هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعده جون ماركس، وهو مدير شركة استشارية اسمها "كورس – بوردر إنفورميشن"، تحت عنوان "توجه المغرب نحو أوروبا يلمح لنظام جديد ما بعد استعماري ".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن واحدا من آثار الأزمة المالية العالمية التي كشف عن آثارها قبل فترة، وهو رحيل المصارف الغربية من أفريقيا، بالإضافة إلى تلاشي الثقة بالحلفاء التقليديين، يعودان للطاقة غير المتوقعة باتجاه القارة قبل عقد من الزمان.
ويلفت ماركس إلى أن المغرب عاد في مركز السلطة التي تركها بعد التغيرات الدستورية التي أعقبت ثورات الربيع العربي عام 2011، حيث وضع الملك محمد السادس التوسع التجاري والدبلوماسية في مركز اسراتيجية التنمية المغربية.
وتقول الصحيفة: "قد يقول المشككون إن خطاب (الدول النامية) و(التعاون جنوب- جنوب) عادة ما يفشل في تحقيق التوقعات والطموحات الأفريقية، كما تعكسها البيانات المثيرة لليأس عن التجارة الإقليمية، أو الرقي الاقتصادي الذي لا يخدم أحدا إلا النخب".
وينوه التقرير إلى أن "هناك أسئلة كبرى لا تزال قائمة حول مستوى المخاطر في تحول المغرب نحو الجهة الجنوبية، إلا أنه لا يمكن تجاهل هذه الموجة إن حاول البعض فهم أفريقيا المعاصرة، فقد أعطى المال المغرب التجاري منتجا رئيسيا بعد انسحاب المصارف الدولية، أو تخفيف عملياتها في القارة الأفريقية خلال العقد الماضي، وترك بالتالي فجوة ملأتها المؤسسات المغربية".
ويبين الكاتب أن نجاح ثلاث مؤسسات منها كان اعترافا بإمكانية المغرب لتوسيع تأثيره أبعد من دول غرب أفريقيا التي تتمتع بعلاقات تاريخية معها، مشيرا إلى ثلاث مؤسسات مالية، وهي البنك التجاري وفا و"بي أم سي إي" أو البنك المغربي التجاري الخارجي، و البنك الشعبي المركزي "بي سي بي".
وتجد الصحيفة أن عملية التحول المغربي نحو القارة الأفريقية قد تساعد على تعزيز الأهداف الوطنية الرئيسية، بما فيها تأكيد أن الصحراء الغربية هي جزء من المغرب الكبير، وليس مستعمرة إسبانية سابقة تطمح للاستقلال.
ويفيد التقرير بأن توجه المغرب نحو سياقه الأفريقي يعني ضرورة إعادة عضويته في الاتحاد الأفريقي، التي أعلن عنها في كانون الثاني/ يناير 2017، منهيا بذلك مقاطعته للمنظومة الأفريقية، التي تعود إلى عام 1984، عندما تم منح الجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية عضوية كاملة في الاتحاد.
ويقول ماركس إن "من يشككون في مدى طموحات المغرب للدخول في أسواق غير معروفة لها، من مصر إلى إثيوبيا ونيجيريا، يتجاهلون أشكالا واضحة من النشاط، فلم يعد غريبا أن معظم أرباح البنك التجاري وفا تأتي من أسواق أفريقية أخرى، حيث تقوم شركة الفوسفات العملاقة (أو سي بي) بالاستثمار وبشكل ضخم في إثيوبيا".
وتذكر الصحيفة أن الرباط تخطط لبناء خط غاز من نيجيريا، التي تعد منافسا سياسيا، إلى البحر المتوسط، بالإضافة إلى المبادرات، مثل "مركز الدار البيضاء المالي"، المصمم من أجل تقديم منبر لأفريقيا العاملة، مشيرة إلى أنه تمت إعادة تسمية الشركة القابضة "الشركة الوطنية للاستثمار/ أس أن أي"، التي تسيطر العائلة المالكة على مجمل أسهمها، بمنحها هوية أفريقية بدلا من الهوية المحلية.
ويذهب التقرير إلى أن طلب المغرب، الذي أدهش الجميع، للانضمام إلى منظمة دول غرب أفريقيا "إكواس"، والسوق المتعلقة بالكهرباء، يناسب هذا المنطق، لافتا إلى أن التزام الرباط بخط الغاز المحتمل ونظام التوزيع الذي يغطي منطقة غرب أفريقيا سيغذي رغبتها بالتحول إلى مركز للطاقة.
ويقول الكاتب إن "التوجه ليس كله في مجال المؤسسات، فقد استغلت العلاقات التاريخية، بما في ذلك العلاقات القريبة مع قادة أفارقة، مثل رئيس ساحل العاج الحسن وتارا، وصديق طفولة الملك محمد، رئيس الغابون علي بونغو أونديما، ويحتوي نهج الملك، كجلابيته الملونة على أسلوب متعدد يشمل على نشر التصوف الإسلامي (المعتدل)، الذي تمتد جذوره في دول الصحراء".
وتشير الصحيفة إلى أن مصرفيا في الدار البيضاء حذر من يتعاملون مع الصوفية وعلاقتها مع غرب أفريقيا لفهم التجارة الحالية، إلا أن آخرين يرون أن تعريف المغرب من خلال الجماعات الصوفية المنتشرة في شمال أفريقيا، مثل القادرية والتيجانية ذات الحضور القوي في دول الصحراء، عززت من مواقفها مع قادة، مثل الرئيس النيجيري محمد بخاري، و"قام الملك محمد السادس بالتركيز وبشكل صائب أدى إلى جعل قاعدته ذات نتائج أفريقية".
ويلفت التقرير إلى أن عزل وزير المالية محمد بوسعيد، الذي كان يحظى باحترام في آب/ أغسطس، جاء نتاجا لغياب التحسن الاجتماعي والاقتصادي للجماعات المهمشة، مشيرا إلى أن الوزير الجديد محمد بن شعبون برز قبل تعيينه شخصية مهمة قادت عمليات بنك "بي سي بي" في أفريقيا.
ويرى ماركس أن "طموحات الملك ليست دون مخاطر، فقد توقف طلب المغرب للانضمام إلى (إكواس)، فهناك مزالق بشأن الدور الذي تقوم به البنوك والشركات الكبرى، ويتم نقاشها بشكل خاص، والتقليل من شأنها في الأحاديث العامة، ويجب أن يعيش المغرب مع عضوية الجمهورية الصحراوية، التي قد يؤدي وجودها إلى تعقيد العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه رغم ذلك فإن النزاع لم يمنع المملكة من البحث عن طرق لتوسيع منظور علاقاتها بالقارة، وظهر أثر استراتيجية المغرب الأفريقية على العقود التجارية، مستدركة بأن التحول في السياسة المغربية نحو أفريقيا يؤشر لنظام ما بعد استعماري جديد.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)