نشرت مجلة "
لوبوان" الفرنسية
مدونة للكاتب والمؤرخ أنطوان كوبولاني، تطرق فيها إلى التفاصيل المتعلقة بالتطور المفاجئ
الذي شهدته
العلاقات الدبلوماسية بين
إسرائيل والمملكة العربية
السعودية خلال السنوات
الأخيرة.
وقال الكاتب، في مدونته التي ترجمتها
"
عربي21"، إنه بفضل الاتفاق النووي
الإيراني الذي يعود تاريخه إلى شهر تموز/
يوليو 2015، تمكن باراك أوباما من إرساء سلام نسبي بين إسرائيل ودول الخليج السنية.
وعموما، لا يتمثل السبب الذي جعل أوباما أهلا للحصول على جائزة نوبل للسلام في إبرامه
لهذا الاتفاق الذي تعرض لانتقادات لاذعة بسبب آثاره الضارة على كل من القدس والرياض،
وإنما في نجاحه في التقريب بين إسرائيل والسعودية.
وبيّن الكاتب أن إسرائيل اليوم باتت أقل
إثارة للجدل في العالم العربي من أي وقت مضى. وإذا لم تصح هذه الملاحظة في الشارع العربي،
فإنها جلية ومثبتة في القنصليات. وفي الواقع، تساعد ثلاثة تطورات رئيسية على تفسير
هذه الظاهرة. ويتمثل التطور الأول في حقيقة أن إسرائيل ليست دولة مستقلة في مجال الطاقة
فحسب وإنما دولة مصدرة من الآن فصاعدا.
وأضاف الكاتب أن العقود الموقعة مع الأردن
ومصر سنة 2016 ثم سنة 2017، بقيمة تعادل 10 و15 مليار دولار، للحصول على الغاز من حقول
غاز تمر وليفياثان قد غيرت الوضع في الشرق الأوسط بشكل كبير. أما التطور المهم الثاني،
فيتمثل في شروع إسرائيل في تطبيق سياسة تعاون مع الأعضاء العرب في مجلس التعاون الخليجي
في مجال الأمن وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
ومن جهته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنفسه أنه، باستثناء إيران، فإن إسرائيل لديها علاقات مع "جميع الدول التي لا
تعترف بها"، وهذا بسبب احتياجاتها في القطاعات الاقتصادية وخاصة في الخبرة في
المجال الأمني".
وأورد الكاتب أن آثار هذا الوفاق النسبي
بدت محسوسة، ذلك أن غياب المواجهات أو حتى الاحتجاجات التي كانت إسرائيل تخشاها من نقل
السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس لم يكن أمرا اعتباطيا. إلى جانب ذلك، تغير
التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وفي الحقيقة، لا تبحث إدارة ترامب عن خطوة
تطبيق "صفقة القرن"، التي تم الإعلان عنها وسط ضجة هائلة، وإنما تبحث عن
تهميش هذا الصراع الذي لم يعد من الضروري أن يظل مصدر إزعاج يحول دون تحقيق أغراض استراتيجية.
وأشار الكاتب إلى أن أهداف هذه الخطوة تتمحور
أساسا حول إضعاف إيران، وهذه الغاية تندرج ضمن أبرز أركان الاستراتيجية الأمريكية في
الشرق الأوسط. ومن خلال الاستفادة من "الحرب الباردة الجديدة" بين المملكة
العربية السعودية وإيران، يسعى دونالد ترامب إلى تشكيل تحالف غير رسمي بين دول الخليج
السنية وإسرائيل وتحالف آخر غير رسمي بين دول الخليج السنية، ويتعلق الأمر بمشروع إنشاء
تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط.
ونوه الكاتب بأن القضية الفلسطينية تظل، من ناحية أولى، عامل انقسام بين الدول السنية، بغض النظر عن التقارب الواضح بين
المملكة العربية السعودية وإسرائيل. ومن ناحية أخرى، تعد هذه القضية عامل وحدة داخل
العالم الشيعي. ويظل هذا الملف عنصرًا رئيسيًا في الحرب الباردة الجديدة التي تدور
في الخليج بين الدول السنية وإيران.
وبين الكاتب أنه في السنوات الأخيرة، وخاصة
منذ سنة 2015، تعزز "محور المقاومة الشيعية" الذي يمتد من إيران إلى لبنان،
مرورا بالعراق وسوريا بشكل كبير. ويعتبر "محور المقاومة" امتدادا لطرق حرير
جديدة، لا سيما بسبب الدور الحاسم الذي قد يلعبه المستثمرون الصينيون في إعادة إعمار
سوريا في المستقبل.
وأكد الكاتب أن الوضع الجغرافي السياسي
يميل منذ سنة 2015 لصالح ترجيح كفة إيران. ففي اليمن مثلا، وبسبب دعمه للحوثيين أضعف
هذا المحور المملكة العربية السعودية على الجهة الجنوبية من البلاد. وإلى حدود ربيع
سنة 2017، لم يمكن من الممكن تصور ظهور محور إيراني نافذ في بلاد الشام. ولكن تمكن
الإيرانيون من تثبيت ممر بري يربط بلادهم بالبحر الأبيض المتوسط، عبر العراق وسوريا،
وصولا إلى لبنان.
وفي الختام، أشار الكاتب إلى أن التواجد
الإيراني في سوريا، المدعوم من طرف التدخل الروسي، يزعج الإسرائيليين الذين قاموا بوضع
أربعة خطوط حمراء تتمثل في رفض تواجد إيران
بشكل دائم في سوريا، ورفض تنفيذ عمليات إيرانية من سوريا ضد إسرائيل، وعدم القبول بنقل
التكنولوجيا العسكرية من سوريا إلى لبنان، وصنع أسلحة في لبنان. كما يزعج هذا الحضور
السعوديين، خوفًا من أن تحاصرهم "إمبراطورية فارسية جديدة"، خاصة في ظل تواجد
"محور المقاومة الشيعية" في الشمال والتأثير القوي في حرب اليمن في الجنوب.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)