هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لعميد كلية الدراسات الدولية في الجامعة الأمريكية في دهوك في العراق، ألبرت بي وولف، يقول فيه إن نتنياهو وعد في الانتخابات السابقة، التي جرت في نيسان/ أبريل، بضم المستوطنات في الضفة الغربية رسميا، وجعلها جزءا من إسرائيل.
ويشير وولف في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "نتنياهو تلاعب مؤخرا بفكرة ضم وادي الأردن خلال حملته للانتخابات الأخيرة، حتى قال له المدعي العام إنه لا يستطيع فعل ذلك، وهذا الحديث الذي يعكس صلابة يهدف منه التبادل مع اليمين المتطرف لتمرير قانون يوفر لنتنياهو حصانة من المحاكمة بتهمة الفساد".
ويرى الكاتب أنه في الوقت الذي يمكن فيه لهذا (ضم وادي الأردن) أن يساعد نتنياهو في مشكلاته القانونية، إلا أن ضم أي جزء من الضفة الغربية سيكون مضرا بالأمن القومي الإسرائيلي؛ لأنه قد يؤدي إلى مرحلة من العزلة للدولة اليهودية لم تشهدها منذ إقامتها عام 1948".
ويلفت وولف إلى أن "التداعيين الواضحين لضم الضفة الغربية أو أي جزء منها، هما نهاية عملية السلام ونهاية إسرائيل بصفتها دولة ذات أكثرية يهودية، إلا أن هناك للضم أيضا مخاطر أخرى تم التغاضي عنها، أو أهملت دراستها بشكل جيد، ابتداء من زعزعة الاستقرار في الأردن".
ويقول الكاتب: "عدا عن التغييرات الحدودية الطفيفة التي كانت جزءا من اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994، فإن كل تغيير لحدود المحمية البريطانية، التي أصبحت المملكة الأردنية الهاشمية، كان يهدد بزعزعة الاستقرار في جارة إسرائيل الشرقية".
ويفيد وولف بأنه "بعد ثلاث سنوات من الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، وإقامة دولة إسرائيل، تم اغتيال الملك عبدالله الأول على يد أحد أنصار مفتي القدس السابق، ما هدد بتحويل الأردن إلى دولة فاشلة، وأدى ذلك إلى أزمة خلافة بين أبناء الملك عبدالله، الملك طلال والأمير نايف، وكانت فترة حكم طلال مضطربة، مع وجود إشاعات منتشرة حول صحته العقلية، وقام بالتنازل عن العرش لاحقا، ما أتاح لرئيس الوزراء توفيق أبو الهدى إنشاء مجلس وصاية على العرش حتى يبلغ الحسين سنا يسمح له بالجلوس على العرش".
وينوه الكاتب إلى أنه "بعد حرب 1967 انقلب التوازن الديمغرافي الدقيق في الأردن رأسا على عقب مرة أخرى، فقد فر عدد من الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في الضفة الغربية إلى الأردن والكويت، وهذا تسبب بمشكلات للملك حسين لا يحسد عليها، وبقي الأمر كذلك حتى أيلول الأسود عام 1970، عندما قام الملك بطرد الفدائيين من الأردن، بعد أن كانوا يديرون دولة داخل دولة، وتمكن الملك حسين من إعادة قبضته السياسية على الأمور في المملكة".
ويقول وولف: "اليوم هناك خلاف حول عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأردن، ما يشير إلى أن هناك تلاعبا في أرقام الإحصائيات، وبحسب إحصائية 2015 فإن 6.6 مليون من عدد سكان المملكة، البالغ عددهم 9.5 مليون، هم من الأردنيين، في الوقت الذي يوجد هناك فقط 634 ألف فلسطيني، لكن تقديرات أخرى تشير إلى أن عدد الفلسطينيين في الأردن يصل إلى 23%".
ويشير الكاتب إلى أنه "منذ انطلاق الربيع العربي، كانت هناك مبالغة في توقع سقوط المملكة الهاشمية، وكانت كل مظاهرة في الشارع تجعل الخبراء يتوقعون الإطاحة بالملك عبدالله الثاني قريبا، لكن الملك رفض في وقت سابق من هذا العام تمديد استئجار أراض أردنية على الحدود لمدة 25 عاما تمت الموافقة عليها في اتفاقية السلام عام 1994، وذلك جزئيا بسبب الضغط الداخلي".
ويجد وولف أنه "من الصعب توقع رد فعل الفلسطينيين في الأردن لضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية، لكن لن يكون الأمر لصالح إسرائيل، ويمكن أن تنطلق المظاهرات في عمان وفي أنحاء الأردن كلها، وتكون مشابهة لتلك التي شوهدت في مصر وغيرها من البلدان خلال الربيع العربي (أو حديثا مثل الجزائر والسودان)، وقد تؤدي مثل هذه المظاهرات للإطاحة بالملكية الهاشمية".
ويبين الكاتب أن "أزمة لاجئين من الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، مثل أزمة اللاجئين في أواخر الأربعينيات، وبعد حرب 1967، يمكن أن تخلط السياسة البيزنطية الهشة في الأردن، وقد اعتمد الهاشميون تقليديا على تأييد الأردنيين من شرق الأردن، أما الفلسطينيون من الضفة الغربية فهم عادة من منتقدي العائلة المالكة وتعاملها مع الفلسطينيين، وهذا قد يقلب ميزان القوى المحلي ضد العائلة المالكة، (ولن يكون الأردن هو البلد الأول الذي يزعزع استقراره بسبب مشكلة اللاجئين، فكثير من مشكلات لبنان في القرن العشرين كانت بسبب أزمات اللاجئين)".
ويقول وولف إنه "في الوقت الذي يبدو فيه أن رئيس النظام السوري بشار الأسد انتصر في الحرب الأهلية، فإن القتال يستمر في سوريا، وإن تمت الإطاحة بالهاشميين فإن هذا سيتسبب بدولة فاشلة أخرى، ويتسبب بفراغ في السلطة على حدود سوريا الجنوبية".
ويذهب الكاتب إلى أنه "يمكن لهذا الوضع أن يوفر فرصة لمجموعات مثل تنظيم الدولة، ويسمح للمنظمات الوطنية الفلسطينية مثل حركة حماس أن توجد لنفسها موطئ قدم لمحاربة إسرائيل، ويحتمل أن يوفر هذا فرصة لتدخل إيران وحزب الله في المنطقة، للتوسيع والبناء على موطئ قدمهم في سوريا، وبالتالي مفاقمة المعضلة الأمنية في المنطقة".
ويرى وولف أن "التداعيات ستتجاوز الشرق الأوسط، وستهدد العلاقات المزدهرة بين إسرائيل وبعض دول أفريقيا أيضا، وبالرغم من كونه صهيونيا تحريفيا (مدرسة جابوتنسكي التي تشكل منها اليمين الصهيوني)، إلا أن سياسة نتنياهو الخارجية هي إعادة لاستراتيجية ديفيد بن غوريون، حيث تقوم إسرائيل بإنشاء علاقات مع الدول الواقعة على أطراف الشرق الأوسط".
ويلفت الكاتب إلى أن "عددا من الدول الأفريقية قامت ابتداء من السبعينيات بقطع علاقات الصداقة مع إسرائيل، مقابل الحصول على مساعدات من الدول البترولية العربية، لكن إسرائيل قامت الآن بإنشاء علاقات مع 11 دولة أفريقية، ومنذ عام 2016 قام نتنياهو بعدد من الرحلات إلى أفريقيا، بما في ذلك أوغندا، حيث قتل أخوه عام 1976 في الهجوم الإسرائيلي في مطار عنتيبي لإنقاذ المسافرين الإسرائيليين المخطوفين".
ويختم وولف مقاله بالقول إن "هذه الرغبة في تطبيع أو إعادة العلاقات مع أفريقيا تأتي مدفوعة بالرغبة في إنهاء عقود من العزلة، ولبيع تكنولوجيا خضراء وتكنولوجيا دفاعية، لكن ضم أجزاء من الضفة الغربية يهدد هذه الاستراتيجية، التي تحمل فوائد اقتصادية للصناعات الإسرائيلية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)