هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دار سجال علني في القاهرة الاثنين حول أوضاع حقوق الانسان في مصر بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك في القصر الرئاسي.
وبعد محادثات ثنائية وتوقيع اتفاقات وعقود للتعاون خصوصا في مجالات الصحة والنقل والتعليم، أكد الرئيس الفرنسي لنظيره المصري أن "الاستقرار" مرتبط باحترام الحريات الفردية ودولة القانون.
وقال ماكرون إن "الاستقرار الحقيقي يمر عبر حيوية المجتمع"، معتبرا كذلك أن "الاستقرار والسلام (المجتمعي) الدائم مرتبطان باحترام الحريات الفردية ودولة القانون".
وماكرون، الذي يقوم بزيارة رسمية مدتها ثلاثة أيام الى مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية خصوصا، أشار منذ مساء الأحد الى أنه يعتزم الحديث "بصراحة أكبر" مع الرئيس المصري في مسألة حقوق الانسان.
وكان الرئيس الفرنسي رفض لدى استقباله السيسي في باريس في تشرين الأول/أكتوبر 2017 "إعطاء "دروس" لضيفه حول هذه المسألة الحساسة ما أثار انتقادات المنظمات والحقوقية.
وردا على سؤال لصحافي مصري حول أسباب تغيير موقفه من مسألة حقوق الإنسان، أجاب ماكرون "يمكن أن نقول الأشياء بطريقة صريحة للغاية (...) من دون أن نعتبر أننا نأتي لنعطي دروسا أو لزعزعة الاستقرار". وأضاف: "هذا ما فعلته مع الرئيس السيسي".
وتابع أن "الأمور لم تكن تسير في الاتجاه الصحيح منذ تشرين الأول/أكتوبر 2017"، مشيرا إلى أن "مدونين وصحافيين ونشطاء" سجنوا بعد هذا التاريخ.
اقرأ أيضا: لماذا انقلب ماكرون على تصريحاته بشأن حقوق الإنسان في مصر؟
واعتبر أن "مجتمعا مدنيا ديناميكيا ونشطا ويشمل الجميع يظل الحصن الأفضل في مواجهة التطرف وشرطا أساسيا للاستقرار والسلام (المجتمعي)".
وتابع أنه بدون ذلك فإن "صورة مصر يمكن أن تسوء"، مؤكدا أن "المناقشة التي أجريناها (مع الرئيس السيسي) احترمت سيادة مصر".
واستطرد: "لن أكون صديقا مخلصا لمصر اليوم، لو لم أعبر عن حقيقه ما أعتقده".
لسنا كأوروبا أو كأميركا
وردا على ماكرون، قال الرئيس السيسي: "نحن لسنا كأوروبا ولسنا كأميركا".
وأكد أن "التعدد والاختلاف بين الدول أمر طبيعي، التنوع الانساني أمر طبيعي وسيستمر ومحاولة تحويله إلى مسار واحد فقط" غير واقعية.
وأضاف موجها حديثه لصحافي فرنسي سأله عن حقوق الإنسان "لا تنس أننا نتحدث عن منطقة مضطربة ونحن جزء منها".
وشدد على أن "مشروع إقامة دولة دينية في مصر لم ينجح" وترتب على ذلك "تحديات".
ووجه السيسي سؤالا إلى الصحافي الفرنسي قائلا: "ماذا كنتم تستطيعون أن تفعلوا لنا لو أن حربا أهلية قامت في مصر؟".
وتابع أن "القضايا في مصر مختلفة تماما عن (الطريقة) التي تفكرون فيها".
وقال الرئيس المصري: "أنتم مطالبون بأن تروننا بالعيون المصرية وليس بالعيون الأوروبية كما نراكم نحن بالعيون الأوروبية".
واعتبر أن "مصر لن تقوم بالمدونين وإنما بالعمل والجهد والمثابرة"، مروجا إلى ما قامت به حكومته من توفير مساكن لـ 250 ألف أسرة وعلاج مئات الآلاف من المصابين بالتهاب الكبد الوبائي وجهود لمكافحة الإرهاب.
وأضاف السيسي: "لا أقبل أن يكون الرأي العام في مصر أو الأغلبية رافضة لوجودي وأستمر"، مضيفا: "أنا أقف هنا بارادة مصرية ولو هذه الإرادة ليست موجودة سأتخلى عن موقعي فورا".
استقرار
وكان ماكرون صرح الأحد أن "استقرار مصر يهمنا كثيرا. إنها شريك مهم في ما يتعلق بليبيا وفي مكافحة التطرف".
وبحسب الرئيس الفرنسي فإن "الأمور ازدادت سوءا منذ تشرين الأول/أكتوبر 2017" فيما يتعلق بحقوق الإنسان حين زار السيسي باريس. بالتالي وعد بأن يبحث "هذه المسألة بطريقة أكثر صراحة لأنني أعتقد أن ذلك يصب في صالح الرئيس السيسي والاستقرار في مصر".
وأشار إلى أنه سيجري بعيدا عن الإعلام "محادثات مغلقة" مع السيسي حول "حالات فردية" لمعارضين أو شخصيات تقبع في السجن.
وضع كارثي
وطالبت عدة منظمات حقوقية بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش الاثنين ماكرون بـ"خطاب قوي حول الوضع الكارثي لحقوق الإنسان" في مصر مع "المطالبة بإطلاق سراح كل السجناء المحتجزين ظلما".
وطالبت المنظمات الحقوقية بـ "تعليق كل مبيعات السلاح الفرنسي الذي يمكن أن يستخدم لارتكاب أو تسهيل الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي".
اقرأ أيضا: ماكرون يلتقي السيسي في القاهرة وسط انتقادات حقوقية
وفي هذا الصدد، رد السيسي بأن "التظاهر حق يكفله القانون والدستور ولكن يجب أن يبقى في إطار القواعد المنظمة له".
وقال: "لم نستخدم أي معدات -ليس فقط ما اشتريناه من فرنسا- في قمع أي متظاهر".
وتابع: "لا يمكن استخدام السلاح أمام مواطن أعزل ونستخدمه فقط ضد عناصر إرهابية متطرفة".
وتحتل مصر المرتبة الثالثة على قائمة الدول التي تشتري السلاح الفرنسي. وأبرمت القاهرة عقودا قيمتها 6 مليارات يورو لشراء أسلحة فرنسية منذ العام 2015.
وبين العقود المهمة،شراء طائرات قتالية رافال التي تم تسليم 24 منها الى مصر بالفعل.
وماكرون الذي وصل الاحد الى مصر، بدأ زيارته بمحطة في معبد أبو سمبل، أحد أبرز المعالم الاثرية في البلاد.
وهدف الزيارة هو القاء الضوء على التعاون الثقافي مع مصر الذي يعتبر ديناميا خصوصا في مجال الآثار بوجود 32 ورشة عمل وتنقيب تحت اشراف المعهد الفرنسي للآثار الشرقية.
وتأمل فرنسا في الحصول على مهام تنقيب إضافية في مواقع أثرية خصوصا وأن التقليد الفرنسي بالعمل في علم المصريات قديم جدا.
وتسعى أيضا إلى المشاركة في تحديث المتحف الكبير المستقبلي في الجيزة وتحديث المتحف الشهير الواقع في وسط القاهرة منذ القرن التاسع عشر.
وسيزور ماكرون، برفقة زوجته بريجيت، هذا المتحف في ميدان التحرير بعد ظهر الاثنين قبل أن يلتقي الجالية الفرنسية في مصر.
ويختتم زيارته صباح الثلاثاء بلقاءين مع بابا الأقباط تواضروس الثاني وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب.
اقرأ أيضا: ماكرون يستهل زيارته لمصر بجولة سياحية في أسوان (صور)