هجمات "أرامكو" قد تقضي على فائض معروض النفط العالمي

توقع خبراء ومحللون اقتصاديون، أن تؤدي تداعيات هجمات أرامكو في السعودية، إلى القضاء على فائض معروض النفط العالمي.

ووصف الخبراء هذا الأمر بالفرصة المواتية لذلك، عقب الهجمات التي تعرض لها مجمعان لشركة "أرامكو" السعودية، حيث راوحت تصريحات مسؤولين بصناعة النفط الخام بين قدرة المملكة على العودة سريعا للإنتاج، وبين البحث عن مصادر أخرى للإيفاء باحتياجات السوق.

وفائض المعروض أو تخمة المعروض النفطي، تتشكل عندما يزداد معروض المنتجين المنافسين في الأسواق بوتيرة أسرع من المتوقع، مقابل تراجع الطلب على النفط بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي.

اقرأ أيضا: "أرامكو" تؤجل شحنات نفط للصين.. وبيان سعودي مرتقب

وتعرض مجمعا "بقيق" و"خريص" النفطيين شرقي السعودية، السبت الماضي، إلى هجوم قالت المملكة إنه تم بطائرات مسيرة، فيما تبنت جماعة "الحوثي" المسؤولية عنه.

ويجد محللون، أن الهجمات قد تكون فرصة لتحالف "أوبك+" للقضاء على فائض المعروض الحالي للنفط الخام في الأسواق العالمية.

وتسببت هجمات الحوثي بفقدان المملكة إمدادات حجمها 5.7 ملايين برميل يوميا من النفط، تشكل نسبتها 58 في المئة من إنتاج المملكة، وفق أرقامها في آب/ أغسطس الماضي.

المعروض النفطي يتراجع

وقال مسؤولون سعوديون إنهم سيلجأون إلى الاحتياطي الاستراتيجي، لتلبية احتياجات السوق، ما يعني أن المعروض النفطي لدى السعودية على الأقل سيتراجع خلال الفترة المقبلة.

وبلغ سعر خام برنت في بداية تعاملات الثلاثاء، 68 دولارا للبرميل، وهو سعر قال عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه "لا يمثل مشكلة"، مشيرا إلى وجود احتياطيات كبيرة لدى بلاده ومنتجين آخرين.

ومنذ مطلع 2019، يواصل تحالف "أوبك+" تنفيذ اتفاق يقضى بخفض إنتاج النفط بواقع 1.2 مليون برميل يوميا، ينتهي في مارس/ آذار 2020.

ورغم تنفيذ الاتفاق بنسبة تجاوزت الـ150 بالمئة في بعض الشهور، إلا أن أسعار النفط ظلت طوال الشهور الماضية، عرضة لتغيرات سببها الرئيس توترات تجارية بين واشنطن وبكين، أو أسباب جيوسياسية مرتبطة بتوترات الشرق الأوسط.

والأسبوع الماضي، حذّرت وكالة الطاقة الدولية من احتمال حدوث فائض في إنتاج منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، وهي ذات التوقعات التي حذّرت منها الأخيرة الأربعاء الماضي.

ويعد فائض معروض النفط الذي عاد للصعود منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، المشكلة الأبرز التي دفعت "أوبك+" لخوض اتفاق جديد كان يفترض انتهاؤه في حزيران/ يونيو الماضي، قبل إعلان تمديده 9 شهور حتى آذار/ مارس 2020.

وتخمة المعروض التي تعاني منها الأسواق العالمية، تأتي على الرغم من تجفيف بنسبة 90 في المئة للنفط الإيراني في الأسواق العالمية منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.

وهبطت صادرات إيران النفطية من 2.21 مليون برميل يوميا في تموز/ يوليو 2018 وهي أحدث بيانات أفصحت عنها طهران، إلى متوسط 200 برميل يوميا في آب/ أغسطس الماضي، وفق وكالة الطاقة الدولية.

وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، الاثنين، إن لدى بلاده (تنتج 3 ملايين برميل يوميا) طاقة إنتاجية فائضة للنفط، لمواجهة اضطراب محتمل للإمدادات.

بينما ذكر وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، الأحد، أن المملكة ستستخدم مخزوناتها الضخمة للتعويض جزئياً عن تراجع الإنتاج، كما سمحت الولايات المتحدة باستخدام احتياطياتها.

وقال التلفزيون السعودي، الاثنين، إن "أرامكو" مستعدة لإعادة تشغيل منشآت "خريص" التي تعالج 1.5 مليون برميل في اليوم.

ونقلت وكالة أنباء رويترز، الاثنين، عن تجار في الأسواق العالمية قولهم، إن منشآت تتبع "أرامكو"، طلبت منتجات نفطية فورية على غرار الديزل.

وفي حال إتمام منشآت "أرامكو" عمليات الشراء، فإنها المرة الأولى التي تستورد فيها السعودية منتجات نفطية من الخارج، منذ حرب الخليج الأولى.

أثر الهجمات يمتد لأسابيع

ويقول محللون في سوق النفط، إن أثر الهجمات على المجمعين التابعين للشركة السعودية قد يستغرق أسابيع أو شهورا، اعتمادا على تقييم من المرتقب أن تعلن عنه الشركة هذا الأسبوع.

وتعتبر دول شرق آسيا، المستورد الأكبر للنفط السعودي، ومنها الصين على سبيل المثال بمتوسط مليون برميل يوميا، واليابان التي تستورد قرابة مليون برميل يوميا كذلك.

في المقابل، أصدر بنك "باركليز" مذكرة بحثية، الاثنين، استبعد فيها أن تقلص الهجمات الصادرات النفطية للمملكة على نحو كبير، "إذ إن بحوزتها مخزونا يضم كمية كبيرة من النفط الخام والمنتجات البترولية".

وأوردت المذكرة، احتمالية قيام بلدان من خارج "أوبك"، بزيادة إمدادات الخام للسوق العالمية بهدف تأمين حاجة المستهلكين.

ورغم قدرة "أرامكو" على إعادة العمل خلال أيام أو أسابيع قادمة، إلا أن استمرار الحرب على اليمن، يجعل من الصعب تحقيق استقرار بعيد المدى، لأمن إمدادات الخام السعودية.

وحذّر متحدث حوثي في بيان متلفز بثته قناة "المسيرة" التابعة للجماعة، الشركات والأجانب من التواجد في منشآت "أرامكو"، لأنها "لا تزال تحت مرمانا وقد يطالها الاستهداف في أي لحظة".