هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أمريكا ودول أوروبية تلمح الآن بأن الجيش قد ينقلب على السيسي
شخصيات غربية بعثت مؤخرا رسائل للجيش المصري لتغيير الأوضاع القائمة
لا أحد في أوروبا يخفي استياءه من ممارسات السيسي وهناك رغبة غربية للتخلص من تبعات نظامه
أوروبا تركت للجيش فرصة التقدم ببديل للسيسي.. وتعديل الدستور يتم بشكل مسرحي مخز
الحكومات المستبدة تقدم نفسها على أنها الصديق الوحيد للغرب وأن شعوبها عبارة عن همج وقتلة
كشف
رئيس الاتحاد الوطني للأطباء الفيدراليين في فرنسا والحقوقي الدولي، فرانسوا دوروش،
أن أمريكا وبعض الدول الأوربية تُلمح حاليا بأن الجيش المصري قد ينقلب على رئيس النظام
عبدالفتاح السيسي خلال الفترة المقبلة، لإنهاء ما وصفه بالتخبط والفشل والفاشية الذي
صار سمة أساسية من سمات نظام السيسي الفردي السلطوي التعسفي.
وأشار،
في الحلقة الثانية من مقابلته الخاصة مع "عربي21"، إلى أن "أوروبا تركت
للمصريين وخاصة للجيش فرصة التقدم ببديل للسيسي"، مؤكدا أنه "لا أحد في أوروبا
يخفي استياءه من ممارسات السيسي؛ فهناك رغبة غربية للتخلص من تبعات هذا النظام المتخبط".
وأكد
أن "هناك بعض الشخصيات الغربية (رفض الإفصاح عن هويتها) بعثت مؤخرا رسائل للجيش
المصري مفادها أنه ينبغي عليه القيام بمهامه لنقل مصر من هذه المرحلة العبثية إلى مرحلة
تضمن لأوروبا شراكة مصرية معتدلة وغير مبنية على هذا القتل والاعتقال والتغييب القسري
خارج نطاق القانون المصري والدولي".
وفيما
يلي نص الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة:
كيف
كانت تنظر فرنسا لحكم الرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الإخوان خلال فترة حكمه القصيرة؟
فرنسا
كشعب لم يتوفر لها التعرف بشكل كاف على فترة حكم الرئيس مرسي إلا من خلال المشاكل والأزمات
المُفتعلة، والتي عرفنا جميعا بعدها أنها كانت تُدار من خلال طرف ثالث أراد أن يُصور
لفرنسا والعالم أن مرسي والإخوان نظام فاشل في إدارة حكم البلد وعجز عن توفير الخدمات
للناس.
وليس
هذا فقط، ولكن كذلك قدموا لنا فزاعة أن الإخوان جاءوا ليقضوا على إسرائيل، وأنهم سوف
يعيدون حلم الخلافة ويهددون أوروبا بالدمار والمد الإسلامي الذي يخاف منه الكثير في
فرنسا وأوروبا.
لذا،
كانت صورة مرسي مشوشة من خلال أولا قصر فترة حكمة ثم الحملات التشهيرية التي قام بها
الطرف الثالث والدول التي دعمته لتدمير صورته وحكمه في عيون المواطن المسيحي الغربي.
وكيف
ترى فرنسا وأوروبا المعارضة المصرية الآن؟
مع الأسف
لا توجد معارضة مصرية موحدة حتى الآن. ويبدو أن كثيرا من الناس قد غلبت عليها المصلحة
الخاصة وقدموها فوق المصلحة العامة والوطنية. ونحن نسمع في فرنسا والإعلام بشكل شبه
يومي عن مبادرات من بعض الفئات والكوادر التي تُحسب على المعارضة المصرية، وأنا شخصيا
أرى في تلك المبادرات تضييعا لثوابت وحقوق الشعب المصري.
هل الإشكالية
في غياب البديل للسيسي المقبول لدى الغرب كي يرفع يده عنه؟
نحن
الآن في أوروبا والغرب صار عندنا مشكلة. هناك دول دعمت الانقلاب في مصر وسوقت له في
الغرب على أنه البديل والمخلص من حكم الإخوان وما يترتب عليه من تهديد لإسرائيل والغرب.
لكن لا أحد في أوروبا يخفي استياءه من ممارسات السيسي، وإذا تكلمت أنت مع أي من القادة
الغربيين سوف تجدهم ينأون بأنفسهم عن عمليات الإعدام التعسفية التي تحدث في مصر.
ومما
يبدو مؤخرا أن أمريكا وبعض الدول الأوربية التي كانت تعطي غطاءً للسيسي صارت تلمح له
الآن بأن الجيش الذي قام بالانقلاب على مرسي قد ينقلب عليه هو الآخر خلال الفترة المقبلة،
لأن الجيش يقدم نفسه مُجددا على أنه الشريك المناسب لأوروبا والغرب، وقد يتقدم لحل
الأزمة الحقوقية والاقتصادية والسياسية، وينهي التخبط والفاشية والفشل الذي صار سمة
أساسية من سمات نظام السيسي الفردي السلطوي التعسفي.
وأنا
أعتقد أن أوروبا في غياب دور الدول الخليجية الداعمة للانقلاب تركت للمصريين وخاصة
للجيش فرصة التقدم ببديل للسيسي.
ولذا،
رأينا السيسي في زيارته الخارجية الأخيرة يعود ليذكر الأوروبيين والغربيين بأخطار ما
سماه هو بالإرهاب الإسلامي وحذر الأوروبيين من المصلين المسلمين في مساجد أوروبا. هو
رجع ليذكر الذين تململوا من ممارساته أنه هو صمام الأمان لهم ولأوروبا وإلا سوف تحدث
التفجيرات التي تحدث في مصر.
ورأينا
في نفس أسبوع سفره للخارج قيام عمليات تفجير في نطاق الأزهر الشريف في مصر وكذلك قتل
جنود مصريين في سيناء.
وأؤكد
لكم أن هناك رغبة أوروبية وغربية للتخلص من تبعات هذا النظام المتخبط، ولكن لا يبدو
أنه هناك تصور موضوعي للبديل المدني، ولذا بعثت بعض الشخصيات الغربية للجيش المصري
مؤخرا برسائل مفادها أنه ينبغي عليه القيام بمهامه لنقل مصر من هذه المرحلة العبثية
إلى مرحلة تضمن لأوروبا شراكة مصرية معتدلة وغير مبنية على هذا القتل والاعتقال والتغييب
القسري خارج نطاق القانون المصري والدولي.
لماذا
ترى أن مصر أصبحت صندوق قمامة لفرنسا وأوروبا؟
أنا
لا أرى هذا، لأن لمصر صورة جميلة ورومانسية في عقول وقلوب الكثير من الناس في أوروبا.
ولكن إن كنت تقصد الكلام عن الصفقات المشبوهة التي يتمها النظام الانقلابي في مصر لمساعدة
بعض الشركات والمشاريع الفاشلة فهذا ليس ذنب أوروبا وفرنسا، ولكنه التصرف الوحيد الذي
يراه نظام السيسي مناسبا للتعامل مع الغرب.
أعطيك
مثالا: إذا ذهبت أنت إلى السوق لشراء الطماطم ورأيت الكثير من ثمار الطماطم قد فسدت
ويريد البائع أن يلقيها في القمامة فقلت له أنا سوف أشتريها. الرجل لن يغضب منك ولن
يقول لك خذ الطماطم الجيدة. الرجل ينظر إلى مكسبه ومصلحته الشخصية. وعلى هذا الأساس
إذا جاء نظام السيسي لشراء تقنيات متقدمة تبيعها فرنسا وأوروبا إلى جميع دول العالم
فهذا لن يعطيه صورة المنقذ والمخلص التي يسوق نفسه بها في أوروبا. ولكنه عندما يذهب
لشراء الطماطم الفاسدة فإن كل التجار سوف يحبونه.
وبكل
تأكيد مصر سوف تمر من هذه المرحلة وتعود شريكا جيدا لأوروبا والعالم وتكون منارة للفكر
والمعرفة كما كانت منذ سبعة آلاف سنة وإلى الآن.
السيسي
يسعى لتعديل الدستور من أجل البقاء في منصبه مدى الحياة.. كيف تتابعون هذه القضية؟
هذه
القضية تتم بشكل مسرحي مخز. هذا رجل متخبط قام بإلغاء الدستور الذي توافق عليه الشعب
المصري وصوتوا عليه ووضع دستورا كما ادعى لتفادي المشاكل التي كانت في دستور الإخوان،
كما كانوا يسمونه. ولكنه يريد الآن أن يعدله ليضمن لنفسه بقاءً في الكرسي مدى الحياة
وفي هذا مخالفة صريحة لنصوص الدستور الذي وضعه السيسي نفسه.
نحن
لا نرى فائدة لمثل هذه التعديلات، والغرب كذلك يعلم أن الدستور ليس هو من جاء بالسيسي،
ولكن هناك إرادة لقمع المواطن البسيط واستمرارية سياسة خاطئة. مع الأسف أن أوروبا والغرب
قد سمّنت وحشا وصار من الصعب عليهم التحكم فيه وفي ميوله السادية. ولذا بدأ بعض السياسيين
الغربين ممن دعموا الانقلاب في التوجه مباشرة ومن خلال الإعلام إلى الجيش المصري مطالبين
إياه بأن يقوم بواجبه في تصحيح الوضع الكارثي في مصر.
وهل
فرنسا أعطت السيسي الضوء الأخضر لتعديل الدستور والبقاء في الحكم للأبد؟
لا أعتقد
أن فرنسا يمكنها القيام بهذا. فرنسا بشكل عام غير راضية عن ممارسات السيسي ورأينا في
زيارة الرئيس ماكرون الأخيرة إلى مصر أنه متضايق من كثير من ممارسات السيسي ويريده
أن يبدلها. ولكنه لم ير منه سواء الاستمرار في تمثيل دور المخلص والمنقذ.
ولقد
تابعنا جميعا ما قاله السيسي لماكرون من أن الديمقراطية الغربية لا تصلح لمصر، وأن
ما لديكم من حقوق وواجبات لا يمكن إحداثها في مصر وكلام كثير مما يوحي بالنظرة الدونية
للسيسي إلى المواطن المصري، وأنه يرى نفسه في صورة فرعون أو إله يقرر لنفسه ولشعبه
حتى صار من الصعب لمن تحالفوا معه في السابق أن يستمروا في دعمه.
نحن
فعلا نرى أن الكثير من الدول الغربية إما أنها ترفع الغطاء عن السيسي أو يجدون أنفسهم
في موقف محرج فإن الرجل الذي قدم لشراء الطماطم الفاسدة صار اليوم يتفاخر بأنه الوحيد
القادر على إنجاز كل صفقاتهم المخجلة.
ويحضرني
هنا قول الدكتور الشيخ علي القرة داغي عندما قال في تغريدة له على تويتر:" قام
فرعون مصر القديم بقتل كل المواليد الذكور خوفا من زوال مُلكه على يد أحدهم. وها هو
فرعون مصر الجديد يقتل خيرة شباب مصر خوفا من زوال ملكه. زال مُلك فرعون القديم وهلك
وجعله الله عِبرة ليوم القيامة. وسيزول مُلك فرعون مصر الجديد وسينتصر الحق ولو بعد
حين".
لكن
لماذا يُصر الغرب على دعم المستبدين في المنطقة؟
نحن
في الغرب لا نفرق بين حقوق الإنسان في بلادنا وتلك التي يجب أن يتمتع بها الناس في
جميع أنحاء العالم. بعض الحكومات المستبدة تقدم نفسها على أنها الصديق الوحيد للغرب،
وأن شعوبها عبارة عن وحوش وهمج وقتلة، وأنه يجب على الغرب دعم تلك الحكومات كي تأمن
على أنفسها وحياة أولادها.
إذا
جاءك من يقول لك أن وراء هذا الجدار مجرمون سوف يقتلون أطفالك وأنه هو الوحيد القادر
على حمايتك، ماذا ستفعل؟ أنت يهمك في المقام الأول تأمين الحماية لأولادك ومن تعول.
ولذا،
نحن كمنظمات مجتمع مدني وحقوق إنسان نتكلم دائما ونحاول الكشف عن زيف هذه الادعاءات،
وأنه لا يوجد صراع ولا تصادم بين الإسلام والغرب، وأن الخطر الحقيقي لا يجلبه أولئك
الشباب الصغار الذين قتلهم السيسي بدم بارد ومنهم طالب كان يقدم امتحانات السنة الأخيرة
في كلية الهندسة. ولكن الخطر الحقيقي هو الأنظمة التي تأتي لتبيع لنا الوهم وهدفهم
تأمين أنفسهم؛ فهؤلاء لا تهمهم أوروبا ولا يهمهم المواطن العربي البسيط، ولكن يهمهم
كرسيهم وكروشهم المنتفخة.
هل دعم
المستبدين في المنطقة قد يكون له عواقب وخيمة مستقبلا على الغرب؟
الغرب
لا يدعم بشكل مباشر أي نظام استبدادي وقمعي، ولكن هناك حقائق تقدم لصناع القرار في
الغرب ويرون أنه من مصلحة حكوماتهم وناخبيهم أن ينظروا إليها بعين الاعتبار. ونحن بدورنا
نكشف هذه الحقائق على أنها زائفة، وأن من يقدمها هو مجرد رجل محتال أو مجموعة من اللصوص
قد سرقوا مقدرات شعوبهم، وبالتالي هم يستخدمون القوة الغربية لدعم وتمكين كراسيهم.
نحن
في الغرب نؤمن بالشراكات. ولذا كمواطنين ونشطاء سياسيين نحن نتكلم إلى المعارضة المصرية
والمضطهدين العرب وندعوهم إلى بذل المزيد من الجهد لإيصال صوتهم وصوتنا وصوت المقهورين
كي لا تكون قصة وحكاية المستبد هي القصة الوحيدة المسموعة.
ما هو
الموقف الغربي من الحراك الذي يحدث حاليا في الجزائر والسودان؟
ما قلناه
عن الأنظمة العربية ينسحب على الجزائر والسودان، فكما تعلمون أن هناك قوى سياسية تستخدم
أساليب قمعية لتمرير فترة خامسة لرجل أقل ما يقال في حقه أنه يحتاج إلى التقاعد والابتعاد
تماما عن الحياة السياسية، فهو يجعل المراقب ينظر إلى الجزائر على أنها بلد انعدم من
القيادات والمؤهلات ولم يعد فيها من يصلح لإدارة دفة الحكم سواء عن طريق الانتخابات
أو السيطرة العسكرية، وإلا ما سر التمسك برجل مريض للغاية وغير قادر على التواصل مع
محيطة القريب، فضلا عن شعبه والعالم الخارجي.
وواضح
أن الشعب الجزائري بات يرفض ما تفرضه عليه الجوقة المحيطة بالرئيس المريض ويحاولون
الخروج على وصاية الجيش الذي اعتقد أن الربيع العربي بعيد عن بلده خاصة بعد شتاء دام
رهيب استمر حقبا بعد نجاح الإسلاميين في الوصول إلى الحكم.
أما
بالنسبة للوضع في السودان فهو شائك؛ لأن البشير في وضع حساس لأنه مطلوب دوليا بجرائم
حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهو يريد السيطرة على السودان، كما فعل السيسي في مصر، ولذا
هناك تقارب غريب بين عدويين كانا منذ فترة قصيرة يهددون بعضهم كما الصبية في الحارة،
ورأينا أن السودان كان يهدد بأخذ قضية حلايب وشلاتين إلى التقاضي الدولي.
واليوم
نرى زيارات من البشير إلى سوريا ومصر لتأييد النظام هناك ولحثهم على الوقوف إلى جانبه
ونحن لا نستبعد وجود عامل المال الخليجي في هذه اللعبة فأي حراك شعبي سواء في الجزائر
أو السودان أو أي بلد عربي يقلق أصاحب السمو والمعالي في الخليج، لأنهم يخافون من شرارة
قد تصل إلى أراضيهم التي صارت أشبه بكومة القش، والتي تنتظر أقل شرارة لتلتهب.
وما
هي رؤيتكم لوعود الرئيس السوداني عمر البشير بالإصلاح والتغيير؟
البشير
يعد بإصلاحات ثم يتراجع عنها، وأي إصلاحات تلك التي يتكلم عنها، وهو الذي جاء بانقلاب
عسكري ومزق السودان وضيّع الجنوب. نحن ننظر إلى نظام البشير فنرى مستقبل الانقلاب في
مصر بعد ثلاثين عاما من الترهل والفساد والقمع.
لكن
هل يستمر الشارع السوداني في الحراك حتى يحدث التغيير؟
هناك
تعويل على الشباب والمعارضة التي تقدم خطوة وتأخر خطوة؛ فهم يأملون أن يستمر البشير
بالتعاطي السلمي معهم إلا أننا نراهم يتراجعون كلما حدث مواجهة دامية أو سقط ضحايا.
اقرأ أيضا: فرانسوا دوروش: أنظمة العرب تدفع للغرب ثمن بقائها في الحكم