هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توحد الموقف الأمريكي الروسي في مجلس الأمن الخميس الماضي، على غير العادة، تجاه العملية العسكرية التي ينفذها الجيش التركي في منطقة شرقي الفرات شمال سوريا، ورفض البلدان مقترحا لإدانة عملية "نبع السلام" التركية.
وكان لافت في المشاريع السابقة المقدمة في مجلس الأمن
حول الأزمة السورية، وجود تباين واضح بين الموقف الأمريكي والروسي، والذي عهد
الأخير لاستخدام حق "الفيتو" ضد أي مشروع يدين النظام السوري وجرائمه المتكررة.
وجاء رفض الولايات المتحدة وروسيا، المقترح الذي تقدمت
به 5 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي، ولم توافق واشنطن وموسكو
على المقترح، ولم يستخدم كلا البلدين عبارة "إدانة" في تصريحهما بالمجلس.
سبب الإدانات
لكن الرفض الأمريكي والروسي لإدانة العملية التركية،
يتناقض مع تصريحات الإدانة المعلنة، وتحديدا الصادرة من الإدارة الأمريكية برئاسة
دونالد ترامب، ويفسر ذلك المحلل السياسي أحمد كامل قائلا: "الموقف الحقيقي هو
الذي حدث في مجلس الأمن".
ويوضح كامل في حديثه لـ"عربي21" أن
"الإدانات هي فقط للاستهلاك المحلي وتخفيف الضغوط الداخلية الرافضة للعملية
العسكرية التركية في سوريا من جهة، وكذلك للاستهلاك الكردي بمعنى تضليل قوات سوريا
الديمقراطية"، التي لم تتوقف عن مناشدة واشنطن التدخل، لوقف عملية "نبع
السلام".
اقرأ أيضا: فيتو أمريكي وروسي يحبط بيانا بمجلس الأمن ضد "نبع السلام"
وحول سبب توحد الموقف الروسي الأمريكي في مجلس الأمن
بشأن العملية التركية، يقول كامل إن "تركيا تحضر منذ سنوات للقيام بهذه
العملية، وأعتقد أن هناك تسويات مسبقة، حتى لا يكون هناك صدامات مباشرة مع هذه
الدول في سوريا".
ويشير كامل إلى أن "هناك تخوفات من السوريين في
هذا الصدد"، موضحا أن "هذه التخوفات تتعلق باحتمالية أن تكون أنقرة دفعت
ثمنا للموقفين الأمريكي والروسي، "لأنهما لا يعطيان هذه المواقف مجاملة"،
بحسب تعبيره.
ويستدرك قائلا: "ربما أمريكا اتخذت هذا الموقف،
بضغط من داخل حلف الناتو، كون تركيا عضوا فيه"، لافتا إلى أن "القلق
السوري من روسيا أكبر، وربما يكون الثمن في إدلب أو اللجنة الدستورية أو القبول
ببقاء بشار الأسد"، بحسب المحلل السياسي.
تخبط أمريكي
ويؤكد كامل أن "السوريين يدعمون هذه العملية
بقوة، كونها ضرورة استراتيجية وتخدم مصالحهم أكثر من مصالح تركيا، كون خطر الوحدات
الكردية عليهم خطر وجودي، لكنهم يخشون أن تكون العملية تمت بموافقة موسكو مقابل
بقاء النظام للأبد، أو خسارة إدلب".
لكن كامل يرى أنه "في حال نجحت العملية العسكرية
التركية، فإن ذلك سيقوي موقف أنقرة والمعارضة السورية، في أي مفاوضات قادمة للحل
النهائي"، محذرا في الوقت ذاته من "استخدام المنطقة الآمنة، لوضع
السوريين في أطراف بلادهم، وتنفيذ مشروع التطهير الطائفي للنظام وتغيير البنية الفكرية،
ما يتحول إلى كارثة ونهاية للقضية السورية".
وبالعودة إلى التناقض الأمريكي، صرّح ترامب الأحد بأن
"وحدات حماية الشعب الكردية، غير قادرة على صد القوات التركية في شمال شرق
سوريا"، مؤكدا أن "الوحدات تنوي الانسحاب مسافة 30 كيلومترا داخل
الأراضي السورية على الحدود التركية، وهذا سيكون أمرا جيدا (..)، دعوا الأتراك
يتدبروا أمر حدودهم"، وفق قوله.
وقال ترامب إنه "في الوقت الذي لا نستطيع فيه
حماية حدودنا، فينبغي أن لا ننتظر 50 عاما أخرى على الحدود السورية التركية"،
في إشارة منه إلى الحدود الجنوبية لبلاده مع المكسيك، حيث تمتد مسافة 3100 كيلومتر، ولم تستطع الحكومة الأمريكية ضبطها ضد عمليات التهريب المختلفة.
وتتنافى تصريحات ترامب الجديدة مع تهديداته السابقة،
بتدمير الاقتصاد التركي، في حال شنت أنقرة "قتالا غير ضروري في منطقة شرقي الفرات"، على حد وصفه.