التحالف الخليجي!
تمكنت سلطنة
عُمان، مع بداية عهد النهضة عام 1970م، من حماية نفسها بعيداً عن النزاعات الإقليمية ولم تشارك أبداً في عالم الأزمات والنزاعات إلا بالطرق الدبلوماسية، سواء من خلال التفاوض أو التعاون، مما وفر بيئة ملائمة للبناء والتنمية الداخلية. فالسلطنة لا تشبه جيرانها مذهبياً، حيث تعتبر الوحيدة ذات الأغلبية الإباضية بين دول العالم، وتميزت سياستها الخارجية بالحيادية والموضوعية، مما أدى لحياة أفضل للمواطنين في جميع أنحاء السلطنة ومكنهم من المساهمة في الأهداف الإنمائية للبلاد، حيث بدأت عُمان حقبة جديدة من التطور والتقدم في جميع المجالات بقيادة السلطان
قابوس بن سعيد.
لقد أصبحت سلطنة عُمان الدولة الآمنة لاستضافة عمليات السلام في المنطقة، فقد قادت إجراء محادثات مباشرة بين
إيران والولايات المتحدة بشأن الملف النووي عام 2013م، حيث رعت السلطنة مفاوضات سرية بين الولايات المتحدة وإيران منذ عام 2011م. كما نجحت السلطنة في عقد بعض اتفاقيات التعاون الأمني والتجاري التي تربطها بإيران، حيث تستفيد عُمان من تجارة إمدادات النفط التي تمر عبر مضيق هرمز الذي تتشاركه مع إيران. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت السلطنة بشكل إيجابي في العديد من قضايا المنطقة، فخلال حرب العراق وإيران عام 1980م، بقيت عُمان محايدة ورفضت استخدام أراضيها لقصف إيران.
وفي موقف يبرهن موضوعية وحيادية
السياسة الخارجية العُمانية، أعلنت سلطنة عُمان رفضها إقامة تحالف خليجي بدلاً عن مجلس التعاون، وهددت بالانسحاب من المجلس إذا تحول إلى اتحاد. واعتبرت السلطنة في ذلك أن هذا الموقف هو تكملة لسياستها الخارجية التي تُعرف بالحياد الدائم، وأن هكذا اتحاد يقوض علاقة السلطنة بإيران. وجاءت معارضة عُمان لرفع مستوى التعاون
الخليجي إلى اتحاد على لسان وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي عام 2013م في حوار المنامة في البحرين، حيث قال: "نحن ضد اتحاد". وجاء ذلك رداً على دعوة مساعد وزير الخارجية السعودي نزار مدني في كلمة دعا فيها دول الخليج إلى توحيد الصفوف في وجه المخاطر في المنطقة، وقد تم اقتراح الفكرة لأول مرة في عام 2011م بدعم من دولة البحرين.
فالسعودية، أكبر دولة سُنية في الخليج، تشعر بالقلق من طموحات إيران الشيعية الإقليمية، وبالتالي اقترحت إقامة اتحاد، والذي من شأنه رفع مستوى مجلس التعاون الخليجي الحالي المؤلف من السعودية وقطر والبحرين وعُمان والكويت والإمارات العربية المتحدة، بينما الاتحاد المقترح لن يكون له تأثير عملي يُذكر، فإن قيمته الرمزية كائتلاف محتمل معاد لإيران لن يكون متوافقاً مع مصالح عُمان.
وكان وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي قد صرح قائلاً إن عُمان "ستنسحب ببساطة" من الهيئة الجديدة إذا مضت قدما. ويتماشى هذا الموقف مع حماية موقف السلطنة وسمعتها الحيادية، لا سيما في ما يتعلق بسياستها الخارجية السلمية، رغم رغبتها في إصلاح مجلس التعاون الخليجي. فلا تريد عُمان أن تكون جزءا من الاتحاد المقترح، حيث أن هناك قضايا أخرى مهمة تتطلب المعالجة، مثل التعاون والتكامل الاقتصادي الذي سيجلب الرخاء للشعب العُماني ومعالجة قضية البطالة.
ويبدو أن رفض عُمان القوي الانضمام إلى الاتحاد المقترح يرجع لعلاقاتها التاريخية مع إيران ورغبتها في عدم استعداء الجمهورية الإسلامية، من خلال ترسيخ الروابط مع حلفائها في مجلس التعاون الخليجي. وبدا واضحاً استياء السعودية من الموقف العُماني، خاصة بعد استضافة سلطنة عُمان للمحادثات السرية بين إيران والولايات المتحدة.