هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد سياسيون وخبراء إعلاميون، أن استخدام نظام الانقلاب العسكري، برئاسة عبد الفتاح السيسي، شماعة الإخوان المسلمين لـ"تبرير فشله يمثل إفلاسا سياسيا ومحاولة مفضوحة لخداع الشعب المصري".
ورصد المختصون الذين تحدثوا لـ "عربي21"، العديد من القضايا التي لجأ فيها نظام السيسي لشماعة الإخوان، منها ارتفاع أسعار الليمون بشكل جنوني، وإرجاع هزيمة المنتخب في كأس الأمم الأفريقية لدعوات أنصار الإخوان ضد الفريق؛ حتى لا تحقق مصر إنجازا، وأخيرا تحميل الإخوان مسؤولية الزيادة السكانية.
وكان مقرر المجلس القومي للسكان (مؤسسة حكومية)، عمرو حسن، أكد أن ارتفاع معدلات الزيادة السكانية بمصر منذ عام 2011 السبب فيه جماعة الإخوان المسلمين.
وأكد حسن في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، أن الإخوان شجعوا على زيادة الإنجاب وعدم تنظيم الأسرة. ووفق قوله، فإن الجماعة "ربطت زيادة الإنجاب بالدين خلال فترة حكمهم"، مضيفا أن مصر تحتل المركز السابع عالميا من حيث الزيادة السكانية.
وقال المسؤول الحكومي، إن معدلات الإنجاب شهدت تراجعا منذ عام 2008، ثم ارتفع المعدل بشكل مفاجئ عام 2014، ليصل إلى 3.5%، وإن عام 2018 شهد ولادة 2 مليون 380 ألف طفل، ما جعل عدد المواليد السنوي بمصر يوازي عدد سكان بعض دول الخليج، متوقعا أن يصل تعداد السكان لتسعين مليون نسمة بنهاية شهر تموز/ يوليو الجاري، ودخول مصر نادي المئة مليون نسمة بنهاية عام 2019.
التهم الجاهزة
من جانبه، يؤكد وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى سابقا عز الكومي، لـ"عربي21"، أن سلطات الانقلاب أدمنت استخدام شماعة الإخوان كلما حدثت كارثة؛ لتبرير الفشل المزمن لها منذ انقلاب تموز/ يوليو2013.
ويضيف الكومي: "قبل أسابيع، حمَّل إعلام السيسي الإخوان مسؤولية ارتفاع أسعار الليمون والخضروات، والآن زيادة التعداد السكاني، ظنا منهم أن الشعب المصري يمكن أن يصدق ذلك، ولا يلتفت لفشل النظام ومشروعاته وإنجازاته الوهمية".
وحسب الكومي، فإن التهم جاهزة لمن ينتقد سياسة النظام بأنه من الإخوان، حتى لو كان من أشد مخالفيهم ومعارضيهم، مثل خلية الأمل التي تم اعتقالها منذ أسابيع، وأخيرا أدمن صفحة "إحنا اسفين يا ريس"، الذي تم حبسه بتهمة نشر أخبار كاذبة، وانتمائه للإخوان المسلمين، رغم أنه أحد أنصار مبارك المعروفين.
ووفق وكيل لجنة حقوق الإنسان السابق، فإن اختزال الأزمة الاقتصادية بمصر في الزيادة السكانية يعد تسطيحا للمشكلة، ولأنه يجب النظر إليها من كافة جوانبها، سواء من حيث التعليم والصحة، والمشاركة في العمل، ومتوسط دخل الفرد، وسوء توزيع السكان وتركزهم في مساحة ضيقة لا تتجاوز 5.3% من إجمالي المساحة، ووجود فجوات كبيرة بين المناطق المختلفة.
ويشير الكومي إلى غياب التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي في مصر، وكذلك الفشل في مواجهة ثلاثية الفقر والجهل والمرض، مؤكدا أن الزيادة السكانية هي في الأساس أحد مقومات التنمية البشرية التي يجب أن تتفوق فيها مصر على غيرها من دول المنطقة، وهي الزيادة التي يمكن أن يتم استخدامها كسلاح فاعل وحقيقي في التنمية الاقتصادية، مثل التجارب المبهرة في العالم، سواء في الصين أو الهند، أو في الدول المشابهة لمصر في الظروف ذاتها مثل تركيا والجزائر.
البعبع الوهمي
في إطار متصل، يؤكد المختص بصناعة الرأي العام، يحيى عبد الهادي، لـ"عربي21"، أن النظام المصري استخدم خلال السنوات التي تلت الانقلاب العسكري سلاح الإعلام بشكل موسع لتشويه جماعة الإخوان المسلمين، أو من يدافع عنها، أو يتعاطف معها، وهو لم يقم بذلك لتشويه الإخوان فقط، وإنما لكي يصنع بعبعا وهميا يمكن أن يستخرجه في أي وقت يحتاج إليه، بما يخدم مصالحه وسياساته.
ويضيف عبد الهادي: "السيسي منذ البداية، رسم طريقه في الهروب من الفشل بشماعة الإخوان، وهو الطريق السهل لأي مسؤول آخر، سواء كان سياسيا أو حكوميا أو خدميا، ليبرر عدم نجاحه في تحقيق الأهداف الموضوعة له، وهو ما يمثل على المستوى البعيد أزمة ثقة كبيرة لنظام السيسي، الذي بدأت دوائر غياب الثقة تتسع حوله حتى وصلت لأنصاره".
ويشير عبد الهادي إلى أن فكرة البحث عن شماعة لتبرير الفشل إحدى الركائز الأساسية في طبيعة النظم الاستبدادية الفاشلة، التي لا تعترف بالخطأ، وليس لديها استعداد للمساءلة والمحاكمة أو حتى الاعتذار، وتحمل الآثار المترتبة على سياساتها تجاه الجماهير، وهي سياسية يمكن أن تحقق نتائج إيجابية في فترة من الفترات، لكنها مع استمرار الفشل، وتنوع الأخطاء، فإن المجتمع لا يستجيب لها، وتزداد قناعته بأنه تعرض للخداع والنصب.
وحسب المختص بصناعة الرأي العام، فإن "إعلام البروبجندا لم يعد بقوة التأثير ذاتها التي كان عليها قبل عشرين عاما، في ظل تطور وسائل التواصل الإعلامي، وتحول معظم أفراد المجتمع لمواطنين صحفيين، لديهم القدرة على فهم المعلومة، وتحليلها، والتوصل لما وراء الخبر".