هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للصحفية كريثيكا فاراغور، تقول فيه إن أنور إبراهيم قد يكون أكثر من تم التغلب عليه في ماليزيا.
وتقول فاراغور في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن الامتحانات التي مر بها في حياته السياسية تشبه الوظيفة، فمن تهم اللواط إلى الاعتداء من الشرطة إلى حوالي عقد في السجن، وفي عام 2018 بدا وكأنه، ولو مؤقتا، قد كوفئ على صبره، عندما فاز حزبه متحالفا مع رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد بشكل مفاجئ في الانتخابات، وهزموا حزب الجبهة الوطنية الذي حكم ماليزيا منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1957، وفاز أنور وهو في السجن بموجب صيغة تم وضعها، بحيث يخلف مهاتير البالغ من العمر وقتها 92 عاما بعد عامين، في انتقال للسلطة لم يتم إيضاح تفاصيله".
وتشير الكاتبة إلى أنه "بعد عدة لقاءات وراء الأبواب المغلقة على مدى الأيام الخمسة الماضية، فإن الحكومة الماليزية وجدت نفسها في حالة فوضى، ويبدو أن أنور إبراهيم سيرى السلطة تفلت منه ثانية، فقد استقال مهاتير يوم الاثنين بعد الظهر من رئاسة الوزراء ومن رئاسة حزب بيرساتو، وفي الوقت ذاته أعلن الأخير، الذي يسيطر على 26 مقعدا في مجلس النواب، بأنه سيغادر تحالف الأمل (باكاتان هارابان)، الذي فاز في الانتخابات في 2018، ليحرم التحالف من الأكثرية في المجلس، وهو ما يعني حل الحكومة أيضا، وفي اليوم ذاته استقال 11 عضوا في حزب أنور إبراهيم، وحان الوقت لظهور تحالف حاكم جديد".
وتنقل المجلة عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة تسمانيا، جيمس تشين، قوله: "هذه هي الطريقة الماليزية في العمل السياسي، فهم يحاولون خلق عقلية القطيع، فيبدأ الناس بالمسارعة نحو الشخص المفترض تفوقه، مشيرا إلى أن حزب أنور إبراهيم شكل الجزء الأكبر من تحالف الأمل، فحصل حزبه "حزب العدالة" على 47 مقعدا في مجلس النواب في انتخابات 2018.
وأضاف تشين بأن "أي تحالف جديد يحتاج إلى 112 عضو برلمان لتشكيل حكومة، لكن لضمان الاستقرار فهو بحاجة إلى 130 شخصا"، لافتا إلى أنه علاوة على ذلك، فإن ماليزيا عبارة عن ملكية دستورية، ويجب أن يعطي الملك الضوء الأخضر لحكومة جديدة، وبحسب "أسوشيتد برس"، فإن السلطان عبدالله سلطان أحمد شاه، قابل أعضاء البرلمان كلهم يوم الثلاثاء والأربعاء للتوصل لأي الفصائل يحظى بالأغلبية، كما عين مهاتير رئيس وزراء مؤقتا.
وتلفت فاراغور إلى أن مهاتير ألقى يوم الأربعاء خطابا اعتذر فيه للشعب عن "الفوضى السياسية"، وبدا الخطاب كأنه محاولة للنأي بنفسه عن مؤامرات الأسبوع، "وإن كان ممكنا سأحاول إيجاد حكومة لا تفضل حزبا على آخر، لكن الأولوية ستكون لمصالح الأمة".
وتورد المجلة نقلا عن تشين، قوله، "إنه يتحدث بالرموز، فهو يقول: يمكن للجميع أن يشارك، لكن أنا من يختار من يدخل، وهو يتحدث مع أعضاء البرلمان الآخرين بصفتهم أشخاصا وليس أحزابا، فهو يبقى صانع الملوك".
وترى الكاتبة أن "الخيار أمام أعضاء البرلمان هو دعم أنور إبراهيم أو دعم مهاتير، أحدهما شغل منصب رئيس الوزراء لأربعة وعشرين عاما، أما الآخر فتم إحباطه في عدة محطات خلال هذه الفترة، وبحسب تشين فإن (الخيار ليس صعبا)".
وتتساءل فاراغور قائلة: "ما الذي أدى إلى هذا كله؟"، مشيرة إلى قول تشين: "كان هناك اجتماع مهم لتحالف الأمل الجمعة الماضية، ولم تكن قيادة حزب مهاتير سعيدة بما حدث"، وأخبر عدد من أعضاء حزب بيرساتو الأكاديمي تشين لاحقا، بأنهم "شعروا بالتنمر عليهم من حزب أمانة وحزب العمل الديمقراطي"، حيث طالبت الأحزاب الأخرى في التحالف، وبالذات حزب العمل الديمقراطي، أن يحدد تاريخا لتنحي مهاتير، "وشعر حزب بيرساتو بأنه لا يمكن الحديث لرجل دولة بهذا الأسلوب، وهو ما أدى إلى الحديث عن التصرف بسرعة، وبدأ التحرك فعلا يوم السبت".
وتنقل المجلة عن تشين، قوله إن هناك عاملا أعمق تسبب بهذه الأحداث، وهو حالة من الاستياء المتنامي بين المسلمين من إثنية الملايو، الذين يشكلون 50% من الشعب الماليزي، وفي أيلول/ سبتمبر 2019 توحد حزب المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة (UMNO)، والحزب الإسلامي الماليزي (PAS) في "حلف الوحدة"، بالرغم من خصومتهما السابقة، واستخدم الحلف التخويف من أن الأقليات تمارس نفوذا كبيرا، وخوفوا الناخبين من أن حلف الأمل لن يحمي الإسلام، ومن الأمثلة التي استخدموها على ذلك أن وزير المالية ووزير العدل والمدعي العام كلهم ليسوا من إثنية الملايو، و"هذا أخاف مهاتير كثيرا"، بحسب تشين.
وتنوه الكاتبة إلى أن هذه الأحداث السياسية تسببت بتراجع سوق الأسهم، الذي تراجع بنسبة 2.69%، منهية بذلك 12 عاما متواصلا من التقدم، وهي الفترة الأطول على مستوى العالم.
وتقول فاراغور إن "لدى مهاتير قاعدة عريضة من الدعم من سياسيين وشرائح مختلفة في المجتمع الماليزي، الذين يحترمونه للتطور الاقتصادي الذي جلبه لماليزيا خلال 22 عاما من الحكم، وعودته الأسطورية للحكم لتخليصهم من رئيس الوزراء نجيب رزاق، الذي سرق 700 مليون دولار من أموال الدولة".
وتورد الكاتبة نقلا عن الأكاديمية والخبيرة في الشأن الماليزي في جامعة أستراليا الوطنية، أمريتا مالحي، قولها: "القوى ذات العلاقة كلها تأمل أن تستفيد من المصداقية الشخصية لمهاتير بصفته سياسيا بارعا وقويا، وله تاريخ كونه زعيما وطنيا، ليشكل حكومة يقودها حتى يموت، أو يقرر أن يتنحى".
وتفيد فاراغور بأن كثيرا من مؤيديه يعتقدون بأنه لم يسع لخلق المشكلات التي حصلت مؤخرا، مشيرة إلى قول المفكر الإسلامي الليبرالي في كوالالمبور، عبدالله فاروق موسى: "أنا شخصيا لا أعتقد أنه (مهاتير) يريد أن يشوه إرثه، لن يتنازل عن مبادئه ويتحالف مع المحتالين، لقد أطاح بأحد أكبر الفاسدين في العالم وأعوانه، ولا يمكن التفكير بأنه من الممكن أن يتحد مع سياسيين موصومين".
وتشير الكاتبة إلى أنه حتى أنور لا يصدق بأن مهاتير له علاقة بالأحداث الأخيرة، فقال للمراسلين بعد لقائه بالملك في القصر الوطني يوم الاثنين: "لا، أعتقد أنه لم يكن (مهاتير). لقد استخدم اسمه من أشخاص داخل حزبي وخارجه، وكرر لي ما قاله لي سابقا، بأنه لم يؤد دورا في ذلك".
وتتساءل فاراغور: "ماذا يعني احتمال ائتلاف حاكم جديد؟"، مشيرة إلى قول تشين، إنه سيقوي في الغالب سيطرة الإثنية الملاوية المسلمة، ويقصي الأقليات الصينية والهندية وغير الماليزيين من السكان الأصليين.
وتنقل المجلة عن مالحي، قولها إن حزبي UMNO وPAS "يتقنان إكراه الحكومة على التراجع عن إجراءاتها الإصلاحية، سواء كان ذلك من خلال تحريك الشارع أو الحملات الرقمية باستخدام أدوات مثل (واتساب)، و(تتضمن أجندتهما) تخصيص المواقع القيادية في الحكومة لإثنية الملايو المسلمة، وإغلاق المدارس غير الملاوية، وربما سحب الجنسية الماليزية من غير الأقليات. ويجب أن نتذكر أن حكومة تحالف الأمل كانت منتخبة، وما تزال الأحزاب المشكلة للتحالف تحمل الشرعية التي تأتي مع الفوز في الانتخابات، ولنتذكر أيضا أن سمعة حزب UMNO مرغت بالتراب بسبب فضيحة شركة الاستثمار الاستراتيجي 1MDB".
وتذكر الكاتبة أن مهاتير أشار يوم الأربعاء إلى أنه لن يحكم في ائتلاف يشتمل على حزب UMNO كاملا.
وتورد فاراغور نقلا عن الأستاذ في جامعة مالايا، أوانغ أزمان أوانغ باوي، قوله: "مهاتير سياسي محنك جدا. وبإمكانه التلاعب في الوضع لصالحه، ولا يمكننا أن ننكر بأن حزب UMNO قد يكون حاول تحريك هذا الوضع للعودة إلى السلطة، لكن ربما يكونون بذلك قد خربوا على أنفسهم"، وأضاف أن هدف مهاتير الرئيسي سيكون الحصول على ما يكفي من أعضاء البرلمان من أي حزب في ائتلاف جديد، كي يستطيع العودة لانشغاله في التنمية الاقتصادية.
ويقول تشين للمجلة إن الطرفين ذهبا لمقابلة الملك، وهو ما يعني أن الوضع سيحل قريبا، سواء من خلال قرار مباشر من الملك لمنح الحكومة لأي منهما، أو من خلال الدعوة لانتخابات جديدة، مشيرا إلى أن معظم جمعيات المجتمع المدني تفضل الخيار الأخير.
وتختم الكاتبة مقالها بالإشارة إلى قول الناشطين، إن أي تحالف جديد قد يقضي على الإصلاحات التي وعد بها تحالف الأمل عام 2018، التي تضمنت مكافحة الفساد وسن قوانين مالية.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)