هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، أعده مراسلاها كريم فهيم وسارة دبوش، يقولان فيه إن القوات الأمريكية عندما عثرت على أبي بكر البغدادي فإنها لم تجده في بلدة حدودية منسية، أو منطقة صحراوية بعيدة، لكنها وجدته في محافظة إدلب السورية، المكان الذي كان البغدادي يعرف أنه محاط فيه بالأعداء والعيون.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه من ناحية فإن جماعة إسلامية متشددة معادية لتنظيم الدولة تسيطر على المحافظة، ومن ناحية أخرى فإن الطائرات السورية والروسية تحلق في الأجواء، وتقوم بغارات جوية وقصف لمساعدة بشار الأسد على استعادة المحافظة، التي تعد آخر معقل في يد الجماعات المعارضة خارج عن سيطرته.
ويلفت الكاتبان إلى أن هناك نقاط مراقبة حول المحافظة يعمل فيها الجنود الأتراك، مشيرين إلى أنه يعيش فيها ثلاثة ملايين نسمة، معظمهم من مشردي الحرب الأهلية.
وتفيد الصحيفة بأنه من غير المعلوم متى جاء البغدادي إلى إدلب، إلا أن المحافظة التي توفي فيها، تمثل بمخيمات اللاجئين التي فيها والوضع المأساوي الذي يخيم عليها، تذكيرا بالبؤس والتهديدات النابعة من الحرب الأهلية السورية.
وينوه التقرير إلى أن الوكالات الاستخباراتية الغربية تراقب بقلق الوضع في إدلب، التي تحولت إلى ساحة لجيل جديد من المتطرفين في الحرب التي فرخت الآلاف من المقاتلين المتشددين.
ويقول الكاتبان إن القوات التابعة لحكومة بشار الأسد قتلت وجرحت الآلاف من المدنيين، فيما فر نصف مليون أو يزيد من القتال في جنوب إدلب إلى محافظة حماة، مشيرين إلى أن المقاتلات الروسية والسورية استهدفت المستشفيات والمدارس.
وتذكر الصحيفة أن السكان وجدوا أنفسهم أمام خيارين مرعبين: تقدم قوات النظام نحو المحافظة، أو تحمل سيطرة المتطرفين عليها، مشيرة إلى قول ناشط سياسي: "لا يستطيع الناس اختيار من يسيطر أو من لا يسيطر، وكل ما يريدونه هو البقاء على قيد الحياة"، وأضاف: "كل ما هنالك قصف وغارات وقتل وموت".
ويشير التقرير إلى أن هيئة تحرير الشام، أو النصرة سابقا، تسيطر على المحافظة تقريبا، لافتا إلى أنها بدأت بصفتها فرعا تابعا لتنظيم القاعدة في سوريا، ثم أعادت تشكيل نفسها عدة مرات أثناء الحرب، وأعلنت في عام 2018 أنها لم تعد مرتبطة بتنظيم القاعدة، وتركها عدد من المتطرفين داخلها ممن لم يوافقوا على هذا التحول، وشكلوا جماعة "حراس الدين" بصفتها الفرع الجديد لتنظيم القاعدة في سوريا.
وينقل الكاتبان عن المحللة السورية في مجموعة الأزمات الدولية، دارين خليفة، قولها إن حضور تنظيم الدولة خافت في إدلب، حيث شكل المقاتلون التابعون له خلايا نائمة فيها.
وتقول الصحيفة إن سبب انتقال البغدادي إلى إدلب غير واضح، خاصة أن هيئة تحرير الشام استهدفت العناصر المتعاطفة مع تنظيمه، وفعلت "حراس الدين" الأمر ذاته، لافتة إلى أن الطريقة التي وصل فيها البغدادي إلى إدلب تظل غير واضحة، على الأقل في الوقت الحالي، فالمنطقة تحيط بها مناطق تسيطر عليها قوات النظام والقوات التركية.
ويورد التقرير نقلا عن مسؤول تركي، قوله إن البغدادي كان في المنطقة لمدة يومين، فيما قال مسؤول أمريكي إنه مقيم فيها "منذ فترة"، وقال مسؤول بارز في وزارة الخارجية إن المنطقة التي كان فيها مقسمة بين هيئة تحرير الشام وجماعات معارضة تدعمها تركيا.
ويلفت الكاتبان إلى أن هناك من بات يخاف من تداعيات العثور على البغدادي في قرية باريشا، القريبة من الحدود التركية حيث قتل، فقال ناشط في المنطقة، إن مقتل البغدادي "يخلق نوعا آخر من الرعب للناس"، في إشارة إلى غارات أمريكية محتملة لملاحقة من تعتقد أنهم أتباع التنظيم وقادته، أو خلافات فصائلية في المنطقة، التي لا تبعد سوى أميال عن أكبر مخيمات اللاجئين في إدلب، وقال الناشط: "إذا كان البغدادي في المنطقة، فإن المنطقة بأكملها في خطر".
وتجد الصحيفة أن العنف في المنطقة لا يزال تهديدا، حتى مع محاولات تركيا وروسيا والأطراف الأخرى في اللعبة السورية التعاون لإنهاء الحرب، مشيرة إلى أن نظام الأسد يريد استعادة المحافظة، أما تركيا فتريد منع جولة جديدة من العنف قد تقود إلى موجة نزوج جديدة باتجاه أراضيها.
وينوه التقرير إلى أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من زيادة تأثير المتطرفين، لكنها تعارض هجوما للنظام ضدهم؛ خوفا من نزوج جماعي للاجئين، وإمكانية استخدام الأسد للسلاح الكيماوي، مشيرا إلى قول مسؤول بارز في الخارجية الأمريكية: "لقد قمنا بعملية مكافحة للإرهاب في إدلب لأننا وجدنا هدفا مهما"، وأضاف أن المحافظة التي ينشط فيها عشرات الآلاف من "الإرهابيين" لا يوجد ما يبرر لضربها، ودفع 3 ملايين لاجئ نحو تركيا وأوروبا.
ويفيد الكاتبان بأن الرئيس ترامب، الذي سحب القوات الامريكية من شمال سوريا، دعا إلى وقف القصف الذي تقوم به روسيا وإيران والنظام السوري ضد إدلب وذلك في عدد من التغريدات، لافتين إلى أن روسيا تعد اللاعب الرئيسي في المنطقة، حيث تحاول الموازنة بين مصالح حليفها النظام السوري ومطالب تركيا، وقد تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق للنار.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول خليفة، إن روسيا قد تقبل واقعا تظل فيه هيئة تحرير الشام تسيطر على جزء من محافظة إدلب، "طالما احتوتها وحمتها تركيا"، إلا ان النظام السوري مصمم على عودة المحافظة لسيطرته، فيما تحاول تركيا منع الهجوم عليها، ففيها ثلاثة ملايين نسمة والآلاف من الجهاديين الذين لا تريدهم التوجه نحو حدودها.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)