هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لمراسلها في الشرق الأوسط بن هبارد، يروي فيه قصة قرصنة السعودية لهاتفه.
ويشير هبارد في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تلقى رسالة نصية مشبوهة على هاتفه المحمول، وبعد عرضها على باحثين في التكنولوجيا توصلوا إلى أن قراصنة يعملون لصالح السعودية هم من استهدفوا هاتفه.
ويقول الكاتب: "في 21 حزيران/ يونيو 2018 تلقيت رسالة باللغة العربية على هاتفي المحمول، كان نصها كالآتي: بن هبارد وقصة الأسرة المالكة في السعودية مع رابط على موقع في الإنترنت arabnews365.com".
ويضيف هبارد: "أكتب منذ وقت وبشكل مكثف عن السعودية، بما في ذلك العائلة المالكة، وفي النظرة الأولى بدا الرابط وكأنه يشير إلى تقرير خبري عن تغطيتي، وهو موضوع عادة ما يلفت انتباهي".
ويستدرك الكاتب بأنه شك في الرسالة، ولهذا تجنب فتحها، وقرر عرضها على الخبراء، وهو "ما قادني إلى السوق المزدهرة بين الحكومات في تكنولوجيا القرصنة، وتعلمت درسا حول سهولة وصول المعلومات الخاصة على هواتفنا، من دردشات وأرقام هواتف وصور، واستهدافها".
ويشير هبارد إلى أن عملية قرصنة كهذه كانت محلا للأخبار الأسبوع الماضي بعد نشر تقرير وجه فيه اتهام لولي العهد السعودي محمد بن سلمان باختراق هاتف مالك شركة "أمازون" وصحيفة "واشنطن بوست"، وأكد التقرير الذي أعدته شركة أمنية إلكترونية أن الهاتف كان هدفا لرسالة نصية عبر "واتساب" جاءت من حساب شخصي لمحمد بن سلمان.
ويفيد الكاتب بأن التقدير أكد أن هناك ثقة متوسطة إلى عالية بأن الرسالة من ولي العهد السعودي هي التي أصابت الهاتف، وفتحت الباب أمام سحب كم هائل من البيانات، مستدركا بأنه رغم تساؤل خبراء التكنولوجيا حول دقة هذا التقدير، إلا أن مقررين خاصين في الأمم المتحدة قالا إن الهدف من الاختراق كان "التأثير إن لم يكن إسكات" صحيفة "واشنطن بوست" ومنعها عن نشر التقارير الناقدة للمملكة.
ويقول هبارد إن القرصنة على هاتفه، التي جاءت بعد شهر من عملية قرصنة هاتف جيف بيزوس، كانت أقل من ناحية الإثارة لكنها مخيفة في تداعياتها، وبعد فحص هاتفه تبين أنه لم يتعرض للاختراق ولم يتم سحب بيانات منه، إلا أن الباحثين في التكنولوجيا الذين فحصوا الرسالة توصلوا إلى أن الهاتف تم استهدافه بفيروس "بيغاسوس" الذي تنتجه الشركة الإسرائيلية "أن أس أو غروب"، واستخدمه قراصنة إنترنت يعملون لصالح السعودية.
ويلفت الكاتب إلى أنه عندما حاول سؤال الشركة عن استهداف هاتفه بمنتج من منتجاتها، فإنها ردت ببيان جاء فيه إنه "من الخداع" رد كل عملية قرصنة على هاتف إلى الشركة؛ لأن هناك شركات أخرى تعرض خدمات مماثلة.
وينوه هبارد إلى أن "سيتزن لاب" في جامعة تورنتو حدد 36 طرفا استخدمت تكنولوجيا "أن أس أو غروب" ضد مئات من الأهداف في 45 دولة، مشيرا إلى أن "سيتزن لاب" استطاع تحديد أربعة أهداف استهدفوا من عملاء يعملون للسعودية، و"كنت الخامس والحالة الأولى التي اكتشفت فيها المجموعة التكنولوجيا المستخدمة ضد صحافي أمريكي".
وينوه الكاتب إلى أنه "مع زيادة انتشار الهواتف النقالة، التي أصبحت جزءا من الحياة الشخصية والعملية ظهرت شركات لتقديم أدوات يمكن من خلالها الحصول على المعلومات السرية والشخصية في هذه الهواتف، ومعظم هذه الشركات تبيع منتجاتها إلى الحكومات وقوات حفظ النظام ومكافحة الإرهاب، لكن نقاد هذه التكنولوجيا مثل (سيتزن لاب) يقولون إن عملاء هذه الشركات من الأنظمة الديكتاتورية يستخدمون برمجيات الرقابة لملاحقة المعارضين والناشطين والصحافيين وغيرهم".
ويقول هبارد إن محاولة اختراق هاتفه جاءت مع تركيزه في تغطيته الإخبارية على السعودية، خاصة محمد بن سلمان، الذي صعد إلى السلطة سريعا بعد تولي والده الملك سلمان العرش عام 2015، مشيرا إلى معسكر المادحين للأمير الشاب، الذين قالوا إنه يحاول تحديث المملكة، فيما قال إنه قمع النقاد، وأكره الأغنياء على دفع المال بعد سجنهم في ريتز كارلتون، وأجبر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة.
وتفيد الصحيفة بأن بن هبارد كتب عن هذه الموضوعات كلها حتى تلقيه الرسالة المشبوهة، وشك في البداية أنها برمجية خبيثة، وبحث عن عناوين في الإنترنت عن الموضوع ذاته الذي تحتويه الرسالة ولم يكن موجودا، ثم سأل محرر "عرب نيوز" إن كان موقع صحيفته السعودية يستخدم الرابط المرفق بالرسالة، فرد: "لسنا نحن".
ويورد الكاتب نقلا عن أول خبير استشاره، قوله إنه لا يعرف ما هي الرسالة، لكنها تبدو مشبوهة ونصح بعدم فتح الرسالة، وقرر نسيان الموضوع مع أنه ظل يتساءل عن فحوى الرسالة ومن أرسلها، حتى نشر "سيتزن" تقريرا عن المعارض السعودي عمر عبد العزيز، الذي تم اختراق هاتفه عبر رسالة تخبر عن طرد بريدي، وهي تشبه الرسالة التي تلقاها بن هبارد على هاتفه.
ويشير هبارد إلى أن عبد العزيز هو معارض يعيش في كندا، وكان صديقا لكاتب "واشنطن بوست"، جمال خاشقجي الذي قتل في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 في قنصلية السعودية في إسطنبول.
ويلفت الكاتب إلى أن من بين المعلومات التي وردت في تحقيق "سيتزن لاب" الرابط الذي جاء مرفقا مع الرسالة إليه "هبارد"، التي قام بإرسالها إلى "سيتزن لاب"، حيث توصل الباحثون إلى ما يلي:
استطاعوا بعد حصولهم على نسخة من برنامج أو سوفت وير "أن أس أو غروب" فحص خادم الإنترنت وإعداد قائمة بالدومينز (نطاق أو عنوان الموقع الإلكتروني) على الإنترنت الذي يستخدمه العاملون المختلفين، بينها 20 نطاقا تم من خلالها استهداف أهداف لها علاقة بالسعودية، ومن بين هذه المجالات الرابط المرفق في الرسالة المشبوهة.
وينقل هبارد عن مدير "سيتزن لاب" ون ديبرت، قوله: "نعرف بالتأكيد النطاق الوارد في النص، وأنه جزء من بنية تحكم مرتبطة بـ(أن أس او غروب)"، لكن تحديد البرنامج أو سوفت وير الذي استخدم لإرسال الرسالة كان صعبا واعتمد على أدلة عرضية، وقال إن المشكلة هي أنه ليست هناك عناوين محددة فأدوات كهذه تصمم لتتجنب الرصد.
وتذكر الصحيفة أن "سيتزن لاب" توصل إلى أن مصدر الرسالة مرتبط بالسعودية من خلال عناوين الشبكة التي استخدمت، حيث استخدم بعضها لغة تشير للسعودية.
وتنوه "نيويورك تايمز" إلى أن "ستيزن لاب" حدد خمسة أشخاص استهدفوا بالطريقة ذاتها وفي الفترة ما بين أيار/ مايو إلى حزيران/ يونيو 2018، وهم الناشط السعودي في حقوق الإنسان المقيم في لندن يحيى العسيري، وغانم المصارير الذي ينتج أشرطة ساخرة على "يوتيوب"، وباحث لم يتم الكشف عن اسمه في منظمة "أمنستي" وبن هبارد إلى جانب عبد العزيز.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)