هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، أعده مراسلوها كارين دي يانغ ولويز لافلاك وشين هاريس، تقول فيه إنه رغم مقتل زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي، إلا أن هناك من يشكك في قدرة الولايات المتحدة على منع عودة جديدة لتنظيم الدولة.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن أمريكا باتت في وضع ضعيف لمنع عودة مقاتلي تنظيم الدولة، رغم العملية الجريئة ومقتل أبي بكر البغدادي الرمزي.
ويشير مراسلو الصحيفة إلى أن المسؤولين الأمريكيين قدموا العملية الأخيرة على أنها دليل على تصميم الولايات المتحدة على ملاحقة الجهاديين، فيما قال وزير الدفاع مارك إسبر: "الشيء المهم الواجب الاحتفال فيه هو أن رئيس مؤسس تنظيم الدولة ميت، لقد قتلناه، وهذا يؤكد التزامنا بهزيمة أبدية لتنظيم الدولة".
وتستدرك الصحيفة بأن العملية جاءت وسط تراجع في الحضور العسكري والمدني الأمريكي، وتوقف دعم مشاريع تحقيق الاستقرار، ما يضعف التزام الولايات المتحدة في ذلك الجزء من العالم، الذي تعد فيه القيادة الأمريكية مهمة للأمن الدولي.
وينقل التقرير عن الرئيس الأمريكي، قوله إن على دول المنطقة القيام بالمهمة، مشيرا إلى أنه بإعلانه عن سحب القوات الأمريكية من مناطق شمال شرق سوريا فإن إدارة ترامب بدت كأنها تشجع تركيا وقوات الحكومة السورية على التوسع في المنطقة إلى جانب روسيا المتحالفة مع الطرفين.
ويؤكد الكتّاب أن لا أحد من هذه الأطراف لديه القدرة أو الاستعداد لتشكيل تحالف دولي كذلك الذي أنهى تنظيم الدولة، أو تسليح وتدريب المقاتلين الأكراد، مشيرين إلى أن ما يهم تركيا هم الأكراد واللاجئون السوريون، فيما يريد نظام بشار الأسد استعادة المناطق التي خسرها منذ بداية الحرب الأهلية.
وتورد الصحيفة نقلا عن المستشار السابق للقيادة المركزية الأمريكية سيث جونز، قوله إن على الولايات المتحدة "الاختيار" بدعم "مباشر أو غير مباشر" للحكومة السورية للحفاظ على مناطقها أو استعادتها من خلال مواجهة عودة جديدة لتنظيم الدولة، أو دعم القوى المحلية في المناطق لمواجهة التنظيم، وأضاف: "المشكلة هي أن الولايات المتحدة قررت في الوقت الحالي ألا تعمل أيا من الأمرين"، وأشار جونز، الذي يعمل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن "الانسحاب لا يحل المشكلة".
ويلفت التقرير إلى أن هناك مناطق في العالم يمكن للولايات المتحدة أداء دور ثانوي فيها ومساعدة الدول الأخرى لمكافحة الإرهاب، كما فعلت في غرب أفريقيا، حيث تؤدي فرنسا الدور القيادي هناك.
وينقل الكتّاب عن ويليام ويتشلسر من المجلس الأطلسي، قوله: "ترامب محق من ناحية إمكانية الدعم لو كان هناك كيان آخر مستعد وقادر" على تحمل المسؤولية ومواجهة تنظيم الدولة، كما في العراق، لكن "لا أحد في المنطقة يتحدث عن هذا في الوقت الحالي"، فمن ناحية فإنه لو كان هذا الطرف موجودا لما ظهر تنظيم الدولة، ويعتقد أن الولايات المتحدة مجبورة على مواجهة هذا الواقع عاجلا أم آجلا.
وتورد الصحيفة نقلا عن مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، قوله إن "روسيا التي تسيطر على الأجواء في منطقة إدلب ليست حليفا للولايات المتحدة، ولا يعتقد الرئيس بهذا، ولا أعتقد أن هذا هو الواقع"، لكنه أضاف في تصريحات للتلفزة الأمريكية، قائلا: "عندما تتداخل مصالحنا مع روسيا فليس هناك سبب يمنعنا من العمل معها".
وينوه التقرير إلى أن روسيا لم تبد أي رغبة في القيام بحملة متواصلة لمواجهة الإرهاب، حتى لو سمحت السياسة الأمريكية لها بالسيطرة على المنطقة، وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية ريدور خليل، في مقابلة يوم الأحد، إن العملية ضد تنظيم الدولة ستتواصل، سنقضي على خلاياهم النائمة في أنحاء المنطقة جميعها"، لكن شكل هذا الجهد يظل أمرا غير واضح، مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى مراقبة بقايا تنظيم الدولة، فإن الأكراد مسؤولون عن الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة المعتقلين لديهم، ومعظمهم من الأجانب.
ووصف حراس معتقل للصحيفة كيف بدأت الظروف الأمنية في المعتقل بالتدهور، خاصة منذ العملية التركية، فـ"تم نقل معظم الحراس إلى جبهات القتال، ولم تصل الأخبار بعد للمعتقلين داخل السجن، حيث تم قطع البث التلفزيوني في زنازينهم، ومنعت الزيارات العائلية"، وقال حارس: "لا نريد تقديم معلومات لهم تقود إلى أعمال شغب".
ويستدرك الكتّاب بأن الخبراء يرون أن خروج الأمريكيين من المناطق في شمال شرق سوريا يجعل من الصعب على القوات الأمريكية القيام بعمليات عسكرية كتلك التي أدت إلى قتل البغدادي، خاصة أنها تعتمد على المعلومات الاستخباراتية البشرية وشبكات العملاء.
وتقول الصحيفة إن الأكراد الذين قامت مخابراتهم بالتعاون مع الأمريكيين أدوا دورا في تحديد مكان البغدادي، لكن الولايات المتحدة تحتاج لأشهر، إن لم تكن سنوات، للقيام بعملية ملاحقة في مناطق لا تسيطر عليها، مثل سوريا، كما يقول المسؤول السابق في "سي آي إيه" مارك بوليميروبوليس، الذي يضيف أن جمع المعلومات، وفهم الإشارات البشرية والاستخباراتية، والقيام بعمليات استطلاع، تحتاج لوقت طويل ليتم تحليلها، "سنخسر هذه الميزة بانسحابنا".
ويقول بوليميروبوليس: "هذا يوم عظيم.. لكنه تذكير لنا بضرورة بقائنا في سوريا، حتى بأعداد صغيرة طالما ظل تنظيم الدولة تهديدا".
وينقل التقرير عن ضابط المخابرات الذي عمل في مجال مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط دانيال هوفمان، قوله: "عليك أن تخرج وتقابل المصادر ويكون لديك تنسيق مع شركاء مثل الأكراد.. لو لم تكن هناك بشكل حقيقي فإنه يصعب عليك القيام بعمليات جمع معلومات استخباراتية بشرية، التي تعد عصب القيام بمداهمات مثل التي حدثت" ضد البغدادي.
ويفيد الكتّاب بأن الخبراء يختلفون حول قدرة التنظيم على إعادة تنظيم نفسه، وتفعيل الخلايا النائمة بعد مقتل البغدادي، ويقول المدير السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، نيك راسموسين: "عندما تفكر في الأثر الذي سيتركه ذلك على مصير تنظيم الدولة، فإن هذا يبدو مثل الانتهاء من فصل، لكنه ليس نهاية القصة".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن راسموسين يرى أن الأثر المباشر لن يظهر عليه حالا، خاصة أن التنظيم لديه أعداد من المقاتلين يعدون بالآلاف، ولديه ناشطون، وخلايا في 14 ولاية أو بلدا حول العالم.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)