هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نفت جماعة "حراس الدين" مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف قوات تركية على طريق "M4" الدولي (حلب-اللاذقية) الأسبوع الماضي، رغم المؤشرات العدة على تورطها وفق ما وصل "عربي21" من مصادر في الشمال السوري في تقرير سابق.
ويعد الهجوم الذي وقع في الـ19 من الشهر الجاري، الأول من نوعه لاستهداف مجموعات تصفها تركيا بأنها "راديكالية ومتطرفة"، لقواتها في الشمال السوري، وأدى حينها إلى مقتل جنديين تركيين.
وقالت وزارة الدفاع التركية في حينها إن الهجوم شنته مجموعات "متطرفة" على القوات التركية في إدلب شمال غرب سوريا.
وسبق أن كشف مصدر عسكري سوري، الجمعة الماضي لـ"عربي21"، أن الجهة التي قامت باستهداف الجنود الأتراك، هي "حراس الدين" ممثلة تنظيم القاعدة في سوريا.
وكانت أثيرت كذلك أنباء عن أن هيئة "تحرير الشام" (النصرة سابقا) هي التي قامت بتنفيذ الهجوم، إلا أن المصدر أكد أنها لم تتورط في الهجوم بشكل رسمي، وأن "حراس الدين" هي التي قامت بتنفيذ كامل الهجوم.
إلا أن "حراس الدين" وفق ما وصل "عربي21" نفت مسؤوليتها، ما يثير تساؤلات عن تداعيات الحديث عن تورطها في الهجوم عليها، وكذلك بالنسبة لـ"تحرير الشام"، و"جند الأقصى"، وهي جميعها تعد الفصائل الأبرز في الشمال السوري التي تصنف على أنها "راديكالية" بالنسبة لتركيا وروسيا وفصائل المعارضة السورية معا.
من جانبه، قال الباحث المهتم بالجماعات الجهادية في سوريا، عباس شريفة، لـ"عربي21"، إن "التفجير لا يزال غامضا، والأصابع توجه بالفعل لحراس الدين، ولكنها نفت، والأتراك لم يوجهوا أي اتهام لأي فصيل معين بعد".
اقرأ أيضا: مصدر عسكري: هذه الجهة وراء مقتل التركيين على "M4"
ولفت في المقابل، إلى أن "حراس الدين مع ضعفهم، من الصعب أن يقوموا بمثل هذه المغامرة، يمكن أن تتسبب بإنهائهم في الشمال السوري، لا سيما أن أعدادهم قليلة جدا، ووجودهم محصور، وإمكانياتهم ضعيفة".
ورأى أن الهجوم، "قد يكون لعبة من أبي محمد الجولاني لبعث رسائل إلى تركيا بأن هيئة تحرير الشام لا تزال بحاجته لحماية أرتالها وآلياتها في المنطقة، بعد الدخول التركي لهذه المناطق".
ولكنه شدد على أنه "لا توجد معلومات بهذا الشأن، وهي مجرد تحليلات وتوقعات".
الفتوى الدينية
وبعد الهجوم الذي تعرضت له القوات التركية في إدلب، تثار تساؤلات بشأن طبيعة تعامل المجموعات التي تصنف بأنها "راديكالية"، مع الواقع الجديد بدخول تركيا عسكريا إلى المناطق التي لا تقع تحت سيطرة النظام السوري.
وأوضح شريفة في حديثه لـ"عربي21"، أن الخطاب الديني بالنسبة للمجموعات الجهادية في الشمال السوري، لا يعادي بشكل علني وواضح الجيش التركي.
وأوضح أن "خطاب تحرير الشام سياسي، وإن كان عضو مجلس الشورى في الهيئة أبو الفتح الفرغلي، سبق أن أصدر فتوى بتكفير الجيش التركي، وكذلك فعل القاضي والشرعي السابق في التنظيم عبد الرزاق المهدي، الذي أصدر فتوى بعدم التعامل مع الجيش التركي".
أما "حراس الدين"، فقال شريفة، إنهم "كانوا براغماتيين بهذا الخصوص، والتزموا الصمت بشأن إصدار أي فتوى بهذا الخصوص، ولم ينكروا التدخل التركي، ولكنهم رفضوا الاتفاقيات الدولية بشأن إدلب، وأعلنوا عدم التزامهم بها، كنوع من إبراء الذمة أمام أتباعهم".
ولكنه أوضح في المقابل أيضا، أن "حراس الدين سبق أن أصدرت بيانات عدة بتنفيذ ضربات هاون على أماكن يتمركز فيها الجيش التركي، وهذه دلالة".
وأشار إلى أنه "لا يمكن معرفة مدى انضباط العناصر في حراس الدين وأي فصيل آخر، في حال وجود فتوى من عدمه، فهي مجموعات مخترقة بطبيعة الحال".
تحرير الشام بالواجهة
وتناول كذلك الباحث في الجماعات الجهادية، تداعيات الهجوم الأول من نوعه على القوات التركية، بالنسبة لتحرير الشام، كتنظيم يعتقد بأنه قد يكون وراء الهجوم أيضا.
وقال شريفة: "على ما يبدو أن القيادة في تحرير الشام براغماتية أيضا، ومتماهية مع تركيا إلى أبعد الحدود، لكنها بحاجة إلى أن تعتمد من أنقرة كقوة في الشمال السوري مثل الفصائل المعارضة الأخرى خصوصا بعد دخول الجيش التركي للمنطقة".
وأكد أن "تحرير الشام تبحث عن وجودها واستمرار تعاونها مع تركيا، وحصر علاقتها في إدلب معها، وليس مع الفصائل الأخرى، وتريد أن يبقى الأمر كما كان قبل التدخل التركي، لذلك فإن من تداعيات الهجوم، أن يحاول التنظيم الإبقاء على جسر التواصل مع تركيا، والتأكيد لها بأنها بحاجته في الأماكن المحررة".
ولفت إلى أن الضغط الروسي على تركيا في قضية معالجة الجماعات المتطرفة سيزيد بعد الهجوم، مضيفا أن "الكرة الآن في ملعب تركيا، بشأن من تعتمد من الفصائل في الشمال السوري، ولكن أنقرة لا تريد أن تفتح جبهة داخلية في مناطق سيطرة المعارضة، لا سيما أن خطوط التماس مع النظام السوري لم تستقر، لذلك فإن ملف الشأن الداخلي مؤجل بالنسبة لها".
ولفت إلى أن "الجولاني يستغل حاجة الأتراك للحفاظ على الوضع الداخلي في إدلب، من أجل ابتزاز تركيا، وتقديم أوراق اعتماده لها".
ولكنه أثار تساؤلا هاما، هو "إلى أي مدى ستبقى روسيا صامتة ومحافظة على وقف التصعيد رغم وجود هذه الفصائل؟"، مجيبا: "لا يمكن معرفة ذلك الآن".
وأكد أن "الروس يحافظون حاليا على هذه الورقة للضغط على تركيا بشكل مستمر".
انتشار تركي أكبر
ومن تداعيات الهجوم أيضا، ما كشفه مصدر خاص لـ"عربي21"، أن القوات التركية انتشرت بشكل غير مسبوق على الطريق الدولي "M4" بعد الهجوم الأخير ضد قواتها.
وأكد أن تركيا تعمل الآن على تأمين الطريق الدولي "M4" بالكامل، من أجل تسيير الدوريات المشتركة مع روسيا وفق الاتفاق الأخير.
اقرأ أيضا: مقتل جنديين تركيين بهجوم من مجموعات "متطرفة" بإدلب
ولفت إلى أن الانتشار الكبير للقوات التركية على الطريق الدولي سيستمر إلى نحو أسبوعين، إلى حين إزالة جميع السواتر الترابية والألغام، وإنهاء تواجد المجموعات المسلحة مثل جند الأقصى وحراس الدين، وكذلك تحرير الشام.
وقال إن القوات التركية قامت بإنشاء نقطتين عسكريتين جديدتين على طول الطريق الدولي بعد الهجوم الأخير في "بسنقول" قرب أريحا، ونقطة كذلك في "معربليت".
توتر بين حراس الدين وتحرير الشام
وشهدت العلاقات بين هيئة تحرير الشام وتنظيم "حراس الدين" توترات عدة منذ إعلان الأخير انفصاله عن الأول وتبعيته للقاعدة، على خلاف تحرير الشام التي انفصلت عن التنظيم العالمي.
وخلال، العام الماضي، أدت التوترات بين الفصيلين إلى معارك واشتباكات عنيفة، في حين توقع مصدر مقرب من الفصائل المسلحة في حديثه لـ"عربي21"، أن تعود الاشتباكات بين التنظيمين، لا سيما أن تحرير الشام تعتقد بخطورة مثل هذه الهجمات على تركيا، وفق قوله.
وأشار إلى أن تحرير الشام أظهرت تمسكا بالتعامل مع تركيا، وسبق أن مدحت دورها في الشمال السوري ضد النظام السوري.
ولفت كذلك إلى أن تحرير الشام سبق أن شاركت في معارك ريف حماة إلى جانب فصائل المعارضة السورية، في حزيران/ يونيو العام الماضي، وتسبب الأمر بانفصال عناصر منها والانضمام إلى حراس الدين.
وكان الجولاني وصف في مقابلته مع موقع "Crisis Group" (مجموعة الأزمات الدولية)، في 20 شباط/ فبراير الماضي، العلاقة مع "حراس الدين" بأنها "علاقة معقدة".
وأضاف أنه "تم إلزامهم بعدم استخدام سوريا منصة انطلاق للجهاد الخارجي، والاعتراف بحكومة الإنقاذ، التابعة لهيئة تحرير الشام أمنيا وعسكريا"، وفق كلامه.
وكان الجولاني فرض خطوات على عزل قسم من التيار المتشدد داخل تنظيمه، والذي شكل بدوره تنظيم "حراس الدين" في عام 2018.
وبحسب المختص بالجماعات الجهادية، الدكتور أيمن هاروش، في تصريحات سابقة لـ"عربي21"، فإن الجولاني عمل خلال الفترة الماضية على تحويل خطابه من متشدد إلى معتدل وبراغماتي.
ولفت إلى أن الجولاني سبق أن تعهد بعدم استخدام سوريا من "تنظيم القاعدة" أو أي فصيل آخر، لإطلاق عمليات خارجية، وقام بإعلان النظام السوري وحلفائه العدو والهدف الرئيس الذي تجب إزالته.
وأشار إلى أن تحرير الشام استخدمت مصطلح "النظام الفاقد للشرعية"، وتركزت هجماتها عليه، ولم تُعادِ منذ فترة المعارضة السورية وتركيا.
في المقابل، عند الحديث عن الدوافع، فإن المصدر أشار إلى أن "حراس الدين" سبق أن خسر أبرز قادته وشخصياته المؤثرة، جراء قصف للتحالف الدولي في 30 من حزيران/ يونيو العام الماضي، على ريف حلب الغربي.
ومن هؤلاء، قاضي الحدود والتعزيرات "أبو عمر التونسي"، والقيادي "أبو ذر المصري" والقيادي "أبو يحيى الجزائري"، و"أبو دجانة التونسي".