هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها في طهران نجمة بوزوغمهر، تقول فيه إن سيطرة الحرس الثوري الإيراني على ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو" هي محاولة من إيران للظهور بمظهر القوي لا الضعيف.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الطريقة التي قام بها الحرس الثوري بإنزال قواته على الناقلة هي تكرار للعملية البريطانية ضد ناقلة النفط الإيرانية في جبل طارق.
وتجد بوزوغمهر أن نشر إيران صورا لعملية الإنزال والسيطرة على الناقلة البريطانية يوم الجمعة كان تأكيدا بأنها نفذت وعدها بالانتقام من قيام البحرية البريطانية احتجاز ناقلة النفط "غريس وان" في جبل طارق.
وتنقل الصحيفة عن السياسي الإصلاحي محمد صادق جوادي حصار، قوله: "العين بالعين واليد باليد هي عقيدتنا الإسلامية، والعين الأمريكية أو اليد الأوروبية ليست أثمن من عين أو يد الإيرانيين"، وأضاف أن "إيران لن تسمح بإرباك ميزان القوة في المنطقة، الذي سيكون بمثابة موتنا، ولو سمحنا لبريطانيا لمعاملتنا بطريقة غير عادلة فسيتبعها آخرون".
ويلفت التقرير إلى أن القادة الإيرانيين يقولون إنهم ملتزمون بالحلول الدبلوماسية، ولا يريدون لا التصعيد أو التوتر مع الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الغربية، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يقولون فيه إنهم لن يبدأوا هجوما، إلا أنهم يؤكدون أن أي فعل عدواني سيتم الرد عليه بالمثل، حتى لو أدى ذلك إلى اندلاع حريق.
وتفيد الكاتبة بأن الجمهورية الإسلامية تزعم أن بريطانيا سيطرت على ناقلة النفط "غريس وان"، بناء على طلب من الولايات المتحدة، في رد على إسقاط الحرس الثوري طائرة تجسس أمريكية، التي تقول الولايات المتحدة إنها وضعتها على مسافة دقائق في المواجهة مع العدو.
وتذكر الصحيفة أن بريطانيا تنفي هذه المزاعم، محذرة من أن احتجاز الناقلة الإيرانية وضع إيران على "مسار خطير"، وقالت إنها ستفكر في الرد وبقوة، ونصحت سفنها بأن تبتعد عن المنطقة، مشيرة إلى أن إيران ترفض الاتهامات البريطانية، بأن ناقلة "غريس وان" المحملة بالنفط الخام كانت متجهة إلى سوريا، منتهكة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي.
ويورد التقرير نقلا عن المحلل الإصلاحي للاقتصاد الإيراني سعيد ليلاز، قوله: "هذه كذبة كبيرة من بريطانيا، فهل هذه الناقلة الوحيدة المشتبه في نقلها النفط إلى سوريا منذ عقد تقريبا؟".
وتقول بوزوغمهر إنه في الوقت الذي عبرت فيه إيران عن استعدادها للاعتراف بأن العملية التي قامت بها الجمعة هي انتقام لاحتجاز ناقلتها، إلا أن بريطانيا تؤكد أن العملية جاءت لأن "ستينا إمبيرو" خرقت قوانين الملاحة من خلال التسبب بالتلوث في المعبر المائي الحيوي، عندما أغلقت أجهزة المتابعة، وتصادمت مع قارب صيد.
وتنقل الصحيفة عن ليلاز، قوله: "لدى بريطانيا استراتيجية جديدة، وهي الدولة الوحيدة حتى الآن التي قامت عمليا بتقديم المساعدة للعدوان الأمريكي ضد إيران.. لم يكن أمامنا سوى الرد، وتذكير بريطانيا أن هذا ليس عام 1953"، في إشارة إلى الانقلاب الذي شاركت فيه مع الولايات المتحدة ضد حكومة محمد مصدق.
وينوه التقرير إلى أن السيطرة على الناقلة البريطانية جاءت بعد 24 ساعة من إعلان الولايات المتحدة أنها أسقطت طائرة دون طيار إيرانية، قالت إنها اقتربت من بارجة حربية أمريكية في مضيق هرمز، مشيرا إلى أن إيران نفت خسارتها طائرة، وبثت صورا قالت إنها التقطها من البارجة في عملية ناجحة.
وتفيد الكاتبة بأن التوتر زاد مع إيران بعدما قرر الرئيس دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، وإعادة فرضه العقوبات على طهران، ثم ممارسته سياسة "أقصى ضغط"، التي أثرت على موارد النفط التي تعد شريان الحياة للبلاد، فيما لا تزال إيران ملتزمة بالاتفاقية، إلا أنها قررت زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم أكبر مما تسمح به الاتفاقية، في محاولة منها لوضع ضغوط على الدول الموقعة على الاتفاقية، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لتفي بوعدها ومساعدة إيران.
وتورد الصحيفة نقلا عن المحللين الإيرانيين، قولهم إن الجمهورية الإسلامية مستعدة لإيجاد حل سياسي للمواجهة الحالية، التي قد تشمل مفاوضات مع الولايات المتحدة، إلا أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف، أكد في زيارة له إلى نيويورك قبل فترة أن لا مفاوضات طالما استمرت العقوبات، ويقول المحللون إن أمريكا قد تشعر بالجرأة لو بدت إيران ضعيفة، ولن تقدم تنازلات في المستقبل.
وينقل التقرير عن السياسي المقرب من القوى المتشددة حامد رضا تراقي، قوله: "بالتأكيد نقوم بإثبات أنفسنا خلال هذه النزاعات المحدودة التي نستطيع القيام بها لفرض سياسة الردع، والرد على أي عدوان، سواء من خلال إسقاط طائرة أمريكية مسيرة أو ناقلة نفط بريطانية.. لكن إن واصل العدو عدوانه فإن إيران ستقوم بتغيير مسارها الدفاعي والانتقامي إلى هجومي ووقائي".
وتشير بوزوغمهر إلى قول إيران إنها لن تتسامح مع الدول الغربية الأخرى والدول في المنطقة التي تساعد الولايات المتحدة على زيادة الضغط، خاصة السماح لها باستخدام قواعدها العسكرية وقدراتها.
وتورد الصحيفة نقلا عن تراقي، قوله إن إيران أخبرت دول المنطقة بأنها لو سمحت لأمريكا باستخدام أراضيها لشن هجمات ضدها فإنها ستكون دولا عدوة، وبالتالي عرضة للانتقام، وأضاف: "لقد تلقينا ردودا إيجابية من دول المنطقة، بينها السعودية، بأنها لن تشارك في أي حرب أمريكية مع إيران".
وينقل التقرير عن طهران، قولها إنها قادرة على تجنب العقوبات والبحث عن طرق أخرى، فيما يقول محللون إن تصدير النفط قد ارتفع بشكل قليل من المستويات القليلة خلال الأشهر الماضية، مشيرا إلى قول إيران مرارا إنها ستجعل التجارة في النفط الخام مكلفة على الجميع لو تم منعها من تصدير نفطها.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول تراقي: "تجارة النفط تكلف بريطانيا أكثر مما تكلف إيران؛ بسبب الكلفة العالية للتأمين والحراسة العسكرية.. كان احتجاز الناقلة البريطانية رسالة للولايات المتحدة وعميلها البريطاني: لو ضربت مرة فستلقى عشر ضربات".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)