هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "بلومبيرغ" مقالا للأكاديمي سنان أولغن، يقول فيه إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ في إرسال قوات إلى ليبيا؛ لدعم حكومة الوفاق الوطني المحاصرة، مشيرا إلى أن تركيا تهدف لحماية طرابلس ومساعدة حكومة الوفاق الوطني -المعترف بها من مجلس الأمن- للبقاء في الحكم.
ويقول أولغن في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "من وجهة نظر أنقرة، فإن هذا تحرك دفاعي في جوهره، وهو تحرك يهدف إلى خلق حالة من التوازن في ليبيا، بين حكومة الوفاق الوطني التي يقودها رئيس الوزراء فايز السراج، وما يسمى بالجيش الوطني الليبي الذي يقوده اللواء خليفة حفتر، والتقدير هو أن يتسبب هذا التوازن بجلب الطرفين إلى طاولة التفاوض، ويمهد الطريق أمام تسوية سياسية قريبة".
ويستدرك الكاتب بأن "السؤال الكبير هو فيما إذا كانت هذه الخطط ستصمد في مسرح يعمل فيه أطراف آخرون، مثل مصر والإمارات، وحديثا روسيا، ويبذلون جهودهم ضد الأهداف التركية".
ويجد أولغن أن "الدافع خلف التدخل العسكري لأردوغان في ليبيا، هو الرغبة في حماية اتفاقية ثنائية تم التوصل إليها الشهر الماضي، رسمت الحدود المائية في البحر الأبيض المتوسط بين البلدين، وكانت تركيا لسنوات على خلاف مع اليونان وقبرص حول حقوقها في شرق المتوسط، ولكونها غير موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 بخصوص قانون البحار، فإن تركيا لا تعترف بالمياه الإقليمية الواسعة والمناطق الاقتصادية الحصرية التي تمنحها الاتفاقية للجزر".
ويشير الكاتب إلى أن تركيا تفاوضت مع اليونان على مدى أكثر من نصف قرن للتوصل إلى تسوية مقبولة للطرفين، لخلافهما حول مشاركة الموارد في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط، لافتا إلى أن ما يزيد من حدة الخلاف الانقسام السياسي في قبرص، هو إصرار تركيا على الحصول على المنافع المالية الممكنة لأجل الأتراك في قبرص.
ويرى أولغن أن "سياسات أنقرة الإقليمية الفاشلة، ودعمها غير المشروط للإخوان المسلمين في السنوات الأخيرة، قادا إلى عزلتها عن مصر وإسرائيل، ولذلك فإن تركيا تواجه تجمعا من الدول الحريصة على استخدام الموارد الطبيعية في شرق البحر الأبيض المتوسط على حساب مصالح تركيا".
ويلفت الكاتب إلى أنه "بالنسبة لأردوغان، فإن الصفقة مع ليبيا هي وسيلة لكسر العزلة التي تعيشها تركيا، ولتكسب دعما لمحاولاتها لما يعده توزيعا أكثر عدلا للموارد البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط".
ويستدرك أولغن بأن "صفقة كانون الأول/ ديسمبر جاءت بناء على مقايضة: فمقابل توقيعها على الاتفاقية، طالبت حكومة الوفاق الوطني أنقرة بدعم عسكري ضد حفتر، وبالنظر إليها من بعيد نجد أن التدخل العسكري التركي في ليبيا، هو ثمن فشل سياساتها الإقليمية التي هددت مصالح تركيا الجيوسياسية على المدى البعيد".
ويبين الكاتب أن "المخاطر للحكومة التركية مضاعفة، فأولا، هناك خطر داخلي، فعلى عكس العملية العسكرية في سوريا، فإن الجهد العسكري في ليبيا لا يحظى بدعم شعبي كبير، وفي استطلاع قامت به شركة أبحاث الاقتصاد في اسطنبول، أيد 34% فقط من المشاركين القرار، في الوقت الذي عارضه 58%، وقد تؤدي حملة طويلة في ليبيا إلى نتائج سياسية سيئة محليا، خاصة إن كان هناك ضحايا أتراك".
وينوه أولغن إلى أن "الخطر الآخر عملي للجيش التركي، فالبعثة التركية ستعمل في مكان بعيد عن أراضيها دون حل واضح للقضايا اللوجستية ضد عدو طرق إمداده من مصر مفتوحة، وضعف آخر هو في المجال الجوي، ففي الوقت الذي ستستخدم فيه تركيا طائرات مسيرة، إلا أنها ليست بقوة حفتر الجوية التي تدعمها المقاتلات الإماراتية من قواعد في مصر".
ويقول الكاتب إنه "لعلمها بنواحي الضعف هذه، فإن أنقرة حريصة على المحافظة على دور غير قتالي، حيث يعمل عناصر الوحدات التركية فقط مستشارين ومشغلين للأصول الاستراتيجية مثل الحرب الإلكترونية والطائرات المسيرة، والقتال سيتم عن طريق قوات وكيل من الجيش السوري الحر، ويبدو أن النجاح العسكري الذي حققته تركيا في حملتها الأخيرة في سوريا، أقنعت صناع القرار الأتراك بأن هؤلاء المقاتلين بالوكالة يمكن أن يكونوا فعالين في ليبيا، حيث معظم الفصائل المتصارعة هي عبارة عن مليشيات".
ويرى أولغن أن "اختبار خطط تركيا سيكون شديدا، وقد ترى الحكومات الأخرى التي تدعم المعارضة المسلحة -وبالذات مصر والإمارات- في التدخل التركي فرصة لإيذاء أردوغان، الذي يتهمونه بدعم الإسلاميين المعارضين لحكوماتهم".
ويجد الكاتب أنه "لذلك فإن الكثير يعتمد على ما إذا قررت القاهرة وأبو ظبي التصعيد العسكري، ولاستباق مثل هذه النتيجة، تواصلت تركيا مع روسيا؛ أملا في الحصول على دعم موسكو لتفعيل مبكر للتسوية السياسية، ودعا أردوغان وفلاديمير بوتين أمس إلى هدنة في ليبيا في 12 كانون الثاني/ يناير، لكن ليس من الواضح إن كان المتحاربون سيستجيبون لذلك، وفي الواقع فإن نفوذ روسيا في ليبيا يبقى محدودا مقارنة مع مصر مثلا".
ويختم أولغن مقاله بالقول إنه "في المحصلة، فإن نجاح استراتيجية تركيا ستعتمد على التزامها تجاه حكومة الوفاق الوطني، وفعالية ردعها العسكري، وعلى أردوغان أن يقنع قادة الحكومات المعارضة -وحفتر- بأنه سيفعل ما هو ضروري لحماية حكومة الوفاق الوطني".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)