هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أصدرت محكمة مصرية، الخميس، أحكاما قاسية بحق 26 إعلاميا وصحفيا مصريا بفضائيات المعارضة المصرية بالخارج؛ "مكملين"، و"الشرق"، وأيضا "الجزيرة" القطرية، في قضية تتعلق بعملهم الصحفي والإعلامي، وبعد أيام من انتقاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لملف حقوق الإنسان بمصر من قلب القاهرة.
وقضت محكمة الجنايات بالقضية المقيدة أمن دولة طوارئ 2017، والمُحالة بموجب قانون الطوارئ والمعروفة إعلاميا بـ"لا والنبي يا عبدو"، أو "إعلام الإخوان"، بسجن 9 أشخاص حضوريا و12 غيابيا بالسجن 5 سنوات، و5 آخرين غيابيا بالسجن 15 سنة.
ومن بين الصادر بحقهم أحكاما بالقضية، الفنان والإعلامي هشام عبدالله، والإعلامي عماد البحيري، والمعارض المصري بالولايات المتحدة محمد شوبير شقيق نائب رئيس اتحاد الكرة أحمد شوبير، ومؤسس المجلس الوطني للتغيير حسام الدين عاطف، والناشطة غادة نجيب، زوجة الفنان هشام عبدالله.
ووجهت السلطات لأعضاء بالمجلس المصري للتغيير، تهمة تأسيس جماعة على خلاف أحكام القانون على خلفية دعوة المجلس لحملة ساخرة لمناهضة ترشيح رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بانتخابات الرئاسة في 2018، باسم "لا والنبي يا عبدو"، ما اعتبره النظام تحريضا ضد الدولة، فيما طالت الاتهامات إعلاميين بفضائيات "مكملين"، و"الشرق"، و"الجزيرة".
وفي الوقت الذي يقبع فيه أكثر من 60 ألف معتقل سياسي بسجون النظام العسكري الحاكم، بينهم نحو 90 صحفيا تم اعتقالهم على خلفة عملهم الصحفي، في ظروف إنسانية وصحية صعبة، ويتعرضون لانتهاكات وضغوط ومحاكمات غير عادلة، حسب حقوقيين.
وتتوالى الانتقادات الحقوقية المحلية والدولية لملف حقوق الإنسان في مصر، بينها العام الماضي ما جاء بالتقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية، الذي أشار إلى رصد "قيود على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، وتكوين الجمعيات الأهلية، وعمليات قتل خارج إطار القانون، والإخفاء القسري والتعذيب، وظروف السجن القاسية، والمحاكمات العسكرية للمدنيين وسجناء سياسيين".
والاثنين الماضي، انتقد الرئيس الفرنسي، ماكرون، تلك الأوضاع في أثناء مؤتمر صحفي جمعه بالسيسي في القاهرة، وهو ما رد عليه الأخير بأن مصر ليست أوروبا وأمريكا، وأنه لا يجب اختزال حقوق الإنسان في مصر في آراء مدونين، فيما ينفي النظام وجود معتقلين سياسيين بالسجون.
حكم مسيس بلا قيمة
وفي تعليقه لـ"عربي21"، على الحكم الصادر بحقه، قال الإعلامي بفضائية "الشرق" المعارضة من اسطنبول، عماد البحيري: "الحكم ليس له قيمة على الإطلاق، وعندما تشاورت مع الزملاء بالقضية في البداية رفضت تكليف محامي للدفاع، ورفضت فكرة اعتبارها محاكمة من الأساس، كونها قضية سياسية يُملى على القاضي الحكم فيها".
وأشار إلى أن "القضية تتبع المجلس المصري للتغيير، لكنهم حاولوا تسميتها باسم إعلامي يسهل ترويجه، فأطلقوا عليها مسمى قضية (إعلام الإخوان)"، مؤكدا أنها "قضية فاشلة لا تنبني على شيء سوى بعض الرسائل عبر مواقع التواصل بين أعضاء المجلس الذي يسعي لإقامة دولة مدنية وحكم ديمقراطي".
وأكد البحيري أن الحكم لن يؤثر على عمله الإعلامي ولا على القناة المعارضة، مضيفا: "بل وسنجتهد برسالتنا الإعلامية، وسنقاوم الظلم لآخر مدى، حيث إنه لا خلاص لمصر سوى بإنهاء الحكم العسكري مهما كانت الأثمان التي سيدفعها من يريد تصدر المشهد للخلاص من النظام".
وأوضح أنهم سيحاولون استغلال الحكم حقوقيا، وكشف سوءات النظام في معاقبة وقمع الرأي المستمر بمصر، وإرسال مذكرات للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمنظمات الحقوقية، باعتبار أن ذلك دورها.
رد على ادعاء السيسي
من جانبه، أكد مدير المرصد العربي لحرية الإعلام، قطب العربي، أن "الحكم بحبس عدد من الإعلاميين المصريين ما بين 5 و15 عاما بقضية تتعلق أساسا بالعمل الإعلامي ونشر الأخبار التي وصفتها الشرطة بالكاذبة، هو تصعيد جديد ضد حربة الصحافة في سياق موقف عام معاد للإعلام بعد انقلاب يوليو 2013 وحتى الآن".
أمين عام المجلس الأعلى للصحافة سابقا قال لـ"عربي21": "هذا الحكم الجديد رد مباشر على ادعاء السيسي وبرلمانه بعدم وجود صحفيين سجناء، متجاهلين وجود حوالي 90 إعلاميا، آخرهم الصحفي أحمد جمال زيادة، الذي قُبض عليه خلال وصوله مطار القاهرة قادما من تونس".
وأضاف العربي أن تصرفات السيسي باعتقال عدد كبير من المعارضين بالداخل بجانب هذه الأحكام بعد انتقادات الرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، لملف حقوق الإنسان بمصر في حضور السيسي، غريبة ومثيرة، وتثير الشك بماكرون والغرب بأنه يعلن غير ما يبطن".
سلوك إسرائيل ذاته
وفي تعليقه، يرى الصحفي المعارض، معاطي السندوبي، أن تلك الأحكام هي "إحدى محاولات السيسي لوأد حرية التعبير"، مضيفا أنه وبرغم انتقادات غربية آخرها للرئيس الفرنسي، فإن السيسي لم يعد يعبأ بردود الفعل الدولية على انتهاكاته لحقوق الإنسان؛ لأنه يعرف أنها مجرد كلمات وليست أفعال.
وأضاف لـ"عربي21"، أن "السيسي يسلك سلوك إسرائيل ذاته في انتهاك كل حقوق الشعب الفلسطيني، رغم كل الترسانة من القرارات الدولية التي تدينها، فهي حبر على ورق طالما لم تتحول إلى فعل، وهذا هو حال مصر بعهد السيسي".
وعبرت الناشطة غادة نجيب عن استغرابها من زج اسمها ضمن المتهمين بالقضية والحكم بحقها بـ5 سنوات، مؤكدة أنها كانت تسخر من فكرة المجلس المصري للتغيير.