أكد سياسيون واقتصاديون
مصريون أن رئاسة رئيس نظام
الانقلاب العسكري، عبد الفتاح
السيسي، للاتحاد الأفريقي طوال عام 2019، لم يساعد مصر
في استعادة تأثيرها الإقليمي داخل القارة، مقابل دول بارزة مثل نيجيريا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا والمغرب والجزائر.
ووصف مختصون السياسة التي اتبعها السيسي خلال رئاسته
للاتحاد الأفريقي، بأنها لم تخرج عن "دبلوماسية البروبغندا"، التي استغلها
نظام السيسي لتقديمه في شكل الزعيم القاري، منتقدين في الوقت نفسه فشل النظام المصري
في استغلال رئاسته للاتحاد في فتح أسواق اقتصادية جديدة للمنتجات المصرية، بالإضافة
لفشله الأكبر في تحقيق أي نجاح أو الحصول على أي دعم أفريقي، في أزمة سد النهضة مع
إثيوبيا.
وكانت الخارجية المصرية أصدرت بيانا عن حصاد نشاطها
داخل القارة السمراء خلال عام 2019، مؤكدة أنها حققت العديد من الإنجازات في ظل رئاسة
السيسي للاتحاد الأفريقي، ولم يحدد البيان، الذي نشرته وكالة أبناء الشرق الأوسط الحكومية،
طبيعة الإنجازات التي تحققت بشكل مفصل، لكنه اكتفى بأن رئاسة السيسي للاتحاد كان سببا
في تحقيق الأمن والسلام والتنمية في كل ربوع القارة.
وحسب البيان الإحصائي للجهاز المركزي للتعبئة العامة
والإحصاء عن التبادل التجاري بين مصر ودول العالم خلال النصف الأول من 2019، فإن حجم
التبادل التجاري بين مصر ودول القارة الأفريقية، بما فيها تجمع دول "الكوميسا"،
لم يسجل زيادة خلال عام 2019 بالمقارنة بعام 2018.
وتشير الأرقام التي تناولها البيان الإحصائي، إلى
أن حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية خلال عام 2019 بلغ 4.2 مليار دولار،
بينما سجل 6.9 مليار دولار في 2018، وسجل 5.6 مليار دولار في عام 2017، ووفقا للبيان
نفسه فإن حجم التبادل التجاري بين مصر ودول العالم، حتى النصف الأول من 2019، سجل انخفاضا
بما نسبته 12.5%.
"غياب التأثير"
من جانبه، يؤكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس
الشورى المصري السابق، رضا فهمي، لـ"عربي21"، أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي
مثل رئاسة أي دولة أخرى للاتحاد، وهو أمر بروتوكولي مثل رئاسة جامعة الدول العربية
والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبالتالي فهي رئاسة عادية، وفقا للترتيب الأبجدي
للدول الأفريقية، وليست استثنائية كما صورها الإعلام التابع لنظام السيسي.
ويشير فهمي إلى أن النظام العسكري حاول طوال العام
الماضي ترويج رئاسة السيسي للاتحاد الأفريقي باعتبارها حدثا تاريخيا واستثنائيا في
تاريخ القارة، ولن يتكرر مرة أخرى، وهو ما يأتي في إطار "دبلوماسية البروبغندا"،
التي يتعامل بها النظام العسكري مع كل القضايا الخارجية والداخلية، التي لا تشهد على
أرض الواقع أي تقدم ملموس لدعم مصر في القضايا المصيرية المرتبطة بمصر داخل القارة
نفسها.
وحسب فهمي، فإن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي لم يكن
لها أي طابع تنفيذي، ولذلك لم يصدر عن أي تجمع أفريقي شارك فيه السيسي، سواء كان داخل
القارة أو خارجها، أي رد فعل من الدول الأفريقية حول أهم أزمة تشهدها القارة بين دولتين
بحجم مصر وإثيوبيا، بسبب سد النهضة.
ويضيف الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بمجلس
الشورى المصري قائلا: "لم تتقدم أي دولة أفريقية أو الأمانة العامة للاتحاد الأفريقي،
أو حتى دول حوض النيل، بمبادرة لحل أزمة سد النهضة، كما لم يدرج الموضوع من الأساس
على أي جدول أعمال بأي اجتماع رسمي للاتحاد، لأن إثيوبيا صاحبة النفوذ الأكبر داخل أفريقيا، لم يكن لديها رغبة في ذلك".
ووفق فهمي، فإن مصر كانت غائبة أيضا عن القضايا
الساخنة داخل القارة والمتعلقة بعمل الاتحاد نفسه، مثل تطورات الأحداث في السودان،
وجنوب السودان، والكونغو، ومالي، ونيجيريا، وحتى تواجدها في الأزمة الليبية لم يكن
بصفتها القارية، وإنما لأسباب سياسية مرتبطة بتطورات الأوضاع في شرق المتوسط.
"فشل اقتصادي"
وفيما يتعلق بالتبادل التجاري، يؤكد الخبير الاقتصادي
عبد الحافظ الصاوي لـ"عربي21" أن كل ما يروجه النظام المصري، بأن رئاسة مصر
للاتحاد الأفريقي كانت سببا في التنمية المستدامة داخل القارة، كلام بعيد عن الواقع
وعار من الصحة، خاصة أن طبيعة عمل الاتحاد سياسية وليست اقتصادية.
ويشير الصاوي إلى أن مصر عضو في أكثر من تجمع اقتصادي
داخل القارة مثل الكوميسا وغيرها، ومع ذلك كانت تجربتها غير إيجابية، لأن التجارة الخارجية
لمصر ولدول القارة بشكل عام قائمة على التنافس وليس التكامل، عكس الاتحاد الأوروبي،
وهو ما يجعل كل دولة من الدول الأفريقية تتجه للشراكة مع أمريكا أو الصين أو الاتحاد
الأوروبي لجذب الاستثمارات الأجنبية إليها، ولا تتجه لدول داخل القارة، ما يجعل حجم
التبادل التجاري ضعيفا دائما بين مصر وإفريقيا.
ويوضح الصاوي أن الدول الأفريقية بحاجة للاستثمارات
المباشرة، ومصر ليس لديها أي مقدرة اقتصادية للقيام بذلك، خاصة في ظل معاناتها الداخلية
من هروب الاستثمارات الأجنبية، ما يجعل فرص التأثير الاقتصادي على القرار السياسي بين
دول القارة ضعيف وليس في صالح مصر.