هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عبّر السياسي المصري وعضو مجلس الشورى السابق، محمد محيي الدين، عن تخوفه إزاء "التطورات الأخيرة التي تحدث بالساحة المصرية، وما قد تؤول إليه من تداعيات ونتائج قد تكون وخيمة على النظام والمجتمع والدولة المصرية ككل، وهو ما يفرض على الجميع سرعة التحرك للحفاظ على مقدرات الدولة ومؤسساتها".
جاء ذلك في حديث خاص لـ محيي الدين مع "عربي21"، قبل ساعات قليلة من واقعة اعتقاله، حيث تم إلقاء القبض عليه في تمام الساعة السابعة مساء أمس الجمعة بعدما تمت مداهمة مسكنه ومسكن والده ووالدته بمحافظة الإسكندرية (شمالي القاهرة).
وأشار محيي الدين إلى أنه شديد الحرص على الحفاظ على مؤسسات الدولة مما قد تتعرض جراء ممارسات وسياسات رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، والتي قال إنها تأخذ البلد كلها في طريق مجهول ولا أحد يعلم نهايته إلا الله.
وقال إنه سعى وسيظل يسعى جاهدا لمحاولة الخروج من الحالة المصرية القائمة كي يكون هناك "تداول سلمي للسلطة وانتقال سلس لها في ضوء تغيير آمن دون الوصول لأي هزات سياسية أو اجتماعية قد تكون تكلفتها وفاتورتها كبيرة وخطيرة على الجميع".
اقرأ أيضا: اعتقال المعارض والبرلماني المصري السابق محمد محيي الدين
وفي 4 آب/ أغسطس 2018، انفردت "عربي21" بنشر نص مبادرة محمد محي الدين، التي كانت تهدف للحوار والمصالحة الوطنية الشاملة، وقاية المجتمع المصري من أي هزات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. وتكونت من عشرة بنود.
وأوضح محيي الدين لـ"عربي21" أن مبادرته تهدف لرسم "خارطة طريق محددة المعالم للحفاظ على الدستور، والمؤسسات، وقيم العدل والمساواة، والتداول السلمي للسلطة بما يسمح للمصريين أن يعودوا مجتمعين علي أسس واضحة نحو دولة مدنية ديمقراطية ناهضة اقتصاديا وعلى كل المستويات الأخرى".
وفي مطلع أيلول/ سبتمبر 2018، تقدم "محي الدين" بمبادرته إلى بصورة رسمية إلى السيسي، ولكل من رئيس مجلس النواب، ورؤساء مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة، ووزيري الدفاع والداخلية، ورئيس جهاز المخابرات العامة. لكنه لم يتلق ردا حينها على المبادرة.
وأشار إلى أن مبادرته للمصارحة والمصالحة لا تزال قائمة، وسيظل يدعو كل الأطراف للاستجابة لها، مضيفا:" لن نفقد الأمل على الإطلاق في أننا حتما سنصل يوما ما لحلول سياسية وواقعية تعيد الدولة إلى مسارها الصحيح وتجعلها في مكانتها التي تستحقها بين الأمم".
وأضاف:" لن أكل أو أمل من التواصل مع جميع الأطراف المعنية للبحث عن مخرج آمن للأزمة الراهنة، وأنا متأكد أن هناك عقلاء وحكماء داخل كل الأطراف والجهات المنوط بها المساهمة في إيجاد هذا المخرج. علينا تغليب لغة الحكمة والرشد والعقل والحوار بعيدا عن أي إقصاء أو تخوين أو تشويه".
اقرأ أيضا: سياسي مصري يطرح اسمه لقيادة المعارضة المصرية من الداخل
وبسؤاله عن خشيته من قيام النظام بالتنكيل به جراء مواقفه السياسية، قال:" لن أتراجع عما أراه صوابا ولن أتوقف عن مواقفي التي تصب في صالح الدولة المصرية، وأنا لا أخشى في الله والوطن لومة لائم، بل سأظل متمسكا بمواقفي وقناعاتي حتى آخر لحظة في عمري، ومهما جرى أو ما حدث معي، ومهما كلفنا ذلك من تضحية أو ثمن، فكل شيء يهون ويتضاءل أمام المصلحة العليا للشعب والوطن".
كما كشف محمد محيي الدين تفاصيل ما انتهى إليه آخر اجتماع لاتحاد الدفاع عن الدستور، والذي عقد مساء يوم الأربعاء الماضي بمقر حزب الكرامة بالقاهرة.
وتم الإعلان عن تدشين اتحاد الدفاع عن الدستور يوم 4 شباط/ فبراير الجاري كإطار شعبي ديمقراطي مفتوح يتصدى لمهمة حماية الدستور، والدفاع عنه بكافة الطرق الديمقراطية السلمية.
وانفردت "عربي21"، بنشر تفاصيل تدشين "اتحاد الدفاع عن الدستور" كأول تحرك سياسي داخل مصر ضد التعديلات الدستورية التي يناقشها البرلمان، والتي تقضي بمد فترة الرئيس لمدة 6 سنوات بدلا من 4، وتمنح السيسي حكم البلاد حتى عام 2034، فضلا عن أنها تجعل الجيش المصري فوق كل السلطات ووصيا على البلاد بزعم حماية الديمقراطية ومدنية الدولة.
اقرأ أيضا: "عربي21" تنشر نص مبادرة جديدة لإنهاء "الأزمة" بمصر
وقال محيي الدين إن "التأكيد على كون اتحاد الدفاع عن الدستور هو كيان جامع لكل المصريين دون تمييز يعلو فوق أي خلاف أو انتماء حزبي أو فكري ولهدف محدد هو التصدي ومقاومة ووقف الاعتداء الصارخ على الدستور الذي أتت به الإرادة الشعبية بدءا من ثورة يناير المجيدة".
وأضاف:" تم تثمين دور المواطنين الذين وقعوا على بيان رفض التعديلات غير الدستورية، وقد بلغوا الثلاثين ألفا في حوالي أسبوع رغم القمع غير المسبوق الذي تتعرض له المعارضة وحقوق المواطن المصري من حرية إبداء الرأي والحق في التعبير، ويدعو الاتحاد المواطنين إلى استمرار التوقيعات الإلكترونية الشعبية لتصل إلى مئة ألف قبل اجتماعه القادم".
واستطرد قائلا:" سيتم نقل حملة التوقيعات الأسبوع القادم إلى موقع آمن إلكترونيا مُصمم خصيصا للاتحاد وسيكون مفتوحا لكافة الآراء والأحزاب والشخصيات العامة والمواطنين لإبداء الرأي في شأن معركة الاتحاد في الدفاع عن الدستور".
وأوضح أن حملة جمع التوقيعات الشعبية كانت بها بعض المشاكل التقنية والفنية التي يجري معالجتها سريعا، من خلال تدشين موقع إلكتروني خاص بالاتحاد، وجاري العمل عليه بشكل فعلي، ليتم تلافي أي أخطاء مستقبلية، على أن يتم استمرار جمع التوقيعات لكن في الموقع الجديد، وسيتم ترتيب كل التوقيعات بشكل أبجدي".
اقرأ أيضا: اعتقال ناشط مصري بعد نشره فيديو لرفض تعديل الدستور
وأشار إلى أنه تمت "دراسة العديد من الخطوات الهامة التي سيتم تفعيلها الفترة القادمة مع تفويض اللجنة المصغرة برئاسة المنسق السابق للجمعية الوطنية للتغيير، عبد الجليل مصطفى، في دراسة تفاصيل هذه الخطوات كل في موعده".
ودعا اتحاد الدفاع عن الدستور، بحسب تصريحات محيي الدين، جميع الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة والمواطنين للانضمام إليه، مشدّدا على أن "إبداء الرأي فيما يخص الاستفتاء على التعديلات غير الدستورية سابق لأوانه تماما، وسيتم دراسة كل موقف في حينه بما يستحقه من اهتمام".
وتابع:" تم عرض أفكار كثيرة تخص أساليب العمل، وخاصة المسار القضائي ودراسة جدواه وسبله وآلياته تفعليه، وتوقيتاته الصحيحة، وتم تشكيل لجنة قانونية في الصدد لبحث هذا الأمر ومتابعته".
وأشار محيي الدين، الذي شغل منصب مقرر لجنة الدفاع والأمن القومي بالجمعية التأسيسية التي وضعت دستور 2012، إلى أنه "تم التأكيد من الجميع على أن الاتحاد له وظيفة واحدة فقط، وهي الدفاع عن الدستور، ومن ثم لن ينجر الاتحاد إلى أي قضايا أخرى على الإطلاق".
وأكمل:" قلنا لمن يريد مناقشة أي قضايا أخرى فليناقشها داخل حزبه أو تياره السياسي بعيدا عن اتحاد الدفاع عن الدستور، لأننا تجمعنا فكرة الدستور فقط بغض النظر عن أي قضايا سياسية أخرى، وبالتالي فلن ننجر لأي شيء آخر لأن هذا سيُحدث خلافات وانشقاقات، ونحن لن نسمح بذلك".
اقرأ أيضا: مقال بـ"WP" يحذّر من تداعيات انقلاب السيسي الدستوري
ويأتي اعتقال محيي الدين ضمن حملة اعتقالات وتضييقات وإعدامات تتعرض لها المعارضة المصرية على اختلاف أطيافها خلال الفترة الأخيرة.
من جهته، أدان حزب غد الثورة اعتقال وكيل الحزب السابق د. محمد محيي الدين بسبب رفضه للتعديلات الدستورية، مطالبا بالإفراج الفوري عنه.
يذكر أن محمد محيي الدين شغل منصب مقرر لجنة الدفاع والأمن القومي بالجمعية التأسيسية التي وضعت دستور 2012، وشغل منصب نائب رئيس حزب غد الثورة الليبرالي. وهو ضابط متقاعد بالقوات المسلحة، ويعمل حاليا أستاذا مساعدا بكلية الهندسة في جامعة بني سويف (جنوب القاهرة).
وصوّت برلمان السيسي، الأسبوع الماضي، بـ "أغلبية ساحقة" على تعديل الدستور من حيث المبدأ. وهي تعديلات تتيح للسيسي الاستمرار في منصبه حتى عام 2034.
وقال رئيس البرلمان علي عبد العال إن 485 نائبا وافقوا على التعديلات التي اقترحها ائتلاف دعم مصر الذي يمثل أكبر كتلة برلمانية. ويشكل الموافقون أكثر من ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهي الأغلبية المطلوبة للموافقة.
وتمت إحالة التعديلات المقترحة إلى اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب لإعداد تقرير بشأنها في غضون مدة لا تزيد عن 60 يوما يجري بعدها المجلس تصويتا نهائيا عليها.
ومن المتوقع أن يوافق البرلمان في نهاية الأمر على التعديلات التي ستطرح بعد ذلك للاستفتاء الشعبي.