هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحاول قيادة حزب الله في لبنان احتواء أزمة
سياسية متعددة الاتجاهات أحدثتها تصريحات، وصفت بالصادمة للنائب في كتلته النيابية
نواف الموسوي حيث تناول الرئيس الأسبق بشير الجميل من داخل المجلس النيابي بأنه
وصل إلى الرئاسة عام 1982 عبر "الدبابات الإسرائيلية"، بينما انتخب الرئيس
عون من خلال بندقية المقاومة.
وليست هذه المرة الأولى التي يخرج فيها مسؤول
في حزب الله عن السياق العام الحزبي، زمانيا ومكانيا، لكنّ اللافت أن يُنزل مجلس
شورى الحزب عقوبة الإيقاف عن العمل السياسي بحقه بما فيها التصريحات لمدة عام وسط
تساؤلات عن الأسباب الحقيقية وخلفياتها.
وذهبت بعض وسائل الإعلام المحلية في لبنان إلى
الحديث عن خلافات داخلية بين قيادات حزب الله، غير أنّ المقربين من دائرة القرار
السياسي في الحزب ينفون ذلك، ويقرّون بتنوع الآراء داخل الأبواب المغلقة على أن
يكون القرار المتخذ ممثلا لجميع "المنتمين".
ويشير مقربون للحزب إلى أنّ تصريحات الموسوي
أصابت القيادة بسهام الإحراج أمام رئيس الجمهورية الذي أظهر استياءه وغضبه من تلك
المواقف الصادرة من نواب الحزب، كما أنّه طالب بتصحيح الخلل عبر الاعتذار أولا،
وهو ما قدمه بالفعل رئيس الكتلة محمد رعد في اليوم التالي من داخل المجلس النيابي.
تخفيف الضغط
و اعتبر السياسي المسيحي المعارض، النائب
السابق فارس سعيد، "الخطوة التي قام بها الحزب بأنّها تهدف للتخفيف من حدّة
الضغط الذي مارسه الشارع المسيحي عندما وقعت شتيمة بحق رمز من رموزه (الجميل) داخل
المجلس النيابي"، مضيفا: في تصريحات لـ"عربي21": "أدركت قيادة
حزب الله أنّ علاقاتهم مع الطرف المسيحي التي استثمر فيها طويلا ستتضرّر خصوصا بعد
التحرك الشعبي في عدد من أحياء بيروت".
ورأى سعيد أنّ حزب الله قادر على "افتعال
7 أيار جديدة (حادثة السيطرة على بيروت عسكريا في 2007)، في طريقه إلى السلطة غير
أنّه لا يحتاج إلى ذلك الخيار لأنه فعليا أحكم قبضته عليها، فارضا خياراته على
الجميع".
وحول تداعيات ما قاله النائب نواف الموسوي على
العلاقة بين حزب الله ورئيس الجمهورية، قال: "لا يقتصر ما وجهه النائب من
هجوم على رئيس أسبق بل تعدى ذلك إلى مرتبة خطيرة عندما تحدث عن أنّ الرئيس عون وصل
إلى قصر بعبدا من خلال بندقية المقاومة"، لافتا إلى أنّ الخطورة الكبيرة تكمن
في أنّ "بندقية حزب الله هي من تحسم الصراعات على المناصب الرسمية بما فيها
المنصب الأول في الجمهورية وليس عبر صناديق الاقتراع والتنافس الديمقراطي
الاعتيادي، و هذا الاعتراف يحمل دلالة خطيرة جدا".
وأضاف: "المعيار الذي وضعه حزب الله واضح
لجهة أن من يقترب من بندقيته يتقدم إلى السلطة ومن يبتعد عنها فإنه يقلّل من فرصته
من الحصول على مناصب في الدولة"، وحول نظرته إلى الحكومة الحالية، قال:
"هناك عدد من السياسيين وأنا منهم نعتبر أنّ الحكومة الحالية هي لحزب الله،
في حين تحاول قوى سياسية وازنة مشاركة فيها إقناعنا بأنّها حكومة كل لبنان"،
مردفا: "الحقيقة تؤشر إلى أنّها حكومة حزب الله بمشاركة بعض اللبنانيين".
وعن سبب إعلان حزب الله العقوبة بحق نائب في
كتلته خلافا للماضي، قال: "التوقيت بالنسبة لحزب الله حرج وأيضا لكون الحزب
بات في السلطة فعليا ولا بد أن ينقي علاقاته مع الجميع من دون أن يفتح معارك
جانبية، وفي الوقت عينه يحافظ على حدود اللياقة واللباقة مع مختلف الأطراف".
قرار تنظيمي
وفي رأي مغاير، أكد الكاتب والمحلل السياسي
قاسم قصير لـ"عربي21" أنّ "القرار الصادر بحق الموسوي تنظيمي حيث جاء بعد تلقي الأخير
تحذيرات من قيادته بعدم التحدث في هذا الإطار"، مشددا على أنّ "الإجراء
اتخذ بحقه لمخالفته التوجيهات والتنبيهات السابقة"، معتبرا أنّ "البعد
السياسي للموضوع جاء بفعل الظروف الحالية في الوقت الذي يعتبر ذلك تدبيرا طبيعيا
تمارسه مختلف الأحزاب السياسية".
ورفض قصير الحديث عن نجاح الضغط المسيحي في دفع
حزب الله إلى هذا الخيار بفعل إهانة الجميل، فقال: "ليس الأمر مرتبطا بما جاء
حول رئاسة بشير الجميل بل يتعلق بما قيل بخصوص رئيس الجمهورية وكيفية وصوله إلى
الرئاسة عبر بندقية المقاومة"، مشيرا إلى أنّ "الإشكالية تركزت مع
الرئيس عون حيث تشير مصادره إلى طلب الأخير من حزب الله تقديم الاعتذار وقد تمت
الاستجابة له في ظل حرص الحزب على تنقية الأجواء من الفتنة وتحصين الوضع الداخلي".
وقلّل قصير من أهمية الاتهامات التي تصنف
الحكومة بأنها تابعة لحزب الله، و أكد أن "الرئيس الحريري شارك بناء على شروط
قد فرضها، بينما استطاع حزب الله الحصول على بعض شروطه دون استكمالها، والأمر
ينطبق على مكونات الحكومة كافة"، معتبرا أنّ "مشاركة الحزب توازي
المشاركات الأخرى بناء على توافقات داخلية حيث لا يستطيع أحد فرض واقعه كاملا على
الآخرين وما يدلّل على ذلك تنوع الآراء داخل الحكومة ووجود تباينات حقيقية بين
أطرافها".