بدلاً من مراجعة سياستها التي أدت الى ارتفاع حالة العداء والكراهية لها بين الشعوب العربية، وتبديد رصيدها الروحي والديني، خاصةً بعد جريمة القرن باغتيال خاشقي في فضيحة عالمية مدوية، نجد اصراراً من
السعودية على المضي قدماً في نفس سياستها الرعناء..
فبعد سنوات من العداء لثورات الربيع العربي الأولى، وتطلعات الشعوب العربية نحو الحرية نجد الإصرار على المضي في نفس السياسة، ودعم نظم الاستبداد والطغاة مع الموجة الثانية من موجات الربيع العربي في الجزائر والسودان، وفي عدوان حفتر على طرابلس، غير آبهة بحالة العداء لها بين الشعوب العربية عامة، وشعوب الثورات العربية خاصة؛ التي جاءت شعاراتها ولافتاتها خلال التظاهرات والمسيرات معبرة عن وعي وإدراك للدور الذي تقوم به السعودية ورفقيتها الإمارات في محاولة وأد الثورات..
فأي حصاد تنتظره غير الكراهية، خاصة من أهالي القتلي والجرحي، وكذلك الذين تعرضت ممتلكاتهم للتخريب والتدمير في السودان وليبيا واليمن؟
وبالرغم من فشل الحرب فى اليمن منذ أربع سنوات، في ما يسمى بعاصفة الحزم التي تحولت إلى مستنقع للسعودية، بعد أن أصبحت الحرب تدور على الأراضي والمنشآت السعودية بصورة أكثر دقة وبويترة متصاعدة، إلا أنها مع ذلك تواصل عملياتها العسكرية بدلاً من البحث عن سياسه بديلة، واللجوء للخيار السياسي بعد فشل الحل العسكري، والإقرار بخطأ سياستها التي وقفت إلى جانب عبد الله صالح ضد الثورة اليمنية، ثم أيدت الحوثيين للوقوف ضد حزب الاصلاح اليمني (الإخوان المسلمين) حتى تمكنوا من السيطرة على صنعاء، وانقلبوا عليها على طريقة "سمن كلبك يأكُلك".
ولم يتوقف الفشل الذريع في اليمن عند هذا الحد، بل خرج علينا الصحفي السعودي خالد المطرفي بعدة تغريدات داعياً
لقصف قناة الجزيرة. ومما قاله: "من حق التحالف العربي وفقاً للقانون الدولي ليس فقط استهداف منصات إطلاق الصواريخ التي استهدفت مطار أبها، بل أيضاً من قام بإصدار الأوامر أو مولها أو دعمها في
الإعلام، مما يعني بأن قناة
الجزيرة في
قطر يمكن أن تكون أحد الأهداف التي يجوز استهدافها من التحالف، لدعمها لتلك العملية
الإرهابية".
وما ذكره الصحفي المذكور يضعه تحت طائلة القانون بتهمة
التحريض على القتل، ومخالفة القانون الدولي الذي يجرم ضرب الأهداف المدنية، وهي دعوة علانية للإرهاب وقتل زملائه الصحفيين العاملين بالقناة، كما تسير على خُطى الكيان الصهيوني الذي قام بتدمير فضائية الأقصى بنفس الذرَائع، وهي تصريحات تدل على حالة البؤس والإفلاس التي وصلت اليها السعودية، سياساً وإعلامياً. فبدلاً من أن تراجع سياستها، أو تواجه القوة التي تتهمُها بالوقوف وراءَ الحوثيين، وهي إيران، أو تواجه قناة الجزيرة إعلامياً، وهم لا تعوزهم الإمكانيات المادية والفنية، ولكنهم أعجز عن مواجهتها؛ لأن السلاح الوحيد الذي يمكنُهم من مواجهته هو السلاح الذين يعملون عليه ليل نهار من خلال إنفاق الأموال وحياكة الدسائس والمؤامرات للقضاء عليه، وهو سلاح الحرية، ولذلك لجأوا بعد أن فشلوا في مواجهتها إعلامياً لمحاولة إغلاقها ضمن الشروط التي وضعت لرفع الحصار عن قطر، والآن يدعون لضربها عسكرياً.