هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها من الرياض، أحمد العمران، يتحدث فيه عن حصول النساء السعوديات على حريات جديدة مع استمرار الإصلاحات التدريجية في المملكة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن غادة الغنيم قررت بعد عقد من إنهاء دراستها في أمريكا بأن تعمل في كلية نساء خاصة في مدينتها جدة، لكن بعد أن استقلت الطائرة فإنها حصلت على عرض للعمل مع مؤسسة حكومية في الرياض الأكثر محافظة، راتب أفضل لكن على بعد مئات الأميال من عائلتها، لافتا إلى أنها هذه قفزة كبيرة بالنسبة لامرأة سعودية، التي كانت بحسب قانون ولي الأمر تحتاج إلى موافقة عائلتها.
وينقل العمران عن غنيم، قولها: "عدت إلى جدة وأخبرت عائلتي بأنني مسافرة إلى الرياض غدا.. سألوني: هل أنت متأكدة؟ وقلت: دعوني أجرب الرياض"، مشيرا إلى أنه بعد حوالي 4 سنوات من قرارها، فإن السعودية، التي تعد من أكثر الدول محافظة اجتماعيا، تمر في مخاض التحرر، ومزيد من النساء يسرن على خطاها.
وتفيد الصحيفة بأنه في الوقت الذي كان يعني فيه التفسير المتزمت للإسلام والعادات الاجتماعية التقليدية أن النساء السعوديات بقين لعقود يعشن في الظل، وعادة تحت سيطرة الذكور، لكن في ظل الإصلاحات التي يقودها محمد بن سلمان يتم التخلص تدريجيا من تلك القيود.
ويلفت التقرير إلى أن المملكة قامت بسحب السلطة من الشرطة الدينية، التي كان عناصرها يضايقون النساء حول لباسهن وتصرفاتهن في الأماكن العامة، بالإضافة إلى أنها رفعت الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وسمحت للنساء بالسفر إلى الخارج دون إذن ولي الأمر.
ويقول الكاتب إن التقدم يحدث بشكل متقطع، مشيرا إلى أن السلطات قامت في بعض الحالات، بقمع الناشطات النسويات اللواتي يشككن في التزام الحكومة في تمكين المرأة، وتم سجن مجموعة من الناشطات اللواتي كن ينادين بحقوق المرأة، بما في ذلك قيادة المرأة للسيارة، وإنهاء ولاية الأمر عليها، في أيار/ مايو 2018.
وتذكر الصحيفة أن بعض هؤلاء الناشطات تم إطلاق سراحهن مؤقتا، إلا أنهن يواجهن محاكمة بتهم تتعلق بعملهن الحقوقي، فيما لا تزال أخريات معتقلات، وبعضهن يدعين أنهن تعرضن للتعذيب.
ويستدرك التقرير بأن كثيرا من النساء يشدن بالفرص الجديدة، مشيرا إلى أنه مع أن كثيرا من النساء اللواتي استفدن من بعثات حكومية للدراسة في الخارج بقين في الخارج، إلا أن كثيرا منهن يشعرن بتوفر فرصة لهن في الوطن.
وينوه العمران إلى أنه على مدى العامين الماضيين زادت مشاركة الإناث من 19.4% عام 2017 إلى 23.2% في نهاية النصف الثاني من عام 2019، مشيرا إلى أنه إذا تم الأخذ في عين الاعتبار أن نسبة الخريجات الجامعيات في المملكة هي 58% من مجموع الخريجين، فإن هذه النسبة لا تزال قليلة، وتهدف الحكومة إلى أن تصل نسبة مشاركة المرأة إلى 30% مع حلول عام 2030.
وتورد الصحيفة نقلا عن الأستاذة المساعدة في قسم علم النفس في جامعة الملك سعود، منى الشدي، قولها: "العامل الاقتصادي مهم، لكن بالنسبة للنساء هنا، فهي فرصة لهن ليعشن وحدهن وباستقلالية عن عائلاتهن، وهن متلهفات للحصول على هذه التجربة.. وبعض الفتيات ضحين بوظائف جيدة في مناطقهن المحلية للانتقال إلى الرياض والعيش وحدهن".
ويجد التقرير أن الانتقال للرياض يعكس حقيقة أن بعض أكثر التغيرات الدرامية تحصل في العاصمة، التي كان دائما ينظر إليها على أنها أكثر محافظة من المناطق الساحلية، فعلى مدى العامين الماضيين تم فتح دور السينما، وأقيمت حفلات موسيقية.
ويشير الكاتب إلى أن المزيد من النساء قمن بنزع النقاب في الرياض، وبدأن يلبسن العباءات الملونة، لافتا إلى قول امرأة تبلغ من العمر 29 عاما، وقد درست تنمية دولية في أمريكا، وتعمل في الرياض وتعيش وحدها: "بدأت أسمع بأن هناك أشياء تتغير وأنه يفوتني الذي يحصل في المشهد الجديد.. ولم أرد أن يفوتني شيء".
وتنقل الصحيفة عن هذه المرأة، قولها: "الناس أصبحوا أكثر مرونة وتغيرت تركيبة المدينة.. لو كان هذا الأمر قبل عشر سنوات لكانت هذه التجربة مختلفة 100%.. الآن كل شخص تقريبا من جدة أو من المحافظات الشرقية يعرف بعض الأشخاص في الرياض".
ويورد التقرير نقلا عن الشدي، قولها إن الشعور الجديد بالاستقلال قد يتسبب بشيء من الحساسية وخلافات بين المرأة وعائلتها، وأضافت: "بعض طالباتي يسألن أنفسهن وعائلاتهن؛ هل هم مستعدون لتبني التغيير، إنهم في حالة صعبة.. قد يكون من الحكمة للعائلات أن يكون موقفها وسطا، لكن في كثير من الحالات تذهب المرأة بعيدا وتقوم العائلة باستثنائها أو نبذها، وأحيانا يدفعن ثمنا غاليا".
ويلفت العمران إلى أن هالة الجشي، القادمة من المنطقة الشرقية من القطيف، بقيت مع صديقة لعدة شهور بعد أن انتقلت إلى الرياض، وقد وفرت ما يكفيها من المال لاستئجار مكان خاص بها ووجدت شقة، لكن مالك الشقة قال له إنها بحاجة لأن تجلب رجلا من عائلتها ليوقع العقد، فقالت له: "إذا كنت أنا الذي سأدفع إيجار الشقة فلماذا على والدي توقيع العقد؟"، ووافق المالك أخيرا.
وتقول الصحيفة إنه عادة ما كان يزعج الجشي سائقو سيارات الأجرة "التاكسي"، حتى إن أحدهم هدد باختطافها، مشيرة إلى أنها تنفست الصعداء أخيرا لأنها قادرة على قيادة سيارتها بنفسها.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول الجشي: "سأتحمل المتاعب كلها، ولن أكون مسؤولة عن سائق والمأساة التي تأتي معه، لم أعد أريد سائقا.. أنا وحدي الآن وأقوم بكل شيء بنفسي، عندما أتعب أستريح، وعندما تكون لدي طاقة أكمل طريقي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)