز "وزارة الدفاع" في الحكومة كبديل عن القيادة العسكرية لديها.
سحب للشخصيات الإشكالية من المشهد
ومن المحتمل أيضا، بحسب فحّام، أن تقوم قيادة "تحرير الشام" بإبعاد بعض الشخصيات الإشكالية وخاصة غير السورية عن الواجهة، لتظهر كتنظيم سوري بحت، ولا يعتمد على المقاتلين الأجانب.
واستدرك قائلا: "باعتقادي فإن سيطرة "تحرير الشام" على إدلب هي سيطرة مؤقتة، ولن تدوم طويلا، لأنه لا أحد يقبل بالتعامل معها كطرف على الأرض، وحتى وإن أبدت بعض المرونة للاتفاقيات والتفاهمات مثل فتح الطرقات الدولية وغيرها".
رفض تركي
وعلى النسق نفسه، أكد الناشط السياسي السوري، درويش خليفة، أن تركيا ترفض هذا المشهد، الذي فرضته "تحرير الشام" استغلالا منها لانشغال الدول الفاعلة في سوريا بالتحضيرات لشرق الفرات، لتقوم بعملية تطهير تهدف للسيطرة على قطاع إدلب الممتد من شمال غرب حماة ومحافظة إدلب حتى ريف حلب الغربي، في محاولة منها لفرض نفسها أمرا واقعا على الجميع.
اقرأ أيضا: هل تبدل تحركات "هيئة تحرير الشام" أولويات تركيا في سوريا؟
وقال لـ"عربي21" إنه "من الواضح بأن الدول الفاعلة والمؤثرة على الساحة السورية تتجه نحو إنهاء حالة العسكرة الفصائلية ووضع السلاح بيد قوة واحدة في كل منطقة من مناطق النفوذ"، متسائلا: "لكن السؤال هل "تحرير الشام" هي الخيار الأمثل، بعد البراغماتية التي أظهرها قائدها أبو محمد الجولاني، من خلال نقض عهده للبغدادي زعيم تنظيم الدولة، وفك ارتباطه بتنظيم القاعدة، والخروج عن طاعة الظواهري؟".
وتابع خليفة، بأن سيطرة "تحرير الشام" من شأنها زيادة الضغط على أنقرة من قبل الدول المتداخلة، التي وصمت الهيئة بالإرهاب، وبالتالي هذا المشهد قد يؤدي لتقديم الأتراك بعض التنازلات في أماكن أخرى في سبيل الحفاظ على مخرجات "سوتشي".
في غضون ذلك، وصلت مساء أمس السبت، تعزيزات عسكرية تركية جديدة تضم قوات خاصة وناقلات جند مدرعة، إلى محافظة هطاي (جنوب) الحدودية مع محافظة إدلب السورية.
وأفاد مراسل الأناضول، أن القوات الخاصة قادمة من قطاعات عسكرية في مناطق مختلفة من البلاد، في إطار التعزيزات المتواصلة إلى النقاط العسكرية الحدودية، الأمر الذي قرأ فيه البعض استعدادا عسكريا للمواجهة مع "تحرير الشام" في إدلب، وسط أنباء عن استعدادات من فصائل المعارضة بدرع الفرات للتحرك نحو إدلب.