هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشير تقارير صحفية إلى أن حالة الفوضى السائدة في العراق وسوريا، تهيئ الأجواء لاحتمالية عودة تنظيم الدولة من جديد، إذا ما وُفق التنظيم في تعيين قيادة جديدة قوية بعد مقتل زعيمه أبي بكر البغدادي الأحد الماضي على أيدي قوات أمريكية خاصة.
ومما يعزز فرص عودة تنظيم الدولة بقوة، بحسب تلك التقارير اندلاع موجات جديدة من الاحتجاجات الشعبية الواسعة في العراق، وانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وانشغال تركيا في حربها ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
ووفقا للكاتب والباحث السياسي العراقي حاتم الطائي فإن "عودة داعش بشكله السابق أمر مستحيل في الوقت الراهن، لكن من الممكن أن يقوم بعمليات خاطفة تنفذها خلاياه النائمة، تُحدث اختراقات في الوسط العراق أو السوري، إذا اتفق التنظيم على زعيم جديد، وتجاوز الخلافات داخل صفوفه".
وتوقع الطائي في حديثه لـ"عربي21" أن "تظهر نسخة جديدة من التنظيم المتطرف بعد القاعدة وتنظيم الدولة، وقد يكون أكثر تطرفا وعنفا، خاصة وأن مقاربة الإرهاب مرتبطة بمصالح الدول، وتحتاج إلى إعادة تفعيل وإحياء كل فترة بالارتباط مع خسارة هذه الدولة أو تلك في صراع المصالح الشرس في المنطقة، ومعارك الاستقطاب".
وفي سياق متصل استبعد الشرعي الجهادي علي العرجاني، الملقب بـ"أبو الحسن الكويتي" إمكانية "عودة تنظيم الدولة على ما كان عليه سابقا" واصفا ذلك بأنه "بعيد جدا لأسباب كثيرة، من أهمها وأبرزها حالة الضعف والانكسار التي يمر بها التنظيم، وحالة الوعي المتنامي في صفوف الشباب الجهادي وغيره".
اقرأ أيضا: التايمز: كيف يقدم مقتل البغدادي فرصة لعودة قوية للتنظيم؟
وأضاف: "من المؤكد أن للتنظيم خلايا ولجانا إعلامية، وأعمالا ونشاطات أمنية، وإن كان خاملا، وستظل إمكانية عودته قائمة ما لم يكن هناك أنظمة سياسية عادلة، لأن من أهم أسباب التحاق الشباب بالتنظيم هو انتشار الظلم والقمع والاستبداد السياسي".
وردا على سؤال "عربي21" حول مدى تأثير مقتل زعيم التنظيم البغدادي على قوة التنظيم وتماسكه، قال العرجاني "إن مقتل البغدادي لن يؤثر كثيرا على التنظيم، ومن المرجح أن يعيد التنظيم ترتيب صفوفه من جديد في هذه الظروف خاصة مع وجود الدول التي تسهل تسليحه" على حد قوله.
وتابع "ومن عرف تاريخهم، وتاريخ الجماعات المشابهة لهم تاريخيا وواقعيا يعلم جيدا أنهم مستمرون، ولهم قدرة على إثبات وجودهم من خلال أتباعهم وما يقومون به من أعمال أمنية وعنفية".
وتعليقا على ما يقال من أن التنظيم غير قادر على إعادة ترتيب صفوفه من جديد، لفت العرجاني إلى أن "أتباع التنظيم تجمعهم أيدولوجية صلبة، إضافة إلى تسهيلات مخابراتية (دولية) للاستفادة منهم في سياساتها، كما حصل حينما انسحبت القوات العراقية من مناطق شاسعة في العراق للقضاء على الربيع السني العراقي، وسيطرة التنظيم على تلك المناطق في أربعة أيام، واستيلائه على كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة، وكما فعل نظام بشار مع التنظيم في مواضع متعددة في سوريا".
من جهته أشار الكاتب والباحث العراقي المختص بشؤون الجماعات الإسلامية، هشام الهاشمي إلى أن "عملية اختيار بديل البغدادي ربما تفاقم أزمة التنظيم الداخلية، في حالة لم يكن البديل عراقيا أو شاميا، إذ من المحتمل أن يكون البديل (أبو صالح الجزراوي أو عثمان التونسي) وكلاهما من المتطرفين، ولديهما نظرة استعلاء على العراقيين والشاميين"، وفق وصفه.
وأضاف "من المحتمل عودة قواعد تنظيم الدولة إلى تنظيمي أنصار الإسلام والقاعدة في العراق، والتحاقهم بحراس الدين في سوريا، وإذا ما استطاعت "جبهة النصرة" استغلال الانقسامات الحادة داخل التنظيم، فإنها قادرة على جذب عناصر إضافية إليها، من خلال التهدئة والاحتواء".
اقرأ أيضا: مسؤول أمريكي يكشف خطوات واشنطن المقبلة ضد "داعش" بسوريا
وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول "من الوارد أن يضطر تنظيم الدولة الأقل قوة في بعض الدول كسوريا واليمن وغرب إفريقيا إلى التعاون في الوقت الراهن مع تنظيم القاعدة، ليشكلا سويا قوة أكثر تطرفا تسعى لاستغلال الأوضاع الراهنة في تلك المناطق الهشة من أجل تحقيق المزيد من الانتشار (الجهادي) على أن يستفيد كل منهما من إمكانيات الآخر".
بدوره رأى الباحث المتخصص بشؤون الحركات الجهادية، الدكتور مروان شحادة أن "تنظيم الدولة كان يتوقع مقتل زعيمه البغدادي في أي لحظة، وقد تم تصفية العشرات من قيادات الصف الأول والثاني في صفوفه خلال السنوات القليلة الماضية عبر تدابير ونشاطات استخباراتية قادتها الولايات المتحدة الأمريكية".
وأضاف لـ"عربي21": "بالتالي فإن التنظيم قد أعد نفسه لمثل هذه الحالة، لا سيما وأن البغدادي قد عين له نائبين قبل مقتله، مما يدلل على أن بنية التنظيم الداخلية ما زالت قوية ومتماسكة، وهو ما يعزز قدرته على إعادة ترتيب صفوفه من جديد".
وتوقع شحادة في ختام حديثه أن "يستثمر التنظيم بعد تعيين قيادة جديدة خلفا لزعيمه البغدادي حالة الفوضى السائدة حاليا في العراق وسوريا، وانشغال تركيا في حربها مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لصالح تعزيز وجوده في مناطق مختلفة من العراق وسوريا".