هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية
تقريرا تحدثت فيه عن اعتماد ترامب على سياسة المظاهر في التعامل مع قضايا محورية
تخص علاقاته الخارجية مع مختلف القوى العالمية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن ترامب كان أول رئيس أمريكي تطأ قدماه كوريا الشمالية،
ليكسر بذلك الخطوط الحمراء واحدا تلو الآخر، على الرغم من أن تقدمه الدبلوماسي يظل
ظاهريا.
ويوم الأحد، ترك ترامب بصمته في التاريخ، بشكل
رمزي ومدهش، عبر خط ترسيم الحدود الموازي (المنطقة المنزوعة السلاح في كوريا)
ليصبح أول رئيس أمريكي يزور كوريا الشمالية. وقد وصف ترامب كيم جونغ أون
"بالصديق العظيم"، على الرغم من أن بلديهما لطالما كانا في حالة حرب منذ
هدنة سنة 1953.
وذكرت الصحيفة أنه بعد ساعة من محادثاته مع
ديكتاتور بيونغ يانغ، كتب الرئيس الأمريكي في تغريدة على تويتر: "هذه رسالة
مهمة للجميع وشرف عظيم!". أمام الأمريكيين، كان ترامب يدافع عن دبلوماسية
شخصية، جريئة إلى حد كسر القواعد، تعد أكثر فعالية من كل ما تم القيام به في
السابق.
إقرأ أيضا: عراك عنيف بين حراسات جونغ أون وصحفيي ترامب (فيديو)
وقبل أدائه هذه الزيارة مباشرة، أوضح ترامب قائلا: "عندما بدأت فترة
رئاستي، كان هناك خطر كبير. لقد أنجزنا الكثير، نحن بأمان أكبر اليوم. لدي متسع من
الوقت، لسنا على عجلة من أمرنا. لكن قليلون هم القادرون على تخيل مدى اختلاف
الوضع. إنه مثل الليل والنهار".
وأوردت أن القمة التي عُقدت في سنغافورة في
حزيران/ يونيو 2018 تمخض عنها اتفاق من حيث المبدأ، دون التوصل إلى التزام محدد أو
جدول زمني، تماما مثلما حدث في القمة الثانية في هانوي في شهر شباط/ فبراير
المنقضي. وعلقت كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية، لكنها أطلقت مؤخرا
صواريخ قصيرة المدى، الأمر الذي اعتبر انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة.
ومن جهته، أطلق كيم جونغ أون سراح السجناء
الأمريكيين وأعاد رفات الجنود الذين سقطوا خلال الحرب الكورية، بيد أن وكالة
الاستخبارات المركزية تشتبه في أن دولته تسعى دون كلل لتطوير أسلحتها الذرية.
وأكدت الصحيفة أن هذه التطورات الظاهرية بدت
كافية لجعل ترامب يتفاخر بنجاحه بين صفوف الناخبين، مع انطلاق الحملة الانتخابية.
وفي أعقاب ذلك، يمكن أن يساهم استئناف المفاوضات التي توقفت منذ قمة هانوي، وتفكيك
المنشآت النووية، في رفع بعض العقوبات وبدعوة إلى البيت الأبيض. ويوم الأحد، قال
الرئيس الأمريكي: "تبقى العقوبات سارية، لكن قد تحدث بعض الأمور عند وصول
المناقشات إلى نقطة معينة". أما بالنسبة لهيبة الاستقبال في واشنطن،
"فأنا أتقدم بالدعوة على الفور".
وأضافت أنه بالنسبة لبقية أعضاء المجتمع
الدولي، وخاصة خصوم الولايات المتحدة مثل إيران، يشير هذا النهج إلى أن زعيم البيت
الأبيض مستعد للاكتفاء بالمظاهر. وفي سول، قال ترامب أمام عدد من أصحاب المشاريع
"ليس لدينا ما نخسره في المناقشة. أنا حقًا أعارض مفتعلي الحروب".
وقالت الصحيفة: "إذا كان نظام الملالي في
طهران قادرا على التغلب على العقبات الأيديولوجية، فمن المؤكد أنه سيجني الكثير من
المكاسب من خلال التعامل مع رئيس مثل ترامب". ومن جهته، أصر ترامب يوم الأحد
على أن "المصافحة تعني الكثير. ويوما ما، سيُنصفني التاريخ. لقد استندت
العديد من الانتصارات العظيمة على العلاقات الشخصية".
وذكرت أن ترامب على الساحة الدولية، يفرض نفسه
على أنه سيد الصور والشعارات، وينعت كيم جونغ أون بأنه "الرجل الصاروخي
الصغير" قبل أن يدعي أنه "وقع في حبه" وفي حب "رسائله
الرائعة"، ثم يعبر إلى جانبه الحدود الأكثر عسكرة في العالم. وقال ترامب
معبرا عن دهشته ومشيرا إلى رغبته في إغلاق الحدود مع المكسيك "هذا ما يسمونه
حدودا؛ لا أحد يمر منها".
وبينت الصحيفة أن المفارقة تكمن في أن دونالد
ترامب لا يتبع استطلاعات الرأي للاكتفاء بالقيام بالأمور التي يطلبها الشعب. بل
على العكس من ذلك، يقوم بتجاوز الخطوط الحمراء واحدا تلو الآخر، ويمزح مع فلاديمير
بوتين حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ويمدح ولي العهد السعودي
متجاهلا دوره في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. يبدو أن الرئيس الأمريكي الحالي يبني
واقعا خاصا به، حيث يعتبر كل أولئك الذين يجازفون بمعارضته من ضمن "الأخبار
الزائفة".
لكن المظاهر المزيفة في الواقع تكمن في
الارتجال. فحتى اللحظة الأخيرة، ترك ترامب الشك يخيم على لقائه مع كيم، الذي كان
من المفترض أن ينطلق يوم السبت بناء على دعوة على تويتر: "إذا رأى ذلك، فأنا
على استعداد لمقابلته على حدود المنطقة المنزوعة السلاح من أجل المصافحة وتبادل
التحية".
وفي الختام، أوردت الصحيفة أنه في مواجهة نظيره
الكوري الشمالي، اعترف ترامب بصراحة: "أريد أن أشكره، لو كان قد خذلني، لكانت
الصحافة قد سخرت مني، لذلك أقدر له ذلك".