هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أطلق قيادي بجماعة الإخوان المسلمين المصرية مبادرة حملت عنوان "النداء الأخير"، لمحاولة إنهاء الأزمة الداخلية التي تمر بها الجماعة.
وقال أشرف عبدالغفار إنه
أطلق مبادرته "بعد تفكير عميق، وإحساس بالمسؤولية تجاه أمتنا، وإدراكا أن ما
بُني في سنوات لخدمة الإسلام لا يصح هدمه أو تجاوزه أو عدم السعي من أجله".
وأضاف -في بيان مصور له،
مساء السبت-: "بعد نقاشات مطولة، ومطالبات من إخوة كرام، وجدت أن نقوم بهذا
العمل (أنا ومن يقبل ممن سأتصل بهم) حسبة لله. ألا
وهو محاولة رأب الصدع الذي أصاب جماعتنا، ومحاولة العودة إلى اللحمة القديمة التي
جعلت الإخوان مثالا وجماعة يفخر بها الأحباء ويخشى منها الأعداء".
وتابع: "حدث ما حدث،
ومرت الجماعة -بل الأمة- وما زالت تمر بأكبر زلزال في تاريخ الجماعة، وتشكلت
قناعات مختلفة، وافترق الجميع، ما أضعف مكانتنا ومكّن لأعدائنا. قبلنا بهذا أم لم
نقبل فهذه هي الحقيقة التي لا يملك أحد إنكارها".
وأردف: "رأبا للصدع،
ومحاولة للملمة الشتات، فلا مجال الآن لإعادة عرض الخلافات أو الحوار فيمن كان
محقا ومن كان غير ذلك، وحسابنا جميعا على الله وحده، فليس مجال تلاوم يعطي شياطين
الإنس والجن فرصة إجهاض لهذه المبادرة".
وشدّد عبدالغفار على أنه
"لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بالوضع الراهن، ولا يقبل مسلم صادق أن
تظل أحوال أمتنا تسير من سيئ إلى أسوأ، وأن يُعمل أعداءنا لإفقاد أمتنا
هويتها".
واستطرد قائلا: "ليعلم القاصي والداني أن قوة إخوان مصر هي قوة للحق في مصر، كما هي قوة لكل إخوان
العالم، ومن ثم الأمة الإسلامية كافة، والعكس بالعكس".
وتضمنت بنود المبادرة:
ترك الماضي خلفنا من خلافات ومشاحنات، والتجمع والتوحد على موقف واحد، وهو إيقاف
الظالم المستبد عند حده، وعدم إعطائه الفرصة لمزيد من تدمير الوطن والهوية والدين،
وعودة كافة الإخوان إلى كيان موحد والاجتماع على موقف موحد، ورؤية موحدة واستراتيجية
موحدة قائمة على ثوابت الإسلام، ولا ثوابت غير ثوابت الإسلام".
كما دعت بنود المبادرة
إلى "الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله في مواجهة ما أصاب أمتنا. وما قام به
الإمام البنا عليه رحمة الله لم يخرج قيد أنملة عن كتاب الله وسنة رسوله.
وأية خلافات في أثناء الاتفاق ترد إلى الله ورسوله (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك
فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)".
وأعلن عبدالغفار استعداده
الكامل لمتابعة هذا الأمر مع "جميع الأطراف، متناسيا أي خلاف أو شقاق"،
قائلا:" أنا على استعداد للتواصل مع الجميع لإنهاء أكبر أزمة مرت بهذه
الجماعة التي كانت وما زالت أكبر عقبة في وجه أعداء الأمة، وأمد يدي لكل الأطراف،
وعلى نفس المسافة من الجميع، وأرغب أن أجد عونا من الجميع لإنجاح هذه المهمة
وتحقيق الغايات المرجوة".
ودعا أيضا إلى
"الاتفاق على وضع يعود فيه الجميع للعمل والمشاركة بلا إقصاء ولا تهميش،
والاستعانة بالثقات والعلماء، سواء من داخل الجماعة أو من خارجها؛ لإعادة اللحمة
التي هي من مصادر قوتنا وتفويت الفرصة على أعداء الأمة في بث الخلاف
والشقاق".
ونبه القيادي الإخوان
المحسُوب على جبهة المكتب العام للإخوان إلى أنه سيلتزم بما ذكر، وسيعلن للجميع ما
سيصلون إليه بصفة عامة، مضيفا: "لا أتمنى أن أجد من يرفض هذه اليد
الممتدة".
واستطرد قائلا: "لا
أتخيل أن العقول والكفاءات والمهارات والعلماء الذين أنجبتهم الجماعة ألا يشاركوا
في إخراجها من عثرتها وإعداد مستقبل واعد لها، لتعود الجماعة إلى مكانتها ومهمتها
التي أُسست عليها، وليلتحم الإخوان ببعضهم البعض، ومن ثم بشركاء الهوية وشركاء
الثورة، ويعود المارد الذي قام بثورة يناير ليكمل ثورته وقد اكتسب خبرة باهظة
التكاليف".
كما دعا كل من وصفه بأنه
"صاحب قلب سليم، وعقل راجح، سواء كان من داخل الإخوان أو من محبيها أو من
المخلصين بصفة عامة، أن يعاون في إتمام هذا الأمر بكل الطرق الممكنة والوسائل
المتاحة؛ فالوقت الآن ليس في صالحنا".
وقال: "أحسب أن أحدا
لا يمكنه أن يرفض وحدة الجماعة، ومن ثم يرفض وحدة الأمة على قيم الإسلام الصحيح،
ومما يشجع أن كل أطراف الخلاف قد ذهبت في تصريحاتها إلى الاستعداد التام، والسعي
المخلص للم الشمل واجتماع الفرقاء".
وأضاف: "أما من يرفض
مصالحة على مسار الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله منهجا، فقد خالف منهجنا ولم يسع
لتقوية أمتنا أمام أعدائها المتربصين بها وحسابه على الله".
وتساءل: "ماذا
ننتظر؟ صفقة القرن، ويُترك أهلنا في فلسطين وحدهم؟ بيع الأرض، تيران وصنافير –
سيناء؟ إفقار الشعب؟ عشرات الآلاف من المعتقلين والمعتقلات بلا ذنب ولا جريمة؟ تحول مصر كلها إلى منشأة عسكرية يديرها طغاة مجرمين؟".
وقال: "ليعلم الجميع
أنه إذا انتهى الانقلاب العسكري في مصر فلن نجد مشكلة في ليبيا، ولن نجد صفقة
القرن، ولن نجد مشكلة في اليمن ولا في السودان أو ليبيا أو غيرها".
وأوضح أن مبادرة
"النداء الأخير" تقوم على "عدة محددات لا يختلف عليها أحد من
الإخوان: أن الإسلام وكتاب الله وسنة رسوله أولى من الجماعة، وأن الجماعة القائمة
على ثوابت الإسلام وقيمه أولى من الأفراد، وأن إرضاء الله بسخط الناس أولى من
إرضاء الناس بسخط الله".
وأضاف: "إننا جميعا
شاركنا في بناء هذا الصرح العظيم بدءا من الإمام البنا -رحمة الله عليه- وانتهاء
بأصغر أخ ينتمي للجماعة، ولا يمكن لأحد أن يدعي أفضلية هذا عن ذاك، فالكرامة
والأفضلية يقدرها الله وحده ويحاسبنا كيف يشاء، وهو يعلم سرنا وجهرنا وباطننا
وظاهرنا. نحن جميعا شركاء وليس بيننا ملاك وأُجراء أو سادة وعبيد حاشا لله".
وأكمل: "حدد إمامنا
-رضوان الله عليه- أُسس ومبادئ تسير عليها الجماعة وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم، فمن سار علي هذا النهج فهو من الإخوان، حتى لو لم يكن منتظما في
الكيان، ومن خالف نهجها فهو ليس من الإخوان، وإن كان في أعلى مراتبها
التنظيمية".
وأشار إلى أن
"الحوار والتلاحم أول مراحله ألا يستعلي أحد على أحد، وألا يظن أحد أن له
أفضلية على أخيه"، مضيفا: "فلو سعينا بإخلاص لبعضنا البعض، ورغبنا في
مصالحة تقوم على الأسس السليمة، وتنازلنا لبعضنا، وذللنا لإخواننا ننجح عملنا
ونُنقي منهاجنا، ونقود أمتنا لما فيه الخير، وبذلك نرضي ربنا، وتلك هي غايتنا التي
بايعنا عليها، ونسعى لإكمال أركانها".
وظهرت أزمة جماعة الإخوان
الداخلية للعلن بوضوح في شهر أيار/ مايو 2015، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر
بشأن شرعية القيادة في الظرف الجديد، ومن يحق له إدارة الجماعة، ومسار مواجهة
سلطة الانقلاب.
وتفجرت الخلافات الداخلية
بعدما أصدر القائم بأعمال المرشد العام، محمود عزت، خلال عام 2015 مجموعة من
القرارات بحل اللجنة الإدارية العليا الثانية، وعزل وإعفاء قيادات بعينهم، مع تشكيل
لجنة إدارية جديدة، فضلا عن حل مكتب الإخوان المصريين بالخارج، أو ما كان يُعرف
حينها بـ"مكتب إدارة الأزمة بالخارج".