هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اقتحمت قوات الأمن المصرية، الثلاثاء، إحدى نجوع القصر
بالصعيد؛ لإخلائه من سكانه قبل أيام من عيد الفطر.
وشهد "نجع أبوعصبة" بمدينة الأقصر بصعيد مصر، الثلاثاء، مصادمات بين الأهالي الرافضين لتهجيرهم القسري من مساكنهم منذ مئات
السنين مدعومين من أهالي القرى والنجوع المجاورة من سكان منطقة الكرنك، وبين قوات
الأمن المصحوبة بآليات ومعدات الهدم لإخلاء البيوت وهدمها؛ تمهيدا لتنفيذ مشروع
"طريق الكباش"، الذي أقره السيسي.
ويقول السكان إنه تم نقض وعود المسؤولين بمحافظة
الأقصر بتأجيل الإزالة لما بعد العيد، وفوجئ الأهالي بانقطاع الكهرباء بعد صلاة
الفجر، ليخرجوا من بيوتهم على صوت مدرعات الأمن ومعدات الهدم ولوادر المحافظة.
ليتطور الأمر إلى مواجهات بين الغاضبين من الأهالي
وقوات الأمن التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لفض تجمهر الأهالي، الذين تعرض
أغلبهم لإصابات وحالات اختناق، حسب شهادات للأهالي ومقاطع فيديو بمواقع التواصل
الاجتماعي.
وكانت محافظة الأقصر قد عرضت تعويضات للأهالي حول
المباني وليس الأراضي، بقيمة 400 ألف جنيه للمنزل من 4 طوابق تسكنه 4 أسر، وهو ما
رفضه الأهالي كونه لا يكفي شراء مسكن.
أزمة أهالي النجع تعود لقرار أصدره السيسي بنزع ملكية
العقارات التي تعوق استكمال طريق الكباش بالأقصر بتاريخ 12 أيار/ مايو 2018، بحجة
أن نزع تلك الملكيات وتهجير الأهالي منها منفعة عامة، حيث ينزع القرار مساحة 1941
مترا بحوض المحكمة ناحية الأقصر، ومساحة فدان و18 قيراطا و4 أسهم بمنطقة نجع
أبو عصبة.
ويأتي ذلك القرار والاعتداء الأمني لتهجير مصريين قسريا من مساكنهم وأراضيهم
بعد وقائع مماثلة في شبه جزيرة سيناء وعلى حدود قطاع غزة، بحجة الأمن القومي، وفي
جزيرة الوراق بوسط نيل القاهرة، ومنطقة ماسبيرو على كورنيش النيل بالقاهرة، ومنطقة
نزلة السمان بالقرب من أهرامات الجيزة، بحجة التطوير.
"مخططات غير معلومة"
وفي تعليقه على إصرار السيسي على قرارات التهجير
القسري بحق المصريين وهذه المرة بالصعيد، قال نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية
مجدي حمدان موسى، إنه "من الواضح أن هناك مخططات غير معلومة لتغيير وجه الخريطة في مصر، وهدم القرى والمنازل ليس بحل لإدراك التطوير في أي بقعة".
السياسي المصري في رده على تساؤل "عربي21" حول
ردود فعل المصريين بعد تكرار التهجير، أكد أن "أسلوب استخدام القوة بلا شك
سيجلب الكثير من التفاعل، ودخول الدولة كخصم ضد الأفراد، خاصة المجتمع الصعيدي
المتماسك لن تجلب إلا مشاكل للدولة".
ويعتقد موسى أن "النظام في حل من هذه المشاكل بين
الدولة والأفراد، وفي ظل الصراعات الإقليمية الآن يجب عدم صناعة معارك
داخلية"، مضيفا أنه "بالطبع عدم الاعتداد بالآراء وصوت العقل سيجلب
المزيد من ذلك".
وختم قائلا إن "نزاع الملكيات سيؤدي لتفجير غضب
لا أعتقد أن النظام يرحب به في الوقت الراهن".
"جريمة طبقا للدستور"
من
جانبه، يرى عضو المكتب السياسي بحزب "البناء والتنمية"، أشرف توفيق، أن
"التهجير القسري بكافة صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم طبقا لنص المادة
(63) من (دستور 2014)"، مؤكدا أن "تهجير أهالي نجع أبوعصبة هو آخر ما
أضيف لسجل جرائم النظام المصري بملف التهجير القسري".
السياسي المصري أوضح لـ"عربي21" أن قرارات التهجير
القسري "بدأت بشمال سيناء، ثم انتقلت إلى العاصمة في أكثر الأماكن
حيوية"، مشددا على أنه "ولضعف رد الفعل ببعض الأماكن امتد لغيرها، خاصة أن النظام يستخدم قواته الأمنية والمسلحة التي هي ملك الشعب ضد المهجرين قسريا من
أبناء الشعب".
ورد توفيق على قول الدولة بأن نزع الملكية هو للمنفعة
العامة، مبينا أنه "مردود لأن أيا من ضوابط نزع الملكية للمنفعة العامة لم
تراع، وأن ما يحدث هو استيلاء فئة معينة على أراضي المواطنين بقوة السلاح واستغلال
النفوذ".
وقال إنه "بالتأكيد سيفتح ذلك باب غضب في صعيد
مصر، أو بمعنى أدق سيتزايد الغضب؛ ولكن يظل مردوده على السلطة محدودا ما لم يكن
الغضب شعبيا ممتدا في ربوع مصر، خاصة في القاهرة، ما يهدد استقرار النظام، لا سيما
لو تزامن مع تنظيم مصر للبطولة الأفريقية الشهر المقبل".
"اعتراف السيسي"
وقال الباحث والسياسي المصري، حاتم أبوزيد، إن
"السيسي أعلن عن نفسه بنفسه من اللحظة الأولى فقال: أنا عذاب"، موضحا
أنه "يتلذذ بتنغيص حياة الشعب".
المتحدث باسم حزب الأصالة، أكد لـ"عربي21"
أنه "لا يحق لأي سلطة أن تطرد الناس من أراضيهم، وتهدم بيوتهم، بأي ذريعة
كانت"، مضيفا أن "هذا لا تقوم به سوى سلطات الاحتلال، وينبغي أن يكون
واضحا لدى الناس أن من حقهم القانوني والأخلاقي الدفاع عن أنفسهم بأي طريقة يرونها،
هذا فضلا عن الحق الشرعي".
ويعتقد أبوزيد أن "الذين ينفذون أوامر طرد الناس
وهدم بيوتهم مجرمون بلا شك تجب مقاومتهم، ولكن للأسف الأهالي لا يجرؤون على مقاومة
السلطة، ولا نتوقع أن نشهد منهم رد فعل".
وأثارت تلك الأحداث حالة من الغضب بين المصريين عبر مواقع
التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضا: جزيرة الوراق وماسبيرو ونزلة السمان.. وجه آخر لنظام السيسي