هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
- لم أر أي محاولة واحدة جادة من طرف النظام من أجل المصالحة وإنهاء الأزمة
- قادة الإخوان بالسجون يرفضون تماما مساعي نظام السيسي وثابتون على مواقفهم
- لست طرفا فيما يُقال بشأن "مبادرة المعتقلين" ولم أدخل في أي مفاوضات أو عروض
- ملف إنهاء "أزمة المعتقلين" في أذهان جميع القيادات داخل السجون وخارجها
- نظام السيسي لا يشعر بأنه يحتاج لعقد أي صفقات مع أي أحد في الوقت الحالي
- لم تكن هناك أي مفاوضات حقيقية مع النظام لا قبل ولا بعد فض اعتصام رابعة
- النظام خدع بعض الأطراف الدولية التي شاركت في المفاوضات التي سبقت فض رابعة
- تفكير البعض في التخلص من المعاناة الشديدة التي يمرون بها أمر طبيعي وإنساني
- لا أتوقع حلا جذريا لأزمة المعتقلين إلا بعد تغير المنظومة الحاكمة الآن
كشف وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري الأسبق، عمرو دراج، حقيقة موقف النظام المصري من مفاوضات حل الأزمة سواء في السابق أو في الوقت الراهن، وكذلك موقف قادة الإخوان المعتقلين بالسجون من تلك المحاولات التي قالت تقارير إنها "تحدث معهم من وقت لآخر".
وأكد دراج - في الحلقة الثالثة من
المقابلة الحصرية مع "عربي21"- أن "النظام لا يشعر بأنه يحتاج لعقد
أي صفقات مع أي أحد في الوقت الحالي، لأنه يشعر بقوته ويزهو بها"، مشدّدا على
أنه لم ير أي محاولة واحدة جادة من طرف النظام من أجل المصالحة.
وردا على قول البعض بأن قادة
الإخوان في السجون بدأوا بعد وفاة "مرسي" بصياغة مبادرة ما لحل الأزمة
وبهدف خروج المعتقلين، أكد دراج أنه ليس طرفا في هذا الأمر، ولم يدخل في أي
مفاوضات أو عروض، مستبعدا فكرة إقدام قادة الإخوان على طرح مبادرة في هذا الصدد.
وذكر أن "هناك معلومات وصلت
إليه تؤيد صحة ما نُشر مؤخرا على لسان الصحفي البريطاني ديفيد هيرست في ميدل إيست
آي مفادها أن النظام يحاول إنهاء ملف جماعة الإخوان ويقضي عليها قضاء مُبرما، ولا
يسمح لها بممارسة أي عمل في مقابل أن من يقبل بهذا يخرج ويعيش حياته الطبيعية دون
أن ينخرط في أي نشاط".
واستطرد وزير التخطيط والتعاون
الدولي الأسبق، قائلا:" ما أعلمه تماما أن هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا لدى
قادة الإخوان، لأن هذا يعني انتهاء أي نوع من أنواع العمل الوطني حتى لو كان بعيدا
عن السياسة".
وقال إن فكرة ابتعاد الإخوان عن
العمل السياسي لفترة تصل لعشر سنوات مقابل انفراج الأوضاع قد تكون مطروحة بالنسبة
لبعض قيادات الإخوان أو المعارضة بشكل عام، مستدركا:" لكني لا أظن أن النظام
جاد في هذا، ولا يسعى إلى هذا".
اقرأ أيضا: دراج بلقاء حصري يتحدث عن المعارضة ووفاة مرسي (1) (شاهد)
اقرأ أيضا: دراج: هذا موقفنا من التنسيق مع دولة مبارك (2) (شاهد)
ودعا إلى التخلص من نظام السيسي
بأساليب المقاومة الشعبية بالوسائل المدنية السلمية المُتعارف عليها، على غرار
المسارات التي تتبعتها الشعوب في التحرر، مؤكدا على "ضرورة العمل الوطني
الجاد والحقيقي، واستمرار المطالبة بالإفراج عن المعتقلين، وتوثيق الانتهاكات،
واللجوء للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان".
وفي ما يأتي نص الحلقة الثالثة:
القيادي البارز بالجماعة
الإسلامية، عبود الزمر، قال إن هناك قيادات من جماعة الإخوان أبدت استعدادا
للتواصل مع النظام لحل أزمة المعتقلين، مقترحا تشكيل لجنة وساطة تضم نائب رئيس
الجمهورية السابق المستشار محمود مكي، ونائب رئيس مجلس الدولة السابق المستشار
طارق البشري، والمرشح الرئاسي السابق محمد سليم العوا.. هل لديكم معلومات في هذا
الصدد؟
لا توجد معلومات مباشرة، ولا أعرف
المصادر التي استند إليها الشيخ عبود، لكن الحقيقة لا توجد أي دلائل على هذا الأمر؛
فقد رأينا واقعة قتل الرئيس مرسي، واستمرار الاعتقالات والانتهاكات التي لم تتوقف،
والنظام لا يشعر بأنه بحاجة لعقد أي صفقات مع أي أحد في الوقت الحالي، لأنه يشعر
بقوته ويزهو بها بصرف النظر عن القلق الذي ينتابه نظرا لطبيعة الأنظمة الأمنية
والقمعية، ولا أظن أنه يشعر بأنه يحتاج إلى إبرام مثل هذه الصفقات.
وقد يتم ترويج مثل هذه المعلومات
من باب الحرب النفسية أو جس النبض أو الهزيمة النفسية للخصوم، لكن أنا شخصيا لا
أتوقع أن يلجأ النظام إلى مثل هذا الأمر، ولا أتصور أن أي محاولة في هذا الصدد
يمكن أن يُكتب لها النجاح في ظل الوضع الحالي والظروف الراهنة.
وهل حدث أي تواصل بينكم ونظام
السيسي منذ فض اعتصام رابعة وحتى الآن؟
لم يحدث أي تواصل مطلقا بأي صيغة
من الصيغ، إلا أنه كانت هناك محاولة شهيرة معنا بعد فض رابعة وقبل مغادرتي مصر؛
حيث تواصل الدكتور أحمد كمال أبو المجد معي والدكتور محمد علي بشر، وقال "أبو
المجد" حينها إن هناك مبادرة، وأنه يتصل بنا بناءً على طلب من أحد أعضاء
المجلس العسكري، وأنهم مستعدون للحوار، وأشياء من هذا القبيل.
وحينما قال لنا ذلك قلنا له إننا
لم نسمع أي شيء وطلبنا منه التفاصيل، إلا أنه بعد هذا الاجتماع خرج للإعلام وتحدث
بأشياء سلبية جدا في حق المعارضة والإخوان وتحالف دعم الشرعية، وبدا أنه يفقد شروط
الوساطة النزيهة، إذا كانت مثل هذه الوساطة موجودة من الأساس.
وكان تقديرنا في وقتها لهذه
المحاولة أنها لا تزيد عن فرقعة إعلامية لكي يظهر النظام أنه يمد يديه إلى القوى
المعارضة له، وأن هذه القوى هي المتصلبة والرافضة لأي حلول أو مقترحات، وبالتالي فإنه يحصل على تأييد دولي ودعم شعبي يسمح له بوضع القوى المناوئة له في خانة الإرهاب
والتصلب، وأنها لا تريد الخير للبلد، وكانت هذه هي المحاولة الوحيدة والأخيرة التي
بدت وكأنها ذات قيمة بعد فض رابعة.
لو عاد بكم الزمن مرة أخرى، هل
كنتم ستوافقون على المفاوضات التي سبقت فض اعتصام رابعة؟
لم تكن هناك مفاوضات حقيقية حينها،
وكنت أحد الأطراف الفاعلة في تلك المشاورات بشكل مباشر. ما كان يجرى في هذا الوقت
هو حوار بشكل غير مباشر عن طريق وسطاء أوروبيين وأمريكان وغيرهم بما سمي حينها
إجراءات بناء الثقة التي كانت تهدف من ناحيتنا للإفراج عن القيادات المعتقلة في
هذا الوقت، والتي لم يزد عددها على 20 شخصا، وإعادة فتح القنوات الفضائية
التي تم إغلاقها، والتوقف عن القمع والقتل خارج إطار القانون الذي حدث ضد بعض
المظاهرات والاحتجاجات مثل ما حدث في مجزرة الحرس الجمهوري وحادث المنصة.
والنظام والقوى الدولية قالوا إنهم
يهدفون إلى تخفيف الاحتقان وإنهاء الاعتصام والمظاهرات الكبرى لكي يمكن إجراء حوار
سياسي، والكلام كله كان يتم في هذا الإطار، إلا أنه اتضح لنا من خلال سير هذه
"المفاوضات" أن كل ما كان يهدف إليه النظام هو أنه يُخدّر العالم ويشعره
أنه يهدف إلى الخروج من هذه الدائرة بشكل سلمي لكي يبرر له إجراءات القمع والقتل
التي حدثت بعد ذلك بزعم أن القوى المناوئة له متصلبة، وهذا الكلام أصبح واضحا
للجميع فيما بعد.
حتى إن النظام خدع أيضا بعض
الأطراف الدولية التي كانت مشاركة في تلك المفاوضات؛ حيث إنه قال لهم إنه لن يحدث
أي فض بالقوة، وإن أي تعامل سيكون سلميا، وبمجرد أن غادروا - قبل عيد الفطر حينها
وقبل الفض- أعلن فشل المفاوضات وتصلب الإخوان - يقصد تحالف دعم الشرعية، لأننا لم
نكن نتحدث باسم الإخوان فقط- وأنه سيطلب من النائب العام بدء إجراءات الفض إلى
آخره، وكان واضحا أن النية كانت مُبيتة بأنهم كانوا يستدرجون المنظومات المختلفة
حتى يصلوا للهدف الذي وصلوا إليه.
وفي نفس الوقت لا نستطيع القول إن
المجتمع الدولي كان بريئا تماما، ورغم أنه لم يكن يريد أن ينتهي المشهد بهذه
الدموية والوحشية، إلا أنه في نهاية الأمر كان يريده أن ينتهي، وكان يضغط على
القوى المناوئة للنظام الانقلابي للقبول بالأمر الواقع، وكل ما كان يقوله: (عليكم
القبول بالأمر الواقع).
وحينما ذهبت مفوضة الاتحاد
الأوروبي حينها، كاترين آشتون، للرئيس مرسي في محبسه طلبت منه أن يقبل بالأمر الواقع،
ونائب المرشد العام لجماعة الإخوان المهندس خيرت الشاطر تحدث منذ أيام عن نفس
الأمر، وأنا شاهد على أن القصة التي رواها المهندس خيرت صحيحة تماما؛ حيث إنني
قابلت وزير الدفاع القطري خالد العطية الذي كان يشغل حينها وزير خارجية قطر في عصر
اليوم الثاني الذي قابل فيه المهندس خيرت باعتباره جزءا من الوفد، وحكى لي هذه
القصة بتفاصيلها، وهو نفس ما قاله المهندس خيرت بالتحديد.
وقال وزير خارجية الإمارات، ومساعد
وزير الخارجية الأمريكي للمهندس خيرت إنه يجب أن تقبلوا بالأمر الواقع لكي تنتهي
هذه الأزمة، وبالتالي كان المجتمع الدولي يضغط للقبول بالأمر الواقع والعودة إلى
نظام أشبه بالمنظومة التي كانت موجودة قبل ثورة يناير.
بينما كانت القوى الإقليمية الأخرى
ومن يدعمونه (السيسي) من المجلس العسكري في ذلك الوقت كانوا يريدون سحق المعارضة
التي كانت موجودة وإحداث أكبر قدر من الدماء والقمع، لكي يكون هذا إنهاء لهذا
الملف بشكل كامل، وبالتالي لم يكن هناك شيء للتفاوض عليه، ولم يكن هناك مطروح أي
نوع من أنواع الاتفاقات بالشكل الذي شرحته.
للمرة الأولى سُمح لنائب مرشد
الإخوان، خيرت الشاطر، بالتحدث داخل المحكمة لمدة 45 دقيقه كاملة.. ما دلالة هذا
الأمر الآن برأيك؟
لا أعرف تحديدا، إلا أننا لو
تتبعنا ما كان يحدث خلال السنوات السابقة سنجد أنه أحيانا ما كان يتم السماح
للدكتور مرسي أو المرشد العام للإخوان الدكتور محمد بديع أو غيرهما بالتحدث خلال
جلسات محاكمتهم.
ولا أظن أن هناك شيئا خاصا أو
دلالة معينة لحديث المهندس خيرت الذي عبّر عن الكثير من الوقائع التي من الواضح
للجميع أنها تدحض تماما الاتهامات العبثية الموجودة، فهل كان النظام يريد أن يظهر
هذا الصوت ليعلم الناس أن تلك الاتهامات عبثية، إلا أن الجميع يعلم أن تلك
الاتهامات عبثية تماما، ولا أستطيع أن أصل إلى سبب مُقنع أن هناك شيئا خاصا من
السماح للمهندس خيرت بالحديث الآن، إلا أن القاضي قد يكون قرر هذا الأمر يومها.
البعض يقول إن بعض قادة الإخوان
المعتقلين بدأوا بعد وفاة "مرسي" كتابة أفكار ما لمحاولة إنهاء أزمة المعتقلين..
هل لديكم أي تفاصيل حول هذا الأمر؟
بدون شك هدف الجميع هو إنهاء أزمة
المعتقلين وخروجهم من السجون وتحسين أوضاع من يقبعون داخل تلك السجون، وهذا أمر
بالتأكيد في أذهان جميع القيادات الموجودين داخل السجون وخارجها، لكن في نفس الوقت
نحن نسمع كل فترة، وأنا وصلتني معلومات تؤيد صحة ما نُشر مؤخرا على لسان الصحفي
البريطاني ديفيد هيرست في ميدل إيست آي لما يحاول أن يقوم به النظام لإنهاء ملف
جماعة الإخوان ويقضي عليها قضاءً مُبرما، ولا يسمح لها بممارسة أي عمل من أي نوع
سواء كان عملا سياسيا أو دعويا في مقابل أن من يقبل هذا من أفراد الإخوان يخرج
ويعيش حياته الطبيعية دون أن ينخرط في أي نشاط تحت مُسمى الإخوان المسلمين بأي
صورة من الصور.
وما أعلمه تماما أن هذا الأمر
مرفوض جملة وتفصيلا لدى قادة الإخوان، لأن هذا يعني انتهاء أي نوع من أنواع العمل
الوطني حتى لو كان بعيدا عن السياسة.
وجدلا لو يرى البعض فكرة ابتعاد
الإخوان عن العمل السياسي لفترة تصل لعشر سنوات أو شيء من هذا القبيل في مقابل
انفراج الأوضاع، ويصبح هناك مجالا للعمل العام. وهذا الأمر قد يكون مطروحا بالنسبة
لبعض قيادات الإخوان أو قيادات المعارضة بشكل عام، ولكن أنا لا أظن أن النظام جاد
في هذا، ولا يسعى إلى هذا، لأنه يريد إخراس أي صوت من الممكن أن يكون له أي دور في
المجتمع حتى ولو على مستوى العمل الأهلي والمجتمع المدني وليس فقط العمل السياسي.
هذا بدليل التعديل الموضوع على
قانون الجمعيات الأهلية الذي صدر مؤخرا بسبب ضغوط كثيرة من أطراف في المجتمع
الدولي، إلا أنه في نهاية الأمر أتضح أن تلك التعديلات سطحية وهامشية تجعل هناك
هيمنة مستمرة من الدولة على كل أنواع العمل الأهلي.
وبالتالي، الهدف الموجود لدى
النظام ليس فقط القضاء على جماعه الإخوان ولا عملها السياسي أو الدعوي، بل القضاء
على كل طاقة وجهد مجتمعي يستطيع أن يكون له بروز في خدمة الناس بعيدا عن أي شكل من
أشكال العمل السياسي.
العرض الذي قُدم لقادة الإخوان
المعتقلين قيل إنه تم رفضه قبل وفاة "مرسي"، الآن بعد غياب
"مرسي" من المشهد هل قد يكون مقبولا بأي صيغة من الصيغ؟
بداية أنا بالطبع لست طرفا في هذا
الأمر، ولم أدخل في أي مفاوضات أو عروض، بل هذه معلومات أسمعها من أطراف هنا أو
هناك أو من خلال ما قرأناه في ميدل إيست آي، إلا أنه بحكم معرفتي بقيادات الإخوان
داخل السجون الذين تحملوا سنوات طويلة من القهر والعذاب والقمع عندما يرون استشهاد
الدكتور مرسي بهذا الشكل أظن أن هذا سيكون عاملا أكثر لتمسكهم بما يطالبون به وما
يضحون من أجله وليس العكس، لأن الدكتور مرسي أعطى مثالا في الصمود والثبات وفي قوة
الإرادة وفي الإصرار على الثبات على المبدأ وعدم التنازل، وأي شخص في هذا المكان
سيأخذ مما حدث مع الدكتور مرسي طاقة تدفعه إلى الثبات أكثر وإلى عدم الاستسلام
تماما وليس العكس، وسينتهج هذا النهج في الصمود والثبات، من تربوا داخل الإخوان
بشكل خاص، لأن هذه المعاني والمبادئ جزء من الإطار الفكري والتربوي الموجود لديهم.
هذا الصمود والثبات الذي تتحدث عنه
من أجل ماذا الآن، فعودة الشرعية لم يعد لها أي محل من الإعراب بعد وفاه
"مرسي"؟
هذا غير صحيح على الاطلاق، وإذا
كان البعض يطالب بعودة الشرعية متمثلة في شخص الرئيس مرسي فكان هذا بشكل رمزي،
وليس لأنه ينتمي إلى جماعة الإخوان ولا أظن إطلاقا أن من كانوا يطالبون بعودة
الشرعية ممثلة في عودة الرئيس المنتخب كانوا يقصدون بالذات شخص الرئيس مرسي،
فالأساس هو استعاده المسار الذي أنتج الدكتور مرسي كرئيس مُنتخب وأنتج كل المؤسسات
الموجودة، وليس هذه المؤسسات بذاتها سواء مجلس الشورى أو دستور 2012، فالمهم هو
المسار نفسه، والذي هو قدرة الناس على اختيار حكامهم ونوابهم في البرلمان وسنّ
القوانين المُعبّرة عنهم، وما إلى ذلك، وليس باغتصاب السلطة عن طريق انقلاب عسكري.
والشرعية هي الشرعية المُتمثلة في
اختيار ورضا الناس، وبالتالي لا يعني استشهاد الدكتور مرسي بأي شكل من الأشكال أن
تتنازل الناس عن هذا المطلب، فهذا هو المبدأ الذي خرجت من أجله الجماهير في يناير
2011 ومنذ الانقلاب وحتى الآن، وإلا فلا معنى لهذا الثبات وهذه التضحيات.
ثم أنه ماذا سيكون المقابل للتنازل
الذي يدعو إليه الآخرون، وقد يفكر البعض بشكل شخصي وفردي – ونحن قد نلتمس لهم
العذر- تحت تأثير الضغط والمعاناة الشديدة التي يمرون بها، في التخلص من هذه
المعاناة، وهذا بطبيعة الحال شعور طبيعي وإنساني، ولكن حين نتحدث بشكل جمعي وشامل
لا يمكن إطلاقا أن يتخلى المصريين عما خرجوا من أجله سواء في يناير أو بعد
الانقلاب.
لو طلبنا منكم طرح تصور أو رؤية ما
للخروج من الأزمة المصرية وإنهاء أزمة المعتقلين تحديدا.. فماذا ستكون أبرز
الملامح الخاصة بهذه الرؤية؟
أنا شخصيا قناعتي أن أزمة
المعتقلين التي تمس عشرات أو مئات الآلاف من المعتقلين وأسرهم، لكن هذا الملف من
الصعب تصور إمكانية حله جذريا إلا إذا تغيرت المنظومة الموجودة حاليا، وبالتالي
هناك عمل ينبغي أن يستمر في هذا الملف بالذات كملف منفصل، مع استمرار المطالبة بالإفراجات،
والتوثيق للانتهاكات، واللجوء للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان.
وكل هذه القضايا التي أوضحت أنها
لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت هناك إرادة سياسية من المجتمع الدولي لمعاقبة
النظام الموجود، إلا أن هذا الجهد ينبغي أن يستمر وقد يحقق بعض الضغوط التي تُشكل
بعض الانفراجات التي قد تؤدي إلى إطلاق سراح بعض المعتقلين أو على الأقل تحسين
ظروف اعتقالهم.
لكن أصل المشكلة أن النظام قمعي
وسيستمر في هذا القمع طوال فترة بقائه في الحكم للمحافظة على نفسه، خاصة أنه يعتمد
في وجوده على هذا القمع ولا يعتمد على رضا الناس والدعم الدولي والإقليمين.
وبالتالي، فهو لا يريد إنهاء حالة
القمع هذه لأنه يرى فيها نهايته، وطواعية لن يتخلى عن هذا القمع، ولذا فأن العمل
الحقيقي والجاد يجب أن يكون بالعمل على إنهاء هذه الحالة، والتخلص من هذا النظام
بشكل مدني وسلمي ومقاومة شعبية على غرار المسارات التي تتبعتها الشعوب في التحرر.
وحقيقة هذا طريق صعب، وقد يأخذ
وقتا، إلا أن هذا هو الطريق الناجع للتخلص من هذه الأزمة، لأننا إذا ما استسلمنا
للنظام الذي دائما ما يساوم بالمعتقلين، فحتى لو أخرج بعض الناس الآن فما الذي
يمنعه من اعتقال آخرين واتباع نفس الممارسات مرة أخرى، لأنه يعتمد على هذا ولا
يستطيع السيطرة على الأوضاع إلا بهذا، هو جبُل على هذا، وبالتالي تصور أن يُقدم
النظام بمحض إراداته، وأنه من الممكن أن يُضغط عليه لحل أزمة المعتقلين انفصالا عن
مسألة وجوده في حد ذاته أمر صعب جدا، وهذا لا يعني التوقف عن العمل الذي يجب
استمراره طوال الوقت.
لو تواصل مع معكم النظام بشأن أزمة
المعتقلين وطرح عليكم عرض ما.. فهل ترفضون هذا التواصل؟
معذرة، أنا لا أحب الأسئلة
الافتراضية؛ فمنذ ست سنوات مضت على الانقلاب أنا لم أر أي محاولة واحدة جادة من
النظام لمثل هذا التواصل، فما الذي يجعلني أظن أن هذا قد يحدث اليوم.
لكن مفوض العلاقات الدولية السابق
في جماعة الإخوان المسلمين يوسف ندا، ونائب المرشد العام لجماعة الإخوان إبراهيم
منير قالا سابقا في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن النظام سعى سابقا
للتواصل مع الإخوان لمحاولة حل الأزمة؟
أنا لا أعرف معلومات عن هذا
الموضوع، لكني أتصور وكما فهمت مما قالوه بشكل علني – لأنني لم أتحدث معهم في هذا
الأمر- أن هناك بعض الأطراف الموجودة في منظومة الحكم سواء قيادات عسكرية أو
سياسية تريد بشكل أو بآخر تخفيف حالة الاحتقان الموجودة فسعت بشكل فردي أو شخصي
للتواصل بهما.
وقد يكون هناك سعي في هذا التواصل
للإيحاء بأن هناك شيء جدي يتم تجهيزه، لكن تقييمي للأمور بشكل عام بصرف النظر عن
شيء هنا أو هناك أنا لا أرى أي شيء جدي إطلاقا من جهة النظام في هذا الموضوع، بل
على العكس تماما هو مستمر في القمع والقهر وتوسيع هذه الدائرة التي تطال الجميع،
وهناك آلاف الشواهد التي تؤكد أن توجه النظام مُخالف تماما لأي شخص يسعى للتهدئة؛
فكل ممارساته تصب في صالح مزيد من الاحتقان وعدم استقرار الوضع الداخلي.