بعد الجدل الذي أثاره برفضه نشر تقرير حول التدخل الروسي في السياسة الداخلية البريطانية، كان رئيس الوزراء البريطاني بوريس
جونسون على موعد لحضور حفلة نظمها رجل أعمال روسي في اليوم التالي للانتخابات التي جرت في 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وحسب صحيفة "الغارديان"، فقد كان جونسون مع صديقته كاري سايموندز ضيفين على حفلة أقامها الضابط السابق في جهاز المخابرات السوفييتية (KGB) ألكسندر ليبيديف وابنه إيفجيني، الذي ينشط في سوق الإعلام في
بريطانيا ويملك صحيفة إيفننج ستاندارد وحصة كبيرة في الإندبندنت.
وجاءت الحفلة بمناسبة عيد الميلاد؛ بعد يوم من تحقيق حزب المحافظين بزعامة جونسون فوزا كبيرا في الانتخابات، حيث تمكن من الحصول على أغلبية مريحة في البرلمان.
وكان جونسون قد واجه انتقادات شديدة بعدما رفض نشر تقرير أعدته لجنة المخابرات والأمن في البرلمان حول النفوذ الروسي في السياسة في بريطانيا. ويُعتقد أن التقرير سعى للكشف عن النفوذ المتزايد لموسكو، عبر النخبة الموالية للرئيس الروسي فلاديمير
بوتين التي استطاعت تأسيس مراكز قوة وشبكات عبر الإنفاق السخي، للتأثير السياسي في الساحة البريطانية.
وكانت اتهامات قد وُجهت لموسكو بلعب دور في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بطريقة مشابهة للتأثير في الانتخابات الأمريكية، وهو الأمر الذي سعى جونسون للتقليل من شأنه.
وتقول عائلة ليبيديف إنها تعمل في الاستثمار، وخصوصا في مجال الإعلام، لكن الغارديان تقول إن الحفلة الباذخة التي أقيمت في منزل فخم للعائلة في منطقة ريجنتس بارك وكانت أطباق الكافيار والفودكا والشمبانيا الفاخرة حاضرة فيها، تظهر تمدد نفوذ العائلة الروسية لتصل إلى داوننغ ستريت (رئاسة الوزراء).
ولم يكن جونسون الضيف السياسي الوحيد الحاضر في الحفلة التي نظمتها العائلة بالتزامن مع الذكرى الستين لميلاد ليبيديف الأب، بل كان هناك رئيس الوزراء السابق (المحافظين) ديفيد كاميرون ووزير ماليته جورج أوزبورن، الذي يرأس الآن تحرير صحيفة إيفننج ستاندارد التي تملكها عائلة ليبيديف.
كما حضر مستشار رئيس الوزراء السابق توني بلير (العمال)، بيتر مانديلسون، والنائب السابق المؤيد لبلير، تيسترام هانت.
ورغم أن زعيم حزب العمال جيرمي كوربين كان مدرجا على لائحة المدعويين، إلا أنه غاب عن الحفلة، لكن أصحاب الحفلة استأجروا شخصا تقمص شخصية كوربين. كما غاب عنها عمدة لندن صادق خان.
وأوضحت الصحيفة أنه كان هناك شخص يشبه شخصية جونسون موجودا، فيما يبدو أنه استعداد من أصحاب الحفلة لحالة غياب جونسون، لكنه حضر.
وبحسب مشاركين في الحفل، فإن ليبيديف يرسل عادة طائرات وسيارات فاخرة لنقل المدعوين إلى حفلاته، لإشعارهم بأنهم "مهمون".
وهذه ليست المرة الأولى التي يحضر فيها جونسون حفلات لعائلة ليبيديف، فقد سبق أن شارك في حفلات فاخرة في إيطاليا ولندن عام 2010، عندما كان جونسون يشغل منصب عمدة لندن.
وفي نيسان/ أبريل، وفي ذروة الأزمة مع
روسيا بعد الاعتداء بغاز الأعصاب الذي استهدف الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال في سالزبري البريطانية، سافر جونسون وكان حينها وزيرا للخارجية؛ لحضور حفلة أقامها ليبيديف في قصر للعائلة في بيروجيا بإيطاليا. وكان من اللافت بحسب الصحيفة أنه ترك مرافقته الأمنية وسافر بمفرده.
وفي الصباح التالي شوهد في المطار في طريق عودته لندن، وكان يبدو منهكا ومتأثرا بتناول الكحول على ما يبدو.
ورفض جونسون حينها تفسير سفره المفاجئ في هذا الظرف. وفي أيلول/ سبتمبر نفى ألكسندر ليبيديف أن يكون قد تواجد في المكان في ذلك الوقت، لكنه لاحقا، في تشرين الثاني/ نوفمبر، اعترف أمام حفل لإطلاق مذكراته في موسكو؛ بأنه كان هناك بالفعل، لكنه زعم أنه لم يلتق جونسون، لكن الأخير اتصل به لتهنئته بعيد ميلاد ابنه.
وكانت صحيفة إيفننج ستاندارد التي تملكها عائلة ليبيديف قد دعمت جونسون لخلافة تيريزا ماي في زعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء، كما دعمته بشكل صريح في الانتخابات الأخيرة، وهو ما يخالف توجه الجمهور الأساسي للصحيفة التي توزع في لندن، المدينة التي تميل للبقاء في الاتحاد الأوروبي وحزب العمال.
وتقول الغارديان؛ إنه بالرغم من أن ألكسندر ليبيديف يقول إنه معارض نسبيا وأنه ضحية لمحاكمات في روسيا، وأن البنك الذي يملكه تمت مداهمته، وأنه يدعم صحيفة مستقلة في روسيا، إلا أنه على علاقة وثيقة بالكريميلين.
وفي عام 2014 عبر عن دعم بوتين بشأن قراره لضم شبه جزير القرم التي يملك ليبيديف فندقا فيها، معتبرا أن الإعلام الغربي يلعب دورا منحازا في القضية.
كما ظهر مع المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على منصة مؤتمر في موسكو، كما شاركت زاخاروفا في حفل إطلاق مذكراته.