هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال
الباحث بالشأن العسكري في المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية محمود
جمال، إن نائب مدير المخابرات العامة المصرية اللواء ناصر فهمي، بات يتولى الملفات
التي كان يديرها محمود، النجل الأكبر لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي داخل
الجهاز، وخاصة ملف الإعلام والحراك المعارض بشكل عام.
وأشار
إلى أن ناصر فهمي رغم أنه كان نائبا لمدير المخابرات، وكان من المفترض أن يكون الرجل
الثاني بالجهاز، وفقا لمهام منصبه، لكنه لم يمارس صلاحياته كاملة وبشكل عملي على
أرض الواقع، بل يمكن القول إنه كان اسما على ورق كنائب لمدير الجهاز، بينما كانت
معظم صلاحياته في يد محمود السيسي، إلا أن دوره سيكون بارزا وفاعلا خلال الفترة المقبلة.
وذكر أن "ناصر فهمي يُعتبر أحد رجال مدير المخابرات
العامة الأسبق اللواء عمر سلمان، وأدار سابقا ملفات مهمة جدا مع اللواء الراحل،
وكان يشغل منصب مدير الشؤون الإدارية بالمخابرات، وهو أحد أعضاء المجلس القومي
لمكافحة الإرهاب، فضلا عن توقيعه العقود مع بعض شركات العلاقات العامة الأمريكية
للترويج لمصر في أمريكا وتحسين صورتها بالخارج".
ولفت إلى أن من وصفهم بـ "المناوئين للسيسي داخل
مؤسسات الدولة هدفهم إرجاع نظام الحكم إلى ما قبل تموز/ يوليو 2013، لتصبح المؤسسة
العسكرية كمؤسسة شريكة في الحكم دون أن يكون أحد أفرادها – أيّا كان شخصه- هو الحاكم
والمسيطر على مقاليد السلطة منفردا، وهذا يختلف تماما عن الاستراتيجية التي كان يتبعها
السيسي منذ انقلابه".
وشدّد جمال، في حديث مع "عربي21"، على أن "السيسي عقب حراك 20 أيلول/ سبتمبر
الماضي ليس كما هو قبل هذا الحراك الذي أحدث تغييرا ملموسا في المشهد المصري
وتفاعلاته"، مشيرا إلى أن السيسي الآن يتبع ما وصفه بسياسة احتوائية لمعارضيه
داخل الأجهزة والمؤسسات السيادية.
ونوّه إلى أن "السيسي يعتزم تقاسم جزء غير مؤثر من سلطاته
وصلاحيات دائرته الضيقة ورجاله المباشرين مع المناوئين له داخل تلك الأجهزة
والمؤسسات، خاصة أنه أدرك خطورة استمرار سياساته الراهنة بإقصاء الجميع والتنكيل
بكل من يعارضه سواء داخل المؤسسات أو خارجها، وبالتالي فهو مضطر للتراجع نسبيا عن
ممارساته الإقصائية".
اقرأ أيضا: الاتحاد الأوروبي يدعو مصر لتمكين الصحفيين من العمل دون خوف
وأكد أن "السيسي سابقا كان لا يلتفت ولا يعبأ على
الإطلاق بكل من يعارضونه داخل المؤسسات السيادية، فضلا عن استخفافه وتجاهله التام
بكل معارضيه السياسيين، لكن اليوم بات على يقين أن تلك المعارضة داخل الدولة قد
تهدد استقرار حكمه حال تصاعدها وتفاقمها مع الأيام".
وأوضح أن "السيسي اكتسب عداوات كثيرة داخل الجيش
والأجهزة المخابراتية والأمنية، بعدما أطاح بنحو 50 عضوا بمجلس العسكري، وعقب
محاولته تفكيك جهاز المخابرات العامة، وعدد كبير من القيادات الأمنية، وهو ما يثير
غضبا مكتوما لدى هذه الأجهزة وخاصة المخابرات العامة، ويبدو أن هذا الغضب كان في
طريقه للتصاعد والتأزم أكثر خلال الفترة المقبلة، ولذا يلجأ السيسي للتهدئة ولمحاولة
امتصاص ردود الفعل الغاضبة".
وقال جمال، وهو مسؤول ملف العلاقات المدنية العسكرية
بالمعهد المصري للدراسات، إن "السيسي يعيد حاليا رسم خارطة حكمه مناصفة مع
المؤسسة العسكرية وباقي أجهزة الدولة السيادية، وخاصة الصف القديم للطرف المناوئ
له داخل تلك الأجهزة، وقد بدأ يسمع لهذه الأصوات المعارضة، وقد يستجيب لبعض مطالبهم
ورؤاهم".
وأضاف أن السيسي بدأ يتراجع عن بعض القرارات السابقة
التي أتخذها، والتي كان منها الإطاحة سابقا باللواء أركان حرب محمد رأفت الدش من
عضوية المجلس العسكري بعدما كان قائدا للجيش الثالث الميداني، حيث تم تعيينه في
حزيران/ يونيو 2018 كرئيس لهيئة تفتيش القوات المسلحة، بينما قرر السيسي قبل
أسابيع ماضية إعادته لعضوية المجلس العسكرية عبر تعيينه قائدا لقوات شرق القناة
لمكافحة الإرهاب.
كما أكد جمال وجود معلومات تشير إلى احتمالية تعيين قائد
القوات البحرية الفريق أحمد خالد خلال الأيام المقبلة كنائب لرئيس الجمهورية، وهو
ما يؤكد خطوات التراجع المحدودة التي بدأ السيسي في اتخاذها.
وكان موقع "مدى مصر" قد نشر قبل أيام تقريرا
يشير إلى إبعاد محمود السيسي من منصبه بالمخابرات العامة للعمل في روسيا العام
المقبل، لكن السلطات المصرية لم تعلق على ما جاء في هذا التقرير.