ملفات وتقارير

لهذه الأسباب هزم سلاح الفيديوهات إعلام السيسي في 2019

 أشرطة الفيديو التي وضعها المقاول محمد علي على صفحته في "فيسبوك" كشفت الغطاء عن العمل السري للجيش المصري
أشرطة الفيديو التي وضعها المقاول محمد علي على صفحته في "فيسبوك" كشفت الغطاء عن العمل السري للجيش المصري

شهد عام 2019، نوعا مختلفا من المواجهات الإعلامية بين معسكر الانقلاب العسكري، برئاسة عبد الفتاح السيسي، والمعسكر المناهض له، حيث مثَّل "إعلام الفيديوهات"، أزمة حقيقية للسيسي وإعلامه، منذ إطلاق حملة النظام المصري للتعديلات الدستورية التي جرت في نيسان/ إبريل  2019، ثم ظهور فيديوهات المقاول والفنان المصري محمد علي.

ووفق مختصين قيموا هذه المواجهة في حديثهم لـ "عربي21"، فإن سلاح الفيديوهات لمعارضي السيسي كان الأوفر حظا والأقوى تأثيرا، وكان سببا واضحا في خروج أشد احتجاجات شعبية عامة حدثت ضد السيسي، منذ انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي، وهي احتجاجات 20 أيلول/ سبتمبر 2019.

سلاح الفيديوهات كان حاضرا وبقوة في التعديلات التي أدخلها السيسي على دستور 2014، بما يسمح له الانفراد بالحكم والاستمرار فيه حتى 2028، وفشل إعلام السيسي المدجج بطابور من الصحفيين والمذيعين، والقنوات الفضائية المملوكة لأجهزة المخابرات، في مواجهة الفيديوهات التي كشفت استفتاء الكراتين، كما أطلق عليه النشطاء السياسيون والإعلاميون المعارضون للسيسي.



 

وحسب ما تم نشره وقتها، فقد استطاع معارضو السيسي كسر التعتيم الإعلامي، والطوق الأمني الذي فرضه النظام لإخراج مشهد التعديلات وكأنه رغبة شعبية، إلا أن الفيديوهات التي نشرها المواطنون والنشطاء، كشفت الكثير عن حقيقة المشاركة الشعبية في التعديلات، بعد نشر فيديوهات لسيارات الجيش وأخرى تابعة لأحزاب موالية للسيسي، وهي تقدم الرشاوى الانتخابية، التي تمثلت في كراتين الزيت والسكر، والمبالغ المالية.

وبعد ثلاثة أشهر على استفتاء الكراتين، دخلت حرب الفيديوهات منعطفا جديدا، بظهور المقاول المصري محمد علي، الذي فضح من خلال سلسلة بسيطة من الفيديوهات التي سجلها من مقر إقامته بإسبانيا، الفساد المنتشر داخل مؤسسة الرئاسة، وبين القيادات العسكرية التي تدير المشهد السياسي والاقتصادي.


وشجعت فيديوهات محمد علي، إعلاميين آخرين مقيمين خارج مصر، لاستخدام السلاح نفسه ضد السيسي، كان أبرزها الناشط عبد الله الشريف، والإعلامي الساخر عطوة كنانة، والذين تلقوا العديد من الصور والفيديوهات لأشخاص من داخل مصر، قاموا بتصوير القصور الرئاسية التي أنشأها السيسي في العلمين الجديدة، والعاصمة الإدارية، وصورا أخرى للمقبرة التي بناها لوالدته وكلفت عدة ملايين من موازنة الدولة.

 


واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير لمراسلها بالقاهرة، أن أشرطة الفيديو التي وضعها المقاول محمد علي، على صفحته في "فيسبوك"، كشفت الغطاء عن العمل السري للجيش، وأغضبت المصريين والعالم العربي بشكل عام.

"استفتاء الكراتين"

من جانبه يؤكد الكاتب الصحفي سليم عزوز لـ "عربي21" أن سلاح الفيديوهات كان مؤثرا بقوة خلال عام 2019، وكشف فشل الطريقة التي يدير بها نظام السيسي الإعلام المصري، الذي سقط بامتياز أمام وسائل إعلامية أقل في التكلفة والتجهيز، ولكنها كانت سببا في فضح ممارسات نظام السيسي طوال الأعوام الماضية.

ويشير عزوز إلى أن الجيد في الموضوع هو تفاعل المواطنين من داخل مصر، وإصرارهم على فضح انتهاكات النظام، كما جرى في الصور والفيديوهات التي تم نشرها خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية في نيسان/ إبريل 2019، وكان نشر هذه الفيديوهات سببا واضحا في فضيحة النظام، الذي قدم كراتين الزيت والسكر، مقابل تعديل فترات الرئاسة للسيسي.

ويوضح الكاتب الصحفي، أن مشاهد وقوف مئات المواطنين أمام سيارات الجيش، وعدم وقوفهم في المقابل أمام اللجان الانتخابية، مثل ضربة موجعة للإعلام الموجه الذي تسيطر عليه المخابرات المصرية، كما أن المشاهد كشفت أن الشعب المصري ما زال لديه إيجابية رغم الضغوط والإجراءات الأمنية التي يتعامل بها نظام السيسي.

وحسب عزوز، فإن سلاح الفيديوهات أربك حسابات نظام السيسي، خاصة أن تجاوب المواطنين مع فيديوهات محمد علي البسيطة والعفوية، واستجابتهم للخروج في 20 أيلول/ سبتمبر، كان أكبر من توقعات السيسي وإعلامه، ولذلك فقد حاولوا مواجهة هذا السلاح، بالأسلوب نفسه، ولكنهم فشلوا في النهاية.

"سهل ومتنوع"

ويؤكد الإعلامي المصري، المسؤول عن ملف "الميديا" بشبكة رصد الإخبارية سامحي مصطفى لـ "عربي21" أن سلاح الفيديوهات كان له تأثير كبير في كشف فساد نظام السيسي خلال عام 2019، موضحا أنها وسيلة سريعة وبسيطة وقدمت الحقيقة للمواطن المصري، الذي لم يعد يثق بإعلام الدولة ولا إعلام النظام.

ووفق مصطفى، فإن التطور الذي حدث في وسائل التواصل الاجتماعي، والتطور التكنولوجي الذي جرى في وسائل الاتصال الحديث، سوف يجعل من الفيديوهات سلاحا إعلاميا مؤثرا، خاصة أنه يتنوع بتنوع مجالات الحياة، ولا يهتم بالجانب السياسي فقط، مستدلا بحادثة الشاب محمود البنا، الذي كان تصوير الفيديو لحظة مقتله سببا في إثارة الرأي العام، والضغط لمحاسبة ومحاكمة القاتل الذي ينتمي لعائلة مقربة من النظام المصري.

وأرجع مصطفى فشل الإعلام المصري في مواجهة سلاح الفيديوهات لعدة أسباب، من أبرزها عدم ثقة المصريين فيما يقدمه إعلام النظام، بالإضافة إلى أن الفيديوهات لا تكذب وتنقل الواقع بأقل تكلفة وأسهل طريقة.

 

التعليقات (0)