هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خلت جميع شوارع المدن المصرية من وجود أي لافتات بـ"لا" للتعديلات الدستورية، على الرغم من معارضة كثير من المصريين على المستويين الشعبي والسياسي لها.
في المقابل انتشرت لافتات "نعم" في جميع الشوارع بشكل مكثف، ورصد مراسل "عربي21" حملة حكومية موسعة لإزالة كافة الإعلانات الخاصة بالمواطنين تمهيدا لوضع لافتات "نعم" مكانها.
وأكد سياسيون وخبراء مصريون لـ"عربي21" أن ما يحدث يتناقض تماما مع أول استفتاء عقب ثورة 25 يناير، وهو استفتاء 19 آذار/ مارس 2011 الذي رسم ملامح المرحلة الانتقالية، حيث كان المجال العام مفتوحا لجميع الأحزاب والحركات السياسية للتعبير عن رأيها بكل أريحية وحرية.
واستهجن المحللون، إغلاق جميع المنافذ أمام المواطنيين للتعبير عن رأيهم، معتبرين أن ما يحدث هو ترهيب، ولا يترك لهم حرية الاختيار بين "نعم" أو "لا" بتصدير وجهة نظر النظام فقط.
حجب وحظر
في غضون ذلك؛ حجبت سلطات النظام العديد من المواقع الإلكترونية، ما بين إخبارية وحقوقية وتوعوية، بالتزامن مع استعدادات السلطات للاستفتاء على تعديلات الدستور.
وكشفت مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة أهلية مستقلة)، الثلاثاء، ارتفاع عدد المواقع المحجوبة إلى 513 موقعا على الأقل.
اقرأ أيضا: "حملة باطل" تتخطى 100 ألف توقيع مصري في يومين رغم الحجب
كما حجبت سلطات النظام المصري، موقع الاستفتاء الذي أطلقته حملة باطل، بعد 13 ساعة من تدشينه، تمكن خلالها من استقطاب أكثر من 60 ألفا من المصريين الذين أدلوا بأصواتهم في الحملة، وأعلنوا رفضهم للتعديلات الدستورية.
وأعلنت حملة "باطل"، بعد حجب موقعها الرسمي في مصر، عن تدشين عدد من المنصات البديلة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتسهيل عملية تصويت المصريين برفض التعديلات الدستورية، المزمع الاستفتاء عليها نهاية الشهر الجاري.
طريق "نعم" فقط
وعلق النائب السابق، والسياسي المصري، صابر أبو الفتوح، بالقول إن "أي محاولة لإجبار المصريين للتواجد أمام اللجان هو من باب مشاركة الخائن المنقلب (السيسي) لاغتصاب ما تبقى من ثروة المصريين"، مشيرا إلى أنه "تجاوز وصف الحاكم الديكتاتور فهو منقلب وخائن وقاتل"، على حد قوله.
وأكد لـ"عربي21" أن "كل اللافتات التي يعلقها المواطنون بـ"نعم" سواء من أصحاب المحلات أو الشركات أو المصانع أو غيرهم، تحدث تحت التهديد والوعيد، وفرض الإتاوات"، لافتا إلى أنه "لن يكون هناك فى مصر حياة سياسية سليمة طالما بقي السيسي مستوليا على الحكم".
واعتبر أنه "لا مجال للمقارنة بين استفتاء 19 مارس وبين ما يفعله هذا المنقلب، وأن المقارنة بين أجواء ماقبل الانقلاب وبعده هي من باب إضفاء الشرعية لهذا الكيان الانقلابي".
ورأى أبو الفتوح أن "مصر تعيش حاله من التيه والضياع غير مسبوق، وتعيش مناخ الرأى الأوحد للأجهزة العسكرية، التى تسيطر على الإعلام، الاقتصاد، المساجد، والشارع، فيما تقع مصر فريسة للديون الكبيرة، وللنظام الصهيوني العالمي".
19 مارس.. وعبق الثورة
ويقول الخبير الإعلامي، حازم غراب، لـ"عربي21": إن "الانقلابات تزيل كلمة "لا" من قاموس الشعوب، ولا يوجد إلا "نعم" في عقلها".
مضيفا أن "من شهدوا مذابح الانقلاب من عامة الناس قرروا النأي بأنفسهم ولسان حالهم: يكفينا أضعف الإيمان، (ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها). الخوف سلوك فطري بدليل خوف موسى وهارون عليهما السلام (إنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى)".
اقرأ أيضا: استنفار مصري لوقف انتشار حملة "باطل" ضد تعديلات الدستور
وأردف: "أما النخبة المجاهدة المسلمة الصابرة فتواصل الرفض والمقاومة باللسان والكتابة، وما حدث في مارس 2011، كانت مصر تتنفس عبق الربيع، واتسعت لجميع الأراء، أما حاليا ومنذ الانقلاب فمصر تختنق ويتم قتلها تدريجيا بحبال المشانق وسياط الجلادين ورصاصهم".
حرية الاختيار
وقال مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، الحقوقي علاء عبد المنصف، إن "المتابع للوضع في مصر يعلم أن هناك مخطط محكم لعملية تمرير التعديلات الدستورية بالطريقة والشكل التي يريدها النظام رغم فجاجاتها، مهما كان رأي المجتمع المحلي والدولي".
مضيفا لـ"عربي21" أن "الأمر تجاوز الترهيب من عدم تعليق لا فتات "لا" إلى المنع من الأساس، فالمناخ العام مغلق تماما منذ سنوات؛ وبالتالي لا حديث عن وجود لا فتات غير "نعم"، ولا حديث عن خروج أي شخص للحديث لوسائل الإعلام عن "لا" في طول البلاد وعرضها".
وانتقد حالة الخنق التي تتبعها سلطات نظام السيسي، قائلا: "المصريون محرومون من حرية فرص الاختيار منذ 3 تموز/ يوليو 2013، لإنه تم هدم العملية الديمقراطية بشكل لا رجعة فيه، ولا صوت يعلو فوق صوت الدبابة، ولا توجد مساحة لأحد للتعبير عن رأيه".