هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فجر الإهمال الطبي المتعمد الذي يتعرض له القيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي داخل محبسه، ملف الخدمة الصحية التي يتلقاها المعتقلون بالسجون المصرية، حيث تزامن مع تدهور حالة البلتاجي، وفاة اثنين من المعتقلين، بيوم واحد، ولكن بسجنين مختلفين نتيجة الإهمال الطبي.
ووفقا لمركز الشهاب لحقوق الإنسان، فقد فارق الحياة،
المعتقل أحمد عبد العزيز عبد الغني الكومي، الاثنين الماضي، بعد تعرضه لغيبوبة
كبدية، أدت لنقله لمستشفى دمنهور العام بمحافظة البحيرة، في محاولة لإنقاذه، ولكنه
فارق الحياة.
وأكد أهالي الكومي أن "السلطات رفضت طلباتهم
بنقله للعلاج خارج السجن، لغياب الرعاية الصحية التي يحتاجها منذ اعتقاله في 15 أيار/
مايو 2015، رغم أنه لم يكن يتبقى على انتهاء مدة عقوبته إلا شهر واحد".
وفي السياق ذاته، تلقت أسرة المعتقل عبدالرحمن
الوكيل، خبر وفاته، داخل محبسه بمركز شرطة بلبيس بمحافظة الشرقية، بعد تدهور حالته
الصحية داخل مكان احتجازه، ورفض السلطات نقله للعلاج في المستشفى تحت حراسة
الشرطة، لعدم وجود أي رعاية في مركز الشرطة الذي كان معتقلا به.
اقرأ أيضا: البرادعي يعلق على تدهور صحة البلتاجي في السجن
وتشير إحصائية حديثة لمركز عدالة للحقوق والحريات،
إلى أن أكثر من 60 حالة وفاة جرت للمعتقلين، داخل السجون خلال الفترة من 2016 وحتى
2018، بسبب الإهمال الطبي، منهم 17 حالة بسجن العقرب المتواجد به البلتاجي ومعظم
قيادات الإخوان، و11 حالة بباقي سجون منطقة طرة.
ولم تدرج الإحصائية عدد الذين فارقوا الحياة نتيجة
الإهمال الطبي في مراكز الاحتجاز الموجودة بأقسام الشرطة، ومراكز التجمعات التي لا
تخضع لمسؤولية مصلحة السجون، وإنما لإدارة قطاعي الأمن العام والأمن المركزي
بوزارة الداخلية.
شاهد عيان
وفي شهادة حصلت عليها "عربي21" من
المعتقل السابق أشرف سعيد، فإن الخدمة الصحية بالسجون سيئة للغاية، مضيفا أنه تعرض
لأزمة صحية داخل محبسه بأحد سجون طرة، ولم يجد رعاية صحية داخل السجن، لاقتصارها
على عيادة فقيرة ليس بها سوي "ممرض ميري"، وبعض المسكنات.
ويضيف المعتقل السابق، أن حالته الصحية تدهورت،
وبدأت أعراض مرض الكبد تظهر على جسده، ما دفع بالطبيب الاستشاري الذي يزور العيادة
مرة أسبوعيا، لتحويله لمستشفى المنيل الجامعي لإجراء أشعة وفحوصات، ولكن إدارة
السجن رفضت تنفيذ التوصية بحجة الدواعي الأمنية.
ويؤكد سعيد أنه بعد تدهور صحته لجأ إلى الإضراب عن
الطعام والشراب، لإجبار إدارة السجن على نقله للعلاج في المستشفى، وهو ما لم يحدث
إلا بعد دخوله في غيبوبة مؤقتة، تم نقله بعدها لمستشفى سجن ليمان طرة، والذي يعد
مستشفى مركزي يقدم الخدمة الطبية لنزلاء مجمع سجون طرة وعددها 9 سجون، بالإضافة
لمجمع سجون وادي النطرون بمحافظة البحيرة، ومجمع سجون أبو زعبل بمحافظة القليوبية
وباقي السجون الموجودة في نطاق محافظتي القاهرة والجيزة.
وحول الخدمة الموجودة بالمستشفى يقول سعيد: "هي
قريبة للمستشفيات الملحقة بالمساجد والجمعيات الخيرية، والتي ليس بها غرف عمليات،
أو أسرة تكفي لكل المرضى المتواجدين، ولكنها أرحم بكثير من العيادات الفقيرة
الموجودة داخل السجون".
زيادة يومية
من جانبه، يؤكد المحامي ورئيس اللجنة القانونية بحزب
الحرية والعدالة مختار العشري لـ"عربي21" أن قائمة انتظار الموت داخل
المعتقلات المصرية تزداد كل يوم نتيجة تعمد الإهمال الطبي، وغياب الرعاية الصحية
للمعتقلين، والسجناء بشكل عام.
ويوضح العشري أنهم يتلقون يوميا عشرات الاستغاثات من
أسر المعتقلين، ومن مختلف الفئات العمرية، ومن كل السجون على مستوى الجمهورية عن
تدهور حالتهم الصحية، وإصرار إدارات السجون على عدم تقديم الخدمة الطبية اللازمة،
متحججين بأن الإجراءات الإدارية لا تسمح بنقلهم لتقي العلاج خارج السجون.
اقرأ أيضا: زوجة البلتاجي تتحدث لـ "عربي21" عن تدهور صحته وتعسف القاضي
ويضيف العشري أن "مستشفى المنيل الجامعي بالقصر
العيني، بها عنبر كامل مخصص للسجناء، يتم فيه تقديم الخدمة العلاجية للمساجين
بمقابل مالي يدفعه السجين، وهو العنبر الذي كان بمثابة الرئة التي يتنفس من خلالها
السجناء، ولكن في السنوات الأخيرة، فإن تلقي العلاج في هذه العنبر بالنسبة
للمعتقلين السياسيين، أصبح من المحرمات والمستحيلات، في ظل سياسة الانقلاب بعزل
المعتقلين عن العالم الخارجي، وخاصة قيادات الإخوان".
أداة للموت
ويصف المحامي والحقوقي أحمد عبد الباقي لـ"عربي21"
الخدمة الصحية بالسجون، بأنها أصبحت أحد أدوات الموت البطيء الذي تستخدمه السلطات
المصرية ضد رافضي الانقلاب العسكري، موضحا أن حالة الدكتور البلتاجي، ليست الوحيدة
بين المعتقلين، حيث سبق وأن فقد الكاتب الصحفي هشام جعفر الرؤية بإحدى عينيه، لرفض
إدارة سجن العقرب إجراء الجراحة التي أوصي بها أطباء السجن لإنقاذ عينه.
ويضيف عبد الباقي أن "قانون مانديلا، وباقي
المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، تلزم السلطات بفصل الخدمة الصحية عن وزارتي
العدل والداخلية، ونقل تبعيتها لوزارة الصحة، ولكن هذا لا يحدث بمصر، التي ترفض
حتى أن تكون هناك رقابة من النيابة العامة على المستشفيات والسجون، ما يجعل
الإفلات من العقاب في حالة الإهمال أمرا طبيعيا للمتورطين في عمليات القتل البطيء".