هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتبة روكميني كاليماتشي، تكشف فيه عن أن زعيم تنظيم الدولة، أبا بكر البغدادي، الذي كان مختبئا في شمال سوريا، دفع أموالا لتنظيم القاعدة، وهو التنظيم المنافس لتنظيمه.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الفواتير التي وثقها التنظيم، المعروف باهتمامه الدقيق في تسجيل الخارج والوارد لماليته، تكشف عن أن البغدادي دفع 67 ألف دولار لجماعة حراس الدين المرتبطة بتنظيم القاعدة المعروف بعدائه لتنظيم الدولة، لهذا كان مختبئا في شمال سوريا ودفع مالا طلبا للحماية من الجماعة المنافسة التي تسيطر على المنطقة.
وتقول كاليماتشي إن الجماعة المنافسة حافظت على سر البغدادي ومكان اختفائه، إلا أن الخيانة جاءت من صفوفه ومن رجل ائتمنه، بحسب ما نقلت عن مسؤولين أمريكيين، بشكل قاد إلى مقتله على يد القوات الأمريكية الخاصة يوم السبت.
وتذكر الصحيفة أن القوات الأمريكية كشفت يوم الأربعاء عن أسرار جديدة، وبحسب البنتاغون فقد قتل ستة أشخاص آخرين إلى جانب البغدادي وولديه اللذين أخذهما معه عندما فجر حزامه الناسف.
ويلفت التقرير إلى أن البغدادي قضى الشهور الماضية في فيلا معزولة في بلدة باريشا، التي تعد جزءا من محافظة إدلب، وتسيطر عليها جماعات جهادية وبعيدة مئات الأميال عن مناطق تنظيم الدولة السابقة على طول الحدود العراقية السورية.
وتفيد الكاتبة بأن هذه المنطقة تعد معادية لتكون الملجأ الأخير للمطلوب الأول في العالم، وقد قتل عناصر الجماعة السابقة لحراس الدين على يد مقاتلي تنظيم الدولة، مشيرة إلى أنه تم العثور على دفتر الفواتير من رجل على صلة مع أسعد المحمد، الذي تقاعد من العمل مع المخابرات الأمريكية.
وتقول الصحيفة إن الدفتر يبدو مثل أي دفتر سجلات للتنظيم، التي تركها خلفهم المسؤولون في المكاتب التي تداعت مثل خلافتهم، مشيرة إلى أن الدفتر يحتوي على ثماني فواتير مؤرخة منذ بداية عام 2017 إلى منتصف 2018، وتظهر الدفعات التي قدمها عناصر من تنظيم الدولة إلى حراس الدين للحماية، ولأجهزة إعلام، ورواتب وكلفة مالية للمساعدات اللوجستية.
وبحسب التقرير، فإن الفواتير صدرت على ورقة رسمية تعود إلى وزارة أمن الدولة الإسلامية ووقعها رجال من حراس الدين، مشيرا إلى أن هناك فاتورة بمبلغ 7 آلاف دولار صدرت في صيف 2018 من أجل تحضير القواعد للإخوة القادمين من ولاية الخير، وهو الاسم الذي أطلقه التنظيم على محافظة دير الزور في شرقي سوريا، وكانت هذه المحافظة هي النقطة الأخيرة التي سيطر عليها التنظيم حتى بداية العام الحالي.
وتذكر كاليماتشي أن الفاتورة تشير إلى أن حراس الدين كانوا يساعدون في نقل مقاتلي التنظيم من المنطقة بعد تعرضهم لضغوط من المليشيات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة.
وتورد الصحيفة نقلا عن المحمد، الذي يعمل الآن باحثا بارزا في برنامج التطرف في جامعة جورج تاون، قوله إن الفواتير تكشف عن أن الجماعتين في تلك الفترة كانتا تتعاملان بصفتهما عدوتين، و"يبدو أن تنظيم الدولة كان يحاول اختراق حراس الدين".
وينقل التقرير عن الباحث السوري المستقل أيمن جواد التميمي، قوله إن السجلات المالية لا تظهر نوعا من التحالف على المستوى التنظيمي، وأشار إلى بيان حراس الدين في شباط/ فبراير 2018، الذي دعت فيه أنصارها لتجنب الاتصال بتنظيم الدولة وإلا تم فصلهم، لافتا إلى أنه في حال كانت هذه الفواتير صحيحة فهي تكشف عن قنوات سرية لتحويل المال من الفرع الأمني للتنظيم إلى عناصر بارزة في حراس الدين، ووافق على فحص الفواتير، وقال إنها لا تبدو مزيفة.
وتقول الكاتبة إنه في الوقت الذي فاجأت أخبار مقتل البغدادي في يوم الأحد الكثيرين، إلا أنه كانت هناك إشارات على اختراق التنظيم عرين أعدائه في إدلب، واستخدامه ملجأ له، ففي بداية شباط/ فبراير لم يبق من مناطق تنظيم الدولة سوى مساحة صغيرة، وأوقفت قوات سوريا الديمقراطية حملتها ضد تنظيم الدولة، وحاولت الاتصال بقادته الذين طالبوا بممر أمن أثناء المفاوضات إلى إدلب، ما يعني أن التنظيم عثر على ما يبدو على موطئ قدم في المحافظة.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤولين أمريكيين، رفضا الكشف عن هويتهما، قولهما إن البغدادي وصل إلى الفيلا في باريشا في تموز/ يوليو، وظلت القوات الامريكية تراقب المنطقة على مدى الشهور الماضية، حيث وجدت أنها خطرة على القوات الخاصة؛ نظرا لوجود جماعات تابعة لتنظيم القاعدة، ولسيطرة الروس على الأجواء فوق إدلب، إلا أن إعلان الرئيس الأمريكي عن سحب القوات المفاجئ أدى إلى تسريع العملية خشية أن يغيب البغدادي عن النظر.
وينوه التقرير إلى أن هوية العميل الذي بلغ عن مكان زعيم التنظيم لم يتم الكشف عنها، إلا أن شخصا على معرفة بالأحداث وصفه بأنه "قريب جدا ومؤتمن يثق فيه البغدادي".
وتكشف كاليماتشي عن أن العميل تم تجنيده على يد مخابرات قوات سوريا الديمقراطية، التي لديها علاقات قوية في المنطقة، مشيرة إلى أن العميل قام ذات مرة بسرقة ملابس داخلية للبغدادي؛ للتأكد من حمضه النووي، وهو ما نقلته الصحيفة عن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
وتنقل الصحيفة عن عدد من عناصر تنظيم الدولة الذين شاهدوا البغدادي في السنوات الخمس الأخيرة، قولهم إنه أصبح يشك في اختراق الدائرة المحيطة به، ولهذا سلم أمنه وحمايته لمجموعة قليلة من عائلته الممتدة.
ويشير التقرير إلى أن مقتل البغدادي تبعه مقتل المتحدث باسم التنظيم أبي حسن المهاجر، الذي تولى المهمة بعد مقتل المتحدث المعروف أبي محمد العدناني عام 2016، لافتا إلى قول المسؤولين الأمريكيين الذين يتابعون التنظيم، إن حاجي عبد الله ربما عين خليفة للبغدادي.
وتلفت الكاتبة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت عن مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يقود إليه، مشيرة إلى أن التنظيم لم يعترف بمقتل زعيمه أو تعيين بديل عنه، فيما أعلنت وكالة الفرقان، التي تبث أخبار التنظيم عن بيان قريب.
وتجد الصحيفة أنه مع مقتل عدد من قيادات الوسط من التنظيم الجهادي، إلا أن المسؤولين يعترفون بوجود ثقب أسود في فهم القيادة في ظل البغدادي، ولهذا فإن المهمة الأولى هي تحليل المعلومات على خمسة إلى ستة هواتف نقالة أخذت من بيت البغدادي، إضافة إلى أجهزة حاسوب شخصية.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه رغم أن المادة التي عثر عليها أقل من المادة التي تم العثور عليها في مدينة أبوت أباد، التي كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إلا أنها قد تكون نافذة مهمة للتعرف على الطريقة التي يعمل من خلالها تنظيم الدولة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)