هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "لوبلوغ" مقالا للمحلل جيورجيو كافيرو، يتحدث فيه عن دور السودان في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن.
ويقول كافيرو في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الحوثيين لا يشكلون تهديدا لأمن السودان أو مصالحه القومية، وليس هناك تاريخ لأي مجموعة يمنية هاجمت السودان أو هددته، ولم يكن الشعب السوداني قلقا من استيلاء الحوثيين على السلطة قبل حوالي خمس سنوات في صنعاء".
ويجد الكاتب أنه "مع ذلك، فمنذ شنت السعودية والإمارات حملتهما العسكرية على اليمن، في آذار/ مارس 2015، أدى السودان دورا مهما في الصراع، فلأجل الحرب البرية في اليمن فإن السعودية والإمارات التفتت إلى قوات لديها خبرة في الحروب على الأرض، ولها تجربة سابقة في دارفور ومناطق أخرى في السودان، وفي الواقع فإن هناك ما بين 8 آلاف إلى 14 ألف مرتزق سوداني، بما في ذلك أطفال مجندون بين سن 13 و17 عاما، يقاتلون حاليا في صفوف التحالف العربي ضد الحوثيين".
ويشير كافيرو إلى أن "مشاركة السودان في التحالف العربي تتعلق بالأموال، فالقوات السودانية شبه العسكرية تشارك في الحرب الأهلية اليمنية، بسبب المشكلات الاقتصادية العميقة في السودان، وحاجتهم لكسب دخل ما، وتقوم دول الخليج العربي المشاركة في التحالف بتعويض المرتزقة والجنود الأطفال بحوالي 10 آلاف دولار لدخول الحرب، ليكونوا وقودا للحرب التي خلفت أسوأ أزمة إنسانية مستمرة، وهذا قلل من عدد القتلى والجرحى في صفوف الجيش السعودي والإماراتي، لكن على حساب مئات السودانيين الذين فقدوا حياتهم في هذه الحرب".
ويلفت الكاتب إلى أن "معظم المقاتلين السودانيين يأتون من مليشيات الجنجويد، وهم من ذوي الأصول العربية في غرب السودان وشرق تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، ومع أن تلك المليشيات تم إنشاؤها في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، فإن الجنجويد اكتسبت شهرة عندما دعمها نظام عمر حسن البشير لمحاربة المجموعات المسلحة في دارفور في العقد الأول من الألفية الثالثة، وأدت انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها مليشيات الجنجويد في دارفور لتوجيه محكمة الجنايات الدولية تهما للبشير بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة".
وينقل الموقع عن الباحث نبيل خوري من المجلس الأطلسي الفكري، قوله إن بعض "أسوأ العناصر وأفقر العناصر" من السودان ذهبت للقتال في اليمن، حيث تدفع السعودية والإمارات رواتبهم، بالإضافة إلى أن السودان فتح أبوابه للمرتزقة من بقية الدول الأفريقية للانضمام إلى الحرب في اليمن.
ويبين كافيرو أن "الانضمام للتحالف العربي خدم مصالح البشير الجيوسياسية، خاصة بعد وقوع الأزمة في مجلس التعاون الخليجي في عام 2017، وبعد أن قطعت كتلة الدول التي تقودها السعودية والإمارات علاقاتها بقطر، فكان البشير في موقف صعب، حيث أراد إبقاء علاقاته جيدة بالدوحة، وفي الوقت ذاته البقاء على علاقة جيدة بالسعوديين والإماراتيين، واستطاع البشير فعل ذلك برفض دعم الحصار ضد قطر، لكنه في الوقت ذاته قطع العلاقات مع إيران ودعم التحالف السعودي الإماراتي في اليمن".
ويستدرك الكاتب بأن "قرار البشير البقاء في التحالف العربي كان أحد العوامل التي ساعدت على إنهاء حكمه، الذي استمر ثلاثة عقود، في نيسان/ أبريل، فبالإضافة إلى الغضب الناجم عن الفساد والفقر والبطالة كانت المعارضة الشديدة لدور السودان في صراع اليمن أحد المواضيع التي أثارها المحتجون ضد البشير في احتجاجات 2018/ 2019، وستبقى مشاركة البلد في الصراع موضوع خلاف خلال المرحلة الانتقالية الهشة".
ويفيد كافيرو بأن "أعضاء سابقين في الجنجويد، الذين أصبحوا الآن جزءا من قوات الدعم السريع، قاموا بقمع المحتجين وارتكاب العنف ضدهم في الخرطوم في 3 حزيران/ يونيو، وذكرت التقارير بأن عملية القمع جاءت بعد اجتماعات بين مسؤولين بارزين في المجلس العسكري الانتقالي ونظرائهم في الرياض، الذين أعطوا الضوء الأخضر للحكام العسكريين بشن الحملة العنيفة لفض الاعتصامات، وهكذا برزت قوات الدعم السريع بصفتها قوة وكيلة للسعودية والإمارات تعمل في العاصمة السودانية وفي اليمن".
ويقول الكاتب: "يستمر المواطنون السودانيون بالمطالبة بالحكم المدني الديمقراطي والمحاسبة والشفافية وحماية حقوق الإنسان في وجه الطغمة العسكرية، التي أبدت استعدادا لقصف وتعذيب واغتصاب المحتجين، وأولئك المتظاهرون يرون الإمكانيات الكامنة في بلدهم، وقد أحبطتهم عقود من الفساد وسوء الإدارة وصراعات مسلحة بلا نهاية منعت تطور البلد، ولدى السودان العديد من الموارد الطبيعية، لكن بسبب الظروف الاقتصادية السيئة في السودان، التي تفاقمها العقوبات الأمريكية، استنتج عشرات آلاف السودانيين بأن خيارهم الأفضل هو حمل بندقية والقتال في صراع ليست للسودان فيه مصالح قومية رئيسية".
ويبين كافيرو أن "دول الخليج، التي تشن حربا في اليمن، تعرف بأن حكومة مدنية في الخرطوم في الغالب ستسحب القوات السودانية المشاركة في التحالف السعودي الإماراتي، ولذلك فإن لكل من السعودية والإمارات مصلحة في إبقاء الحكومة (الانتقالية) في السودان، التي يقودها المجلس العسكري، قبضته على السلطة، فأي حكومة في الخرطوم صديقة للسعودية والإمارات سيتم دعمها من هاتين الدولتين من دول مجلس التعاون الخليجي، بغض النظر عن انتهاكها لحقوق الإنسان بحق مواطنيها، وعلى اعتبار أن قيادة حكومة الأمر الواقع السودانية وعدت بالاستمرار في قتال الحوثيين، فإن كلا من السعودية والإمارات ستستمران في دورهما في تقوية شرعية المجلس العسكري الانتقالي".
ويشير الكاتب إلى أنه "بشكل مشابه قامت قيادة السعودية والإمارات بدعم نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، كونه خيارا قابلا للحياة إذا ما تم النظر في الخيارات الأخرى، ويخشى الكثير من السودانيين بأن بلدهم ستتحول إلى مصر أخرى من هذه الناحية، خاصة أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي تخشى من صعود إسلاميين للسلطة في عهد ما بعد البشير، وإن استمرت الحرب الأهلية اليمنية فغالبا ما ستستخدم السعودية والامارات قوتهما المالية للضغط على الحكام العسكريين؛ لضمان استمرار مشاركة المرتزقة السودانيين والمجندين الأطفال في الحرب ضد الحوثيين".
ويختم كافيرو مقاله بالقول إن "دعم دول الخليج للمجلس العسكري الانتقالي في السودان سيزيد من جرأة السلطات العسكرية في قمعها للناشطين والمعارضين ومجموعات المعارضة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)