هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في قرار غير متوقع، أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مرسوما رئاسيا بإقالة محافظ البنك المركزي مراد جتينقايا (الذي كان من المقرر أن تستمر ولايته، ومدتها أربعة أعوام حتى عام 2020)، وتعيين نائب محافظ البنك مراد أويصال، بدلا منه.
وأكد محافظ البنك المركزي التركي الجديد، في أول بيان رسمي، وفقا لوكالة الأناضول التركية، أنه سيواصل تطبيق أدوات السياسة المالية الرامية لتحقيق استقرار الأسعار.
ورجحت مصادر حكومية لرويترز، أن يكون "سبب عزل المحافظ هو إحباط أردوغان بسبب إبقاء البنك سعر الفائدة الأساسي عند 24 بالمئة منذ سبتمبر أيلول الماضي لدعم الليرة الضعيفة"، مؤكدة أن "الرئيس التركي لا يزال عازما علي تحسين الاقتصاد ولهذا السبب أخذ قرار إقالة جتينقايا".
اقرأ أيضا: أردوغان يعزل محافظ البنك المركزي التركي.. وهذا بديله
"رؤية أردوغان"
وقال الباحث الاقتصادي أحمد مصبح، لـ"عربي21"، إن محافظ البنك المركزي المقال كان يعارض رؤية الرئيس التركي التي تهدف إلى ضرورة تخفيض سعر الفائدة بما يتناسب مع المتغيرات والمعطيات الجديدة.
وأوضح مصبح، أن الرئاسة التركية ترى أن بقاء نسبة الفائدة عن 24 بالمئة، يشكل عقبة في وجه تعزيز الاستثمارات، وتحقيق معدلات نمو عالية.
ولفت الباحث الاقتصادي، إلى تصريحات منسوبة لأحد المقربين من الرئيس التركي، والقيادي بحزب الرفاه، شوقي يلماز، التي قال فيها إن أحد اسباب تعارض الرئاسة والبنك المركزي، هو أن ملكية البنك المركزي لا تعود بنسبة 100 بالمئة للدولة والشعب، وأن الأطراف التى تملك قرابة 35 بالمئة من أسهم البنك المركزي التركي هي من تعارض خفض أسعار الفائدة، وأن هناك جزءا كبيرا من هذه النسبة غير معلنة الملاك يتحكم بها رأس مال خارجي.
وأردف مصبح قائلا: "تركيا ليست الدولة الوحيدة التي لديها بنك مركزي يملك القطاع الخاص جزءا من ملكيته فهناك دولا مثل (بلجيكا، اليونان، ايطاليا، سويسرا، اليابان) لديها نفس النظام".
اقرأ أيضا: أردوغان: سنخفض سعر الصرف والفائدة والتضخم لهذا المستوى
"ملكية المركزي"
ووفقا ليلماز، تم افتتاح البنك المركزي التركي في العام 1931، وتأسيسه كشركة مساهمة، وتم تخصيص 15 بالمئة فقط من أسهم البنك للدولة، و 85 بالمئة من ملكيته كانت تعود للقطاع الخاص (الذي كان يسيطر عليه مجموعة من البنوك وعلى رأسها (?? Bankas?) ،(Ziraat Bankas?)، بالإضافة إلى مجموعة من رجال الأعمال الغربيين.
وحتى العام 1970، كان القطاع الخاص هو من يسيطر بشكل شبه كامل على سياسات وقرارات البنك المركزي التركي، ولكن في العام 1971 تم رفع حصص ملكية الدولة من 15 بالمئة لتصل 50 بالمئة.
ومع بدء حقبة حزب العدالة والتنمية الحاكم في العام 2002 ، ارتفعت ملكية الدولة بالبنك المركزي لتصبح 55 بالمئة، وقامت الحكومة التركية بنقل ملكية 1 بالمئة لصالح الهلال الاحمر التركي، 2 بالمئة لصالح هيئة الضمان الاجتماعي، وبالتالي يكون قرابة 42 بالمئة تعود ملكيتها لأطراف آخرين.
"قيمة الليرة"
وأكد مصبح، خلال حديثه لـ "عربي21" أن الأسباب التي أدت إلى تراجع قيمة الليرة التركية خلال الفترة الماضية بدأت في الانحسار، وهو ما انعكس بالإيجاب على استقرار سعر صرف العملة التركية خلال العام 2019، كما أدى إلى انخفاص معدلات التضخم في تشرين الأول/أكتوبر 2018 من 25 بالمئة إلى 15.7 بالمئة، مع توقعات بتراجعها إلى 14.5 بالمئة مع نهاية 2019.
ولفت الباحث الاقتصادي إلى أن الإجراءات التركية التي تم اتخاذها، كرفع الضرائب على الودائع الأجنبية، وتقليل الاحتياط الالزامي من العملات الأجنبية، عززت الطلب على العملة المحلية.
اقرأ أيضا: "عربي21" ترصد 7 أسباب وراء صعود الليرة التركية.. تعرف عليها
ويتوقع محللون، بحسب "بي بي سي" أن يخفف البنك المركزي التركي من قيود السياسة المالية خلال اجتماع في الـ 25 من تموز/ يوليو إذا لم يتحسن سعر صرف الليرة خلال الشهر الحالي، وذلك في ظل مخاوف من فرض عقوبات أمريكية على تركيا بعد الاتفاق على صفقة شراء منظومة اس-400 الصاروخية الدفاعية من روسيا.
وقالت وكالة بلومبرغ الأمريكية، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن قرار عزل محافظ البنك المركزي التركي غير المتوقع قد يؤدي إلى إثارة قلق المستثمرين بشأن استقلال البنك، وسيكون له تأثيره المباشر على سعر صرف الليرة.
وأضافت أن قرار العزل يأتي بعد أيام من تباطؤ معدل التضخم في تركيا بأكثر من المتوقع، مما أتاح لصانعي السياسة مجال لبدء ضخ مزيد من الأموال بالسوق التركي.
"ركود مزدوج"
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن الحكومة التركية اعتمدت على التحفيز المالي للتخلص من الركود الأول في تركيا منذ عقد، لافتة في الوقت نفسه إلى أن انخفاض الإنتاج الصناعي لأول مرة هذا العام في نيسان/ أبريل، قد يزيد من خطر حدوث ركود مزدوج.
اقرأ أيضا: مؤشرات سلبية تهدد خطط تركيا في 2023.. هل يمكن تفاديها؟
وقال الخبير الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط، زياد داود، لبلومبرغ: "إذا كان هدف أردوغان هو خفض أسعار الفائدة، فإن قرار استبدال المحافظ قد يأتي بنتائج عكسية".
وأضاف: "هناك الآن غموض حول مدى استقلالية البنك المركزي. وسوف يتساءل المستثمرون عما إذا كانت البيانات الاقتصادية ذات دوافع حقيقة حقًا أم تم تسليمها تحت ضغط من الحكومة".
يشار إلى أن محافظ البنك المركزي التركي الجديد، ولد في إسطنبول عام 1971، وتخرج من كلية الاقتصاد في جامعة إسطنبول، ويتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ودرس الماجستير في المجال المصرفي بجامعة مرمرة، وشغل عدة مناصب إدارية رفيعة في مصرف "خلق بنك" الحكومي التركي، وكان يشغل منصب نائب محافظ البنك المركزي التركي منذ 9 حزيران/ يونيو من عام 2016.