هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في اعتراف نادر حمل العديد من الدلالات، أقرت الحكومة المصرية بوجود أزمة مائية كبيرة، تجعلها من أكثر البلاد جفافا، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم.
وزير الموارد المائية والري المصري، كشف أن مصر من أكثر بلاد العالم جفافا، حيث إن 95% من أراضيها صحراء، ونهر النيل يمثل ما يزيد على 95% من مصادرها المائية.
وأضاف الوزير في كلمته التي ألقاها أمام المنتدى العالمي الثالث للري والصرف في مدينة بالي الإندونيسية، خلال الفترة من 1 إلى 4 أيلول/ سبتمبر، أنه "يجب التنسيق بين دول المنابع ودول المصب عند تنفيذ أي منشآت على مجرى النيل بما لا يتسبب في حدوث أي أضرار لأي من الدول، ويحقق في الوقت نفسه متطلبات التنمية في دول المنابع".
وكشف خبراء ومختصون لـ"عربي21" فشل مصر حتى الآن في اعتماد إستراتيجية حقيقية لتعويض آثار تشغيل سد النهضة الإثيوبي، وترشيد استخدامات المياه، وتحسين كفاءة استخدامها، وتنمية الموارد المائية، بما يحقق الحد الأدنى لاحتياجات نحو مئة مليون مصري.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أعربت الحكومة المصرية عن تذمرها من أن المفاوضات الثلاثية (مصر والسودان وإثيوبيا) حول سد النهضة استغرقت مدة زمنية طويلة دون التوصل إلى اتفاق.
وطالبت اللجنة العليا لمياه النيل "بضرورة الانتهاء من المفاوضات وفقا لبرنامج زمني محدد، والاجتماع خلال يومي 15 و 16 أيلول/ سبتمبر 2019 الجاري للتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي".
وفي تموز/ يوليو الماضي، أقرت لجنة تنظيم إيرادات نهر النيل بوزارة الري المصرية بانخفاض نسبة الإيراد المائي من مياه النيل، بما نسبته 10% من حصة مصر من مياه النيل، التي تقدر سنويا بـ55 مليار متر مكعب.
مستقبل المياه على المحك
توقع خبير المياه والسدود، محمد حافظ، أن تفشل جلسة المباحثات الثلاثية المقرر عقدها منتصف الشهر الجاري، قائلا: "من المنتظر أن يكون هذا هو المؤتمر التاسع عشر الذي يناقش قضية (ملء بحيرة سد النهضة)، وعليه سوف يتم تحديد المستقبل المائي للدولة المصرية، وسط توقعات أن تكون جولة المفاوضات القادمة ليس إلا تحصيلا حاصلا، لكنه لذر الرماد في العيون".
وأضاف لـ"عربي21": "اليوم، ومع تأكيد ملامح الفشل، وظهوره كقرص الشمس في كبد السماء، صار ليس هناك مفر غير الاعتراف بموقف إثيوبيا المتعنت، وبلع كافة الأكاذيب التي رددها الإعلام المصري على مدار أكثر من 5 سنوات بقدرة السيسي البارعة في حل مشكلة سد النهضة".
وتابع: "وعليه، فوزير الري اليوم يجهز الضمير الجمعي للأمة المصرية، لتقبل فشل السيسي ونظامه تدريجيا وإلي حتى إعلان نتيجة جولة المفاوضات مساء يوم 16 سبتمبر، والتي يكاد وزير الري أن يراها حتى من قبل انعقادها".
وبشأن وجود إستراتيجية بمصر لإدارة الموارد المائية والتعامل مع الأزمة، أكد حافظ أن "وزارة الري لديها عدة سيناريوهات، لكن السؤال الأهم هل تلك السيناريوهات ناجحة أم فاشلة؟"، لافتا إلى أن انخفاض حجم المياه بعد ملء السد من (59 مليار متر مكعب لــ24 مليار متر مكعب) هو أمر لا يمكن معه نجاح أي إستراتيجية لوزارة الري".
واختتم حديه بالقول: "الحكومة المصرية تريد أن تقنع الضمير الجمعي للشعب المصري بأنهم هم أسباب المشكلة وليس فشل السيسي وعصابته هم السبب"، مشيرا إلى أن "السبب الأساسي في مشكلة المياه هو أولا: التسريب الدائم من شبكة مياه المدن، والذي يقدر بقرابة 40% من إجمالي ما يضخ بالشبكة سنويا. ثانيا: أن استهلاك القطاع الزراعي يعادل 85% من إجمالي الاستهلاك المحلي نتيجة النظم القديمة في الري".
فشل إدارة الأزمة
وكشف الأستاذ المساعد في مركز البحوث الزراعي، عبدالتواب بركات، لـ"عربي21"، أن "إدارة النظام في مصر لأزمة سد النهضة تكشف عن أزمة حقيقية في إهدار الوقت وحرق أوراق القوة التي في أيدي النظام في مواجهة إثيوبيا التي تعزم بقوة إتمام بناء السد، رغم الأخطاء الكارثية التي تعترف بارتكابها في التصميمات والإنشاءات، واحتجاز المياه من حصة مصر للبدء في تشغيل السد وإنتاج الكهرباء".
مضيفا أن "الجنرال السيسي يهون من كارثة بناء السد، وقد صرح قبل ذلك بعدم وجود أزمة، في المقابل فهو يثير المخاوف بشأن استهلاك المياه في مصر، ويدعي إهدارها في زراعة الأرز الذي يحارب زراعته، رغم نجاحه في سد الفجوة الغذائية، ثم يعلن التغلب على مشكلة نقص المياه بحلول عاجزة وساذجة مثل تحلية مياه البحر، والتي لا يمكن أن تعوض أكثر من 2% من مياه نهر النيل".
ورأى أنه "بعد 6 سنوات من المفاوضات العبثية، توشك إثيوبيا أن تنجز بناء السد، دون أن يطالب الجنرال السيسي ولو مرة واحدة بالحفاظ على حصة مصر القانونية، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، ما يعني أن الجنرال لا يملك خطة جادة لحفظ حق المصريين في مياه النيل، وهو الحق الذي أكد عليه الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، وقال إن انتقاص قطرة واحدة منه ليس لها بديل إلا الدم".