هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعكس جريمة "إعدام" جنود الاحتلال الإسرائيلي لطفلة فلسطينية على أحد "حواجز الموت" في القدس المحتلة، مدى المعاناة الكبيرة التي يجدها المواطن الفلسطيني على تلك الحواجز، التي أصبحت بحسب خبير "أداة قمع وانتقام" من الفلسطينيين الذي يستخف بحياتهم جنود الاحتلال.
إعدام بدم بارد
وقتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس، الطالبة الفلسطينية في الصف الحادي عشر، سماح زهير مبارك (16 عاما) بعدما أطلقت عليها الرصاص الحي عند مرورها مشيا على الأقدام قرب حاجز "الزعيم" شرقي مدينة القدس المحتلة.
وظهر في شريط مسجل نشرته قوات الاحتلال، جنود حرس الحدود وهم يصوبون أسلحتهم نحو الفتاة التي كانت تمشي وهي منقبة، حيث أطلق عليها حارس أمن إسرائيلي الرصاص من مسافة صفر بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن، ما تسبب باستشهادها على الفور.
واتهمت عائلة الطالبة الفلسطينية، قوات الاحتلال بـ"إعدام سماح بدم بارد، بعدما فشلت في إزالة الحجاب عن وجهها"، موضحة أن "سماح عادت قبل 10 أيام من أداء مناسك العمرة"، وفق ما نقله موقع "i24" الإسرائيلي.
وللوقوف على واقع السفر عبر الحواجز الإسرائيلية، تحدثت "عربي21" مع موظف فلسطيني (طلب عدم ذكر اسمه) يعمل في إحدى الوزارات، يقيم في مدينة نابلس ويعمل في مدينة رام الله ويسافر بشكل شبه يومي في سيارة الوزارة.
وبين الموظف، أن شعورا كبيرا بالخوف ينتابه ومن معه من الموظفين عندما يمر عبر الحواجز التي يتحكم بها جنود الاحتلال، لافتا إلى أنه يشعر كأنه "ولد من جديد" عندما يتجاوز تلك الحواجز المنتشرة على طول الطريق.
وذكر أن "جنود الاحتلال يمعنون في إذلال المواطن الفلسطيني، ويقومون بتفتيش السيارات وفحص بطاقات الهوية للركاب، وأحيانا يرجعون بعض المسافرين بغير سبب"، معتبرا أن الأمر "في كثير من الأحيان يرجع إلى مزاج الجندي الإسرائيلي".
تنكيل من أجل التسلية
ولفت الموظف، إلى أنه في كثير من الأحيان يصل منزله في وقت متأخر بسبب الحواجز، التي تعيق مرور السيارات، وقال: "الطريق تحتاج إلى ساعة تقريبا، ولكنها في كثير من الأيام تأخذ معنا أكثر من 3 ساعات، ووصلت أحيانا لخمس ساعات"، موضحا أن "سائقي السيارات يضطرون أحيانا لسلوك طرق التفافية لضمان الوصول إلى البيت".
وحول نهج الحواجز لدى الاحتلال، أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن "الحواجز هي إجراء احتلالي جاء لتضييق الخناق على الإنسان الفلسطيني تحت حجة حماية الأمني الإسرائيلي".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذه الحواجز تحولت إلى أداة قمع وانتقام من الفلسطينيين شيئا فشيئا، وتطورت أكثر فأكثر، لتصبح مكانا لانفلات المستوطنين الذين يستغلون أنهم محميون من قبل الجنود الإسرائيليين بالاعتداء على الفلسطينيين".
ونوه مجلي، إلى أن هذه الحواجز هي "موقع معاناة للإنسان الفلسطيني من قبل جنود الاحتلال وغيرهم"، كاشفا أن "هناك عددا من الحواجز ليس قليلا، تديرها شركات أمن خاصة، وكل من الجنود أو أفراد أمن تلك الشركات يشعر في نفسه بأنه ملك في هذا المكان، ويتصرف كأنه صاحب البلاد وينكل بالمواطن الفلسطيني بسبب وبدون سبب، وفي بعض الأحيان حتى للتسلية".
وبناء على ما سبق، رأى أن حواجز سلطات الاحتلال، "أصبحت مكانا لتنفيس الغضب والانتقام الفلسطيني، فنجد هناك بعض الشبان والفتية والصبايا في جيل صغير جدا، يقوم بأي عملية يعبر فيه عن غضبه من التنكيل الذي تعرض له هو أو والدته أو شقيقته أو أي شخص قريب منه".
وذكر الخبير، أن واحدا من بين 10 ممن يعبرون تلك الحواجز يتعرضون للتنكيل من قبل جنود الاحتلال، وهو ما يدفع لتنفيس الغضب الفلسطيني هذه الحواجز في كثير من الأحيان".
اقرأ أيضا: استشهاد فلسطينية برصاص الاحتلال بزعم محاولة طعن بالقدس
وعن "حواجز الموت" الإسرائيلية التي ترتكب بشكل متواصل جرائم قتل بحق الفلسطينيين والتي كان آخرها استشهاد الطالبة مبارك، قال: "قتل الطفلة مبارك، هي واحدة من تلك الجرائم، حيث الخوف والجبن تجاه أي حراك، إضافة لسرعة الانتقام لأن الطرف الآخر فلسطيني، وطالما أنه فلسطيني فجنود الاحتلال يستخفون بحياته ويبادرون بقتله".
حواجز ثابتة ومتحركة
وحول طريقة تعامل السلطة الفلسطينية سياسيا مع "حواجز الموت" الإسرائيلية، نبه مجلي أن "الجهات الرسمية الفلسطينية، تقوم بعمل كبير في تجميع وتوثيق الحوادث بطرق تتطور علميا ومهنيا، وهناك العديد من الدوائر التي تعمل على رصد هذه الحوادث بطرق مهنية تتيح للقيادية الفلسطينية أن تطرحها على محكمة لاهاي الدولية، وغيرها من المؤسسات من أجل محاسبة إسرائيل على هذه الجرائم".
بدروه، أوضح علاء بدارنة، المستشار القانوني، لمركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات"، أن "تجربة الشعب الفلسطيني مع حواجز الاحتلال قاسية جدا، وأصبحت جزءا من الحياة اليومية للفلسطيني في كافة المدن الفلسطينية بالضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "المعاناة التي تتسبب بها حواجز الموت الإسرائيلية، تسبب بخسائر كبيرة للفلسطينيين؛ سواء على الحق في العمل والصحة والتنقل والتعليم..."، لافتا أن هناك "المئات من الحواجز الثابتة والمتحركة (الطيارة) في الضفة، والتي يتراوح عددها ما بين 400 إلى 600 حجز تقريبا".
ولفت بدارنة، أن "هناك إهانة لكرامة المواطن الفلسطيني بشكل يومي بسبب تلك الحواجز، التي يعتبر بعضها حواجز موت مثل؛ حاجز زعترة وحاجز حوارة وغيرها، حيث تم تصفية واغتيال العشرات من الشبان الفلسطينيين على تلك الحواجز بدعوى محاولة الطعن وغيرها من تلك المزاعم".
ونوه إلى أن "كل هذه الحوادث والقضايا لا يتم التحقيق فيها بشكل جدي، وبالتالي لا يتم محاسبة مرتكبي هذه الحوادث من جنود الاحتلال"، لافتا أن هناك "العديد من الضحايا الفلسطينيين الذين تم اغتيالهم على هذه الحواجز ضمن ما يتعلق بمزاج جنود الاحتلال".
وشدد المستشار القانوني، على وجوب تكاتف كافة الجهود من أجل "رفع هذا الظلم اليومي عن المواطن الفلسطيني، الذي يعتبر وفق القانون الدولي شكل من أشكال العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين"، موضحا أن "الحواجز تعمل على تقطيع أوصال الضفة الغربية، وتحوليها لمناطق يمكن إغلاقها وفصلها عن بعض بشكل كامل في أي لحظة".