هكذا أحكم السيسي قبضته على "القوى الناعمة" في مصر

وصف خبراء ومراقبون استكمال نظام زعيم الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، سيطرته على الإعلام والفن والرياضة، بالخطوة الأخيرة في الهيمنة على ثالوث القوى الناعمة في مصر.

وأكد خبراء إعلام، ونقاد فن، ومحللين رياضة لـ"عربي21" أن هذه السيطرة كما جاءت سريعا ستذهب سريعا، ولن يبقى من أثرها شيء؛ لأن الفشل سيكون مقرونا بجميع الأعمال التي لا تخضع لمعايير الإعلام الصحيح، والفن الصريح، والرياضة المشوقة.

وأظهر السيسي اهتمامه ببناء ما وصفه بأذرع داخل الدولة، للسيطرة على تلك القطاعات، بعد الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013 عندما كان وزيرا للدفاع.

وأكد السيسي، خلال ندوة عسكرية في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، أن الجيش مهموم بمسألة الإعلام والإعلاميين من أول يوم أتى فيه المجلس العسكري.

وقال إن احتواء الإعلاميين يحتاج إلى "أذرع، وبناء الذراع يحتاج إلى وقت. سنستغرق وقتا طويلا حتى نمتلك حصة مناسبة في التأثير الإعلامي".

وأضاف: "شغالين في هذا ونحقق نتائج أفضل، لكن ما نحتاجه لم نصل إليه".

اقرأ أيضا: سيطرة السيسي على الرياضة.. "بيزنس" أم حماية للجمهور؟

"سراب خادع"

ورأى مراقبون أن السيسي الآن، وصل إلى ما كان يصبو إليه، ويتوق إلى بلوغه بالسيطرة على أهم ثلاثة قطاعات، وأكثرهم تأثيرا على الشعب المصري، والعالم العربي.

وشهدت الساحة الإعلامية ظهور ما يسمى "الأذرع الإعلامية" من خلال انتشار المال المخابراتي، الذي مهد الطريق للاستحواذ على الإعلام والفن والرياضة على التوالي.

وانعكس ذلك بالسلب على وضع الصحافة؛ حيث قبعت مصر في المرتبة الـ161 من أصل 180 دولة في الترتيب العالمي لحرية الصحافة في عام 2018، وفق منظمة "مراسلون بلا حدود".

ورأى الخبير الإعلامي، حازم غراب، أن هيمنة نظام السيسي على تلك القطاعات من بينها الإعلام، هو عارض وليس أساسا، قائلا: "الحقيقة أن ما يجري الآن هو وهم وسراب خادع سرعان ما سوف ينهار".

وأضاف لـ"عربي21" أن "نظام السيسي بمرو الوقت سوف يكتشف أنه كان يخدع نفسه ومن حوله من بطانته، ولكن بعد فوات الأوان".

وأكد أنه "رغم عمليات غسيل العقول التي تمارس صبح مساء فإنها لن تترك أثرا؛ فعقول المصريين بعد ومع كل جرائم وتضليل الانقلاب تستعصي على السيطرة".

"أرض النفاق"

الناقد الرياضي، ناصر صادق، اتهم تلك القطاعات بتماهيها مع الحكام من الأمس قبل اليوم، قائلا: "للأسف الوسط الرياضي على مر العصور مثله مثل الوسط الفني غالبيته العظمى مع الحاكم منذ أيام عبد الناصر (الرئيس الراحل)".

وأضاف لـ"عربي21": "هم يطبلون وينافقون طواعية؛ لأنهم  يخشون على نجوميتهم التي تدر عليهم النفوذ والأموال والسفريات الكثيرة، وبعضهم بدون منصب رياضي تطوعي في ظاهره "نهبوي" في باطنه لا شيء أصلا".

وأردف: "تجد أن من مؤهلات الوصول في الوسط الرياضي أو الاستمرارية، أن تنافق السلطة، وتؤيد كل ما يصدر عنها، وأن تزايد على حب الوطن، رغم أن الأفعال تشي بحب مصالحهم فقط، حتى لو جاءت على حساب سمعة وكرامة ومصلحة الوطن".

اقرأ أيضا: السلطات المصرية تمنع بث برنامج تلفزيوني شهير.. ما السبب؟

"استخدام الفنانين"

 
وعلى المستوى الفني، قال الإعلامي والسيناريست، حسام الغمري، لـ"عربي21": "نجح نظام السيسي في السيطرة بالتدريج على سوق الدراما في مصر بشكل متأن ومدروس؛ من خلال شركة (سنرجي) للمنتج تامر مرسي، واختفت شركات كبيرة من سوق الدراما، مثل العدل غروب وكينغ توت وغيرها، وبدأت الأجهزة التابعة للأجهزة الأمنية بالانفراد بإنتاج الدراما".

وأوضح أن السيسي "أول من استخدم الفنانين للظهور على الساحة السياسية من خلال حضوره إحدى الحفلات الفنية، وقال جملته الشهيرة (تنقطع إيدينا لو اتمدت عليكم) في محاولة لمحو الصورة السوداء للمجلس العسكري بعد ثورة 2011".

وأعرب عن اعتقاده بأن "سيطرة السيسي على الفن، هي لاستخدامه لإلهاء الناس أو تغيير وجدان الشعب المصري من خلال تبرير كل تصرفاته، وإعادة رسم صورة ضباط الجيش والشرطة، وتبييضها، ولولا قنوات المعارضة بالخارج لنجح السيسي في إعادة مصر لستينيات القرن الماضي".

وبشأن شكل تأثر الفن بدخول مال المخابرات على خط الإنتاج، أكد أنه "تم تخفيض عدد المسلسلات هذا العام، ما يعني توقف آلاف العمال والممثلين والمصورين والفنيين والمخرجين عن العمل بعد تقليص عدد الأعمال الدرامية، ما أثر على صناعة كبيرة عمرها عشرات السنين في مصر، وكانت المصدر الثاني للدخل القومي بعد بورصة القطن".