قالت صحيفة
الغارديان، إن مذكرة الاعتقال التي صدرت بحق رئيس وزراء
الاحتلال، بنيامين
نتنياهو، يوم الخميس، بتهمة ارتكاب
جرائم حرب، وصمة عار لن
يتمكن من تجاهلها.
وأوضحت في تقرير ترجمته
"عربي21" أن الجنائية التي طلبت اعتقال وزير الحرب السابق يواف غالانت
والقيادي العسكري لحماس، محمد الضيف هي "زالزال" سيثقل كاهل نتنياهو
ووزيره السابق مع مرور الوقت.
ولفتت إلى أن القرار زلزال
في المشهد العالمي، حيث يتم فيه ولأول مرة توجيه اتهامات لحليف غربي بارتكاب جرائم
حرب ومن مؤسسة قضائية دولية.
وقالت إن "القرار
سيترك أثرا، وعلى المدى القريب، في إسرائيل حيث سيحاول نتنياهو ويواف غالانت حشد
الدعم من الرأي العام الإسرائيلي المتحدي. ولكن على المدى البعيد، فضخامة
الاتهامات ضد نتنياهو وغالانت سيزداد ثقلها، وتقلص المساحة الدولية المفتوحة لهما.
فوصمة العار بأنك أصبحت متهما بارتكاب جرائم حرب، من الصعب محوها".
وأشارت إلى أن غرفة المحكمة أزالت اسم يحيى
السنوار، زعيم حماس الذي استشهد الشهر الماضي، ولكنها أبقت على اسم الضيف لأن
مقتله لم يتأكد بعد، ويظل هذا مجرد رسميات، فمن المؤكد ألا يقف أي من قادة حماس
المسؤولين عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أمام المحكمة.
وفي العالم كما يرى من
لاهاي، فإن موافقة قضاة المحكمة
الجنائية الدولية على أوامر الاعتقال ستغير إلى
الأبد مكانتها. وقد رفضت الولايات المتحدة، وهي ليست من الدول الموقعة على
ميثاق روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، أوامر الاعتقال، وقالت إنها ستنسق
مع شركائها، بمن فيها إسرائيل بشأن "الخطوات التالية".
اظهار أخبار متعلقة
كما وسيبتعد حلفاء
آخرون للاحتلال، مثل ألمانيا، لكنها ستكون لحظة صعبة لحكومة بريطانيا برئاسة كير
ستارمر، الذي يتمتع بخلفية في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي بحسب الصحيفة.
ومن المرجح أن تضغط
الولايات المتحدة على بريطانيا لرفض المصادقة على مذكرات الاعتقال، لكن هذا من
شأنه أن يلحق ضررا خطيرا بمصداقية بريطانيا في أماكن أخرى من العالم. وذكرت منظمة
أمنستي انترناشونال بأن "موقف بريطانيا كداعم حقيقي لحكم
القانون يتطلب الاتساق والإنصاف".
وفي حين لم يفعل مجلس
الأمن في الأمم المتحدة إلا القليل لتخفيف حدة الحرب في
غزة ومعاناة المدنيين
هناك، فسينظر إلى المحكمة الجنائية وبشكل واسع، وبخاصة في عالم الجنوب باعتبارها
مدافعا أكثر فعالية عن ميثاق الأمم المتحدة. والسؤال المطروح على أوروبا على وجه
الخصوص، هو ما إذا كان ينبغي لها أن تتعامل مع نتنياهو بناء على شروطه.
وقد أشار المجلس الأوروبي
للعلاقات الخارجية إلى سابقة، ففي الوقت الذي كان فيه الرئيس الكيني السابق أوهورو
كينياتا موضوع مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، تبنى المسؤولون
الأوروبيون سياسة تجنب الاتصال غير الضروري به.
وتعلق إيفا فوكوشيتش،
الأستاذة المساعدة في التاريخ الدولي بجامعة أوتريخت: "أن هذه المجموعة من
أوامر الاعتقال رائدة لأنها، وللمرة الأولى في حالة إسرائيل، تطال حليفا قريبا
للدول الغربية الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والتي كانت حتى الآن معفاة تقريبا
من التدقيق القضائي الدولي". مضيفة أن "الكثيرين يعتبرون إسرائيل
ديمقراطية فعالة بنظام قضائي قوي وحليفة قوية للغرب ولم نشهد أي مذكرة
اعتقال كهذه".
ولفتت الصحيفة إلى أن
الأمر الوحيد الذي ستتركه المذكرة لاعتقال نتنياهو أنها لن تطيح به أو تضعفه. وهذا
أمر حيوي، ذلك أن المراقبين يعتقدون أن الحرب في غزة ستظل مستمرة طالما بقي في
السلطة.
وقالت داليا شيندلين،
الخبيرة الإسرائيلية في الرأي العام الدولي إن المذكرة "ستقوي
نتنياهو"، مضيفة "أن الإسرائيليين مقتنعون تماما بأن النظام الدولي بشكل
عام موجود في الأساس لاستهداف إسرائيل وعزلها بشكل غير عادل. وهذا النوع من المشاعر
يتسرب في كل المجالات في المجتمع اليهودي".
مما يعني أن قلة منهم
ترى في مذكرات الاعتقال دليلا على أن نتنياهو يعمل على إضعاف إسرائيل ويحولها
لدولة منبوذة، بل ويتوقف نقاده ومعارضوه عن انتقاداتهم له ويرفضون محكمة أجنبية واختصاصها في النظر بشؤونهم.
وعلى المدى القريب،
وعندما تحل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في تشرين الأول/أكتوبر 2026، فلن يتغير
أي شيء على مواقف الناخبين، إلا أن الوصمة سيظهر أثرها في السنوات والعقود
المقبلة. فهناك قائمة طويلة من الدول التي لن يتمكن لا نتنياهو أو غالانت من
زيارتها.
ومع أن روسيا والصين
والولايات المتحدة هي دول لم توقع على ميثاق الجنائية الدولية، فإن أي زيارة
لنتنياهو إلى واشنطن ستكون محرجة في الوقت الحالي. وربما لن تحدث فرقا لدى الإدارة
المقبلة لدونالد ترامب.
وقالت فوكوشيتش:
"تلعب المحكمة الجنائية الدولية لعبة طويلة الأمد. بمجرد إصدار مذكرات
الاعتقال فهي تتبعك إلى حد كبير حتى تموت. مثلا، إذا ذهب نتنياهو مرة أخرى إلى
الولايات المتحدة للتحدث إلى الكونغرس بعد إصدار مذكرات الاعتقال، فإن هذا على
الأقل يحرج الولايات المتحدة بشكل كبير ويجعل نفاقها واضحا جدا".