هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا
تحدثت فيه عن اللواء المتقاعد المنشق، خليفة حفتر، الذي يتماشى أسلوبه القتالي مع
مخاوف الرياض وأبوظبي والقاهرة، ويتلقى الدعم من هذه الدول لقيادة حملته العسكرية
على العاصمة طرابلس.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن قوات حفتر شنّت هجوما على طرابلس في مطلع هذا الشهر
مستخدمة مدرعات تلقتها من الإمارات العربية المتحدة. وظهرت هذه الآليات في صور
وفيديوهات التقطت حول العاصمة الليبية، التي كانت مسرحا لمعارك عنيفة خلفت نحو 200
قتيل، و800 جريح، وقرابة 25 ألف نازح، وفقا للأمم المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن تقرير الأمم المتحدة، الذي
نُشر في سنة 2017، أكد أنه وقع شحن المئات من هذه المركبات خلال شهر نيسان/ أبريل
2016 على متن سفينة سعودية انطلقت من ميناء جبل علي في دبي، متوجهة نحو ميناء
طبرق، الواقع شرق ليبيا. ويعد ذلك انتهاكا صارخا للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة
على تزويد ليبيا بالأسلحة. ويكشف تواجد هذه المدرعات في ساحة المعركة الليبية عن
الدور الذي تلعبه الإمارات، وعلى نطاق أوسع المحور الموالي للسعودية، في التقدم
الذي أحرزه حفتر، الرجل الذي أشعل فتيل الحرب الأهلية الليبية من جديد.
وبينت الصحيفة أن المواجهات التي احتدمت في
الرابع من نيسان/ أبريل في ضواحي طرابلس، قد جمعت بين الميليشيات التي تقاتل تحت
راية الجيش الوطني الليبي، وبين الجماعات المسلحة في كل من طرابلس ومصراتة الموالية
لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، حيث تحظى هذه الحكومة باعتراف المجتمع
الدولي لكنها هشّة على الساحة الليبية.
وأكدت الصحيفة أن حفتر، البالغ من العمر 75
عاما، يتطلع إلى تطهير العاصمة الليبية من هذه الفصائل، التي يعتبر أغلبها إسلامية
وتجمع بين زعماء جماعات أشبه بالعصابات وقدماء الثوار الذين قاتلوا ضد نظام
القذافي. ومن جانبه، يعتبر حفتر هذه الفصائل "عصابات إرهابية".
اقرأ أيضا: اشتباكات متقطعة على تخوم طرابلس وتظاهرات رافضة لحفتر
وأفادت الصحيفة بأن أسلوب حفتر العسكري يتماشى
مع تطلعات كل من الرياض وأبوظبي والقاهرة التي تؤمن بضرورة عودة الاستبداد
باعتباره الحل الوحيد لمواجهة حالة عدم الاستقرار التي انتشرت في العالم العربي
عقب موجة ثورات 2011. وفي خضم الهجوم الذي شنه الجيش الوطني الليبي، انتشرت
تغريدات مرحبة بهذا الهجوم من حسابات إماراتية وسعودية على موقع تويتر.
ونقلت الصحيفة عن رئيس المؤسسة البحثية الليبية
معهد "صادق"، أنس القماطي، أن "جوهر استراتيجية هذه البلدان يتلخص
في الحفاظ على الأنظمة الحالية، ما يعني أن كل أشكال النشاط والمعارضة السياسية
تعتبر بالنسبة لهم تهديدا إرهابيا يجب تدميره، لذلك فإن حفتر هو رجلهم".
ونوهت الصحيفة بأن هذا الدعم جسده المحور
السعودي على ساحة المعركة وعلى الساحة الدبلوماسية بطرق مختلفة. وتجدر الإشارة إلى
أن حفتر زار السعودية في نهاية شهر مارس/ آذار، أي قبل أسبوع من شن الهجوم على
طرابلس، حيث من المحتمل أن تكون المملكة قد قدمت دعما ماليا لعملية اللواء المنشق
بلغ عشرات الملايين من الدولارات، في الوقت الذي تمثل فيه الإمارات واحدة من أهم
داعمي حفتر عسكريًا.
وفي حوار سري، اعتبر مسؤول إماراتي رفيع
المستوى أن الوقت الذي اختاره حفتر لإطلاق حملته "غير عقلاني"، ذلك أنه
جاء عشية زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى ليبيا، وبالتزامن
مع اقتراب المفاوضات الجديدة بين الأطراف الليبية برعاية المبعوث الخاص للأمم
المتحدة، غسان سلامة.
ونقلت الصحيفة عن هذا المسؤول الإماراتي أن
"حفتر حشد حوالي 18 ألف رجل، لكن ليس لديه القدرة على الانتصار بسرعة. وتتمثل
فرصته الوحيدة لفرض وجوده في التفاوض مع الميليشيات الرئيسية في طرابلس. وإذا ظل
قريبا من المدينة، فسيتعزز موقفه". وبدلاً من شن هجوم من خلال فتح الجبهات،
توصي أبوظبي باتباع سياسة التقويض لإقناع أنصار طرابلس بالانضمام إلى صفوف الجيش
الوطني الليبي.
بالإضافة إلى مركبات نقل القوات، زودت الإمارات
في السابق حليفها الليبي بمروحيات هجومية والمئات من سيارات الجيب وشاحنات نصف
النقل وطائرات دون طيار وطائرات خفيفة. ووفقا لما أفاد به، تحت غطاء السرية، أحد
أعضاء "نوريا"، وهي شبكة من الباحثين في السياسات الدولية، فإن
"هذا ما تمكن خبراء الأمم المتحدة من إثباته؛ ويمكننا أن نفترض أن هذا الأمر
ليس سوى الجانب المكشوف من الصفقات بين الطرفين".
وأوردت الصحيفة أن القاهرة رفضت الانضمام إلى
بيان الرابع من أبريل/ نيسان. وعقب اجتماع به يوم الأحد، منح الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي لقائد الجيش الوطني الليبي حرية مطلقة ضمنية معربًا عن دعمه "لجهود
مكافحة الإرهاب والتطرف". وحسب الأخصائي من شبكة "نوريا"،
"دفعت القاهرة حفتر إلى الهجوم. ولا يستحسن المصريون المفاوضات التي كان غسان
سلامة بصدد التحضير لها. في المقابل، أرادوا الاستفادة من زعزعة استقرار السلطة
الجزائرية، المؤيدة لفايز السراج، في أعقاب استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة".
وخلال الأشهر التي سبقت سقوط القذافي والسنوات
الأولى التي تلت ذلك، وفرت قطر الدعم العسكري للميليشيات في طرابلس ومصراتة. وبدأت
هذه المساعدة بالتلاشي منذ سنة 2015، حين تبنّت هذه الدولة دبلوماسية أقل ميلاً
لنزعة المغامرة، تحت قيادة الحاكم الجديد، تميم بن حمد آل ثاني.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه على ضوء الأحداث
الحالية وصراعها المفتوح ضد جيرانها الخليجيين، هل يمكن للدوحة أن تقرر إعادة فتح
فروع إمدادات الأسلحة، أو أن تطلب من حليفها التركي القيام بذلك بدلا عنها؟ في
الحقيقة، من شأن هذا الأمر، الذي يظل مجهولا، أن يحسم مصير معركة طرابلس.