هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها في بيروت مارتن شولوف، يقول فيه إن الاحتجاجات في لبنان تكتسب زخما بشكل يجعلها أضخم احتجاجات منذ ثورة الأرز عام 2005.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الاحتجاجات الضخمة تهدد بشل البلاد لليوم الخامس على التوالي، في ثورة ضد حكومة ضعيفة، وخدمات متعثرة، وانهيار اقتصادي قريب.
ويلفت شولوف إلى المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع يوم الأحد، وعبروا عن غضبهم ضد مسؤولي الطبقة الحاكمة المتهمين بمنع الإصلاحات الماسة التي يحتاجها البلد، ويحاولون بدلا من ذلك نهب موارد البلاد من خلال فرض الضريبة على الفقراء.
وتفيد الصحيفة بأن التظاهرات اندلعت يوم الخميس؛ احتجاجا على الضرائب الجديدة، بما فيها ستة دولارات على استخدام تطبيق "واتساب"، الذي أدى دورا مهما في خروج المتظاهرين إلى الشوارع، مشيرة إلى أن الغضب زاد بعد نهب محلات راقية في بيروت، ومقتل شخص في مدينة طرابلس شمالي البلاد.
ويستدرك التقرير بأن الاحتجاجات عادت لمسيرتها السلمية، ولم تتسم بالطائفية، أو تعبر عن طبقة اجتماعية معنية، بل زاد حجم المشاركين الغاضبين فيها، لافتا إلى أن هذا الأمر بدا واضحا في رفع العلم اللبناني، وغياب أعلام الأحزاب والجماعات السياسية.
وينقل الكاتب عن رجل الدين الشيعي فادي سعد، قوله: "أنا رجل دين، ويجب علي الوقوف مع الشعب، والساسة كلهم والطوائف التي يمثلونها فاسدون، لدي ولدان أحدهما يعمل في ليون والآخر في فرساي، لماذا عليهما العمل هناك؟ لم تبق كرامة في هذا البلد".
وتجد الصحيفة أن مع أن لبنان يشهد تظاهرات من فترة لأخرى، إلا أن خروج الناس بهذه الصورة ذكر بثورة الأرز عام 2005، التي أدت إلى خروج القوات السورية من لبنان، وذلك عقب مقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري، وكان من المفترض أن تؤدي تلك اللحظة إلى عهد جديد من الحكم دون تدخل سوري، إلا أن الفساد والمحسوبية سيطرا على مؤسسات الدولة، ما وسع من الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وينوه التقرير إلى أن اقتصاد لبنان وقف في الوقت ذاته على شفير الهاوية، بحيث وصل فيه الدين إلى 150% من نسبة الناتج القومي العام، وتراجعت احتياطات البنك المركزي بنسبة 30% في العام الماضي، وانخفض سعر الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي في الأشهر الأخيرة.
ويورد شولوف نقلا عن أحد المتظاهرين، واسمه علي (32 عاما)، قوله إن السياسيين سيبدأون في الحديث عن "اليد الخفية"، ويتحدثون عن "مؤامرة ضد سيادة بلدنا"، مشيرا إلى أن هذا كلام زائف؛ لأن اليد الخفية "كرامتنا التي استفاقت، قد كنا ساكتين ومخدرين لوقت طويل، لكننا استيقظنا الآن، ولم يتعودوا علينا، نحن الشعب أن تكون لنا كرامة، ولهذا سنريهم".
وتذكر الصحيفة أن اقتصاديين ودبلوماسيين يرون أن تعويم العملة اللبنانية أمام الدولار كان نقطة التحول، مشيرة إلى أنهم دعوا لإصلاحات بنيوية عميقة، وتحرير الموارد، وتعبيد الطريق أمام منح وقروض ميسرة بـ11 مليار دولار تقوم بتحفيز الاقتصاد الساكن.
وبحسب التقرير، فإن فرنسا تقدمت بخطة للدعم، وأصرت على بذل جهود ملموسة لتغيير شبكة الرعاية المتمكنة، التي تسمح للساسة بأخذ ملايين الدولارات من أجل دعم المنتفعين وشراء الأصوات.
وينقل الكاتب عن امرأة في بيروت، رفضت الكشف عن اسمها، قولها إن الساسة كلهم لصوص ويجب سجنهم، وهم بلا رحمة ويسرقون الرواتب وقوت عيشنا، و"لدي ابن لا أستطيع إرساله إلى المدرسة إلا بشق النفس، لماذا لا أستطيع إرساله إلى المدرسة؟ ولماذا ليس لدي تأمين؟ ولماذا ليس لدي كهرباء؟ وأبناؤنا يتعاطون المخدرات بسبب البطالة، وأهلنا يموتون لأننا لا نستطيع توفير العناية الصحية لهم، وأمل أن نهرب من بلد الرماد هذا ونتركه لهم".
وتورد الصحيفة عن نقلا عن الشاب حسين الحيك (21 عاما)، الذي كان من بين المحتجين، قوله: "أصبح الطعام رفاهية، ولم أر سياسيا تخلى عن راتبه، فهم لا يسرقون فحسب، لكنهم يسرقون بلا حياء، ووصل الأمر بأنهم أصبحوا هم سبب السرطان للناس، والساسة كلهم يبقون في مناصبهم أكثر من الوقت اللازم، وعندما يتركون علينا التعامل مع أبنائهم".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول الحيك: "لا أستطيع الحصول على نفقات حياتي اليومية، أو أن أقيم علاقة حب، ولا أستطيع تحمل تكاليف الزواج، ولهذا السبب نتظاهر، ولن أمنح الولاء بعد الآن لمن لا يستطيعون إطعامنا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)