قضايا وآراء

ارتقاء الدبلوماسية القطرية إلى الفلك العالمي فخر للعرب

أحمد القديدي
1300x600
1300x600

من لا يشكر الناس لا يشكر الله، ومن هذا المنطلق حيا عدد من أكبر الدبلوماسيين والإعلاميين في الغرب دولة قطر على نجاح وساطتها الخيرة في توقيع معاهدة السلام ليوم 29 شباط (فبراير) الماضي بين واشنطن وحركة طالبان، وهو ما هنأ به حلف الناتو دولة قطر على نجاحها فيه كما هنأ البيت الأبيض قطر على نفس النجاح.

 

سجل حافل بالمبادرات

وفي سجل مختلف حيت منظمة الصحة العالمية من جنيف أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على ما سمته (الخطة الشاملة للوقاية من فيروس كورونا)، وكذلك نوهت منظمة اليونسكو بجهود دولة قطر في إنجاز البدائل التعليمية بقناتين تلفزيونيتين (تعليمية 1 وتعليمية 2) من أجل استمرار العملية التربوية رغم إغلاق المؤسسات التعليمية. 

يُضاف ذلك إلى تاريخ طويل لدولة قطر في حل النزاعات الدولية والأزمات الأهلية، وهو ما كان ذكر به الصحفي البريطاني (ايمانوال جيري) في تحليل كانت نشرته وكالة الأنباء العالمية (رويترز) وكان بالفعل تحليلا ذكيا ومنصفا للنجاحات الكبرى التي حققتها الدبلوماسية القطرية خلال السنوات الماضية، مما بوأها منزلة مرموقة في العالم تتجاوز محيطها العربي، مما جعلها تتحرك في فلك دولي بفضل اسهاماتها في إيجاد حلول سريعة ومشرفة لعدد مهم من المعضلات كانت تهدد السلام الإقليمي والدولي.

 

قطر لديها إرادة سياسية واستراتيجية للعب دور ناجع وحاسم، وقد أدرك تلك الإرادة الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل لأنهما وجدا في قطر شريكة أمينة وصادقة في الدبلوماسية الوفاقية التي يؤمنان بها


وحين نقول إن هذه النجاحات المتميزة تعتبر فخرا للعرب جميعا فذلك من منظور موضوعي وصادق لأن العرب عانوا على مدى عقود من ظاهرة الغياب: أولا غياب عن مناطق القرار في الأزمات الدولية وثانيا غياب عن دائرة الضوء الإعلامي في مجال العلاقات الدولية، وثالثا غياب عن مسرح التأثير في اتخاذ القرارات الأممية النافذة في المنظمات الإقليمية والدولية ذات المردود المباشر على مصالح العرب وقضاياهم العادلة. 

ليس من المبالغة إذا أكدنا بأن العرب بسبب فقدان آليات التنسيق والتشاور وتوحيد المواقف ظلوا مع الأسف في كثير من لحظات التاريخ الحديث جالسين على قارعة الأمم الناهضة لا ينظر اليهم الأقوياء سوى كأمة عريقة كانت وزالت ومضى مجدها وانطفأ بريقها مثل نجم رفيع مات في فضاء الكون!

 

شهادة من صحفي بريطاني

فالصحفي البريطاني اختار لتحليله نماذج من التدخل الدبلوماسي القطري ليؤكد بأن الدول لا يقاس توفيقها في المحافل الدولية بمساحتها ولا بحجم سكانها بل بالقراءة الحكيمة للأحداث وبنجاعة استراتيجية الوساطة الذكية وبسرعة التحرك باختزال الوقت واختيار اللحظة المناسبة وانتقاء اللغة والمصطلحات الملائمة لكي تشعر جميع الأطراف ذات العلاقة في أزمة من الأزمات الراهنة بأن الدبلوماسية القطرية ليست خصما ولا تمارس مناورة وليست بالخصوص طرفا منتفعا من أي حل مقترح بل هي أداة مرنة لمساعدة الجميع على تجاوز عنق الزجاجة وفتح حوار مباشر مع خصم الأمس من أجل السلام الدولي. 

وفي هذا الاطار ذكر الصحفي بملف الممرضات البلغاريات المحجوزات في ليبيا منذ عقدين ثم تم الافراج عنهن وقوله بأن دور قطر كان مراعيا للاعتبارات الإنسانية لا غير. علق الصحفي قائلا بأن الوساطة القطرية تحركت في إبانها إزاء كل معضلة تعقدت حتى تجد الأزمة حلها المناسب دون أن يفقد أي من الشركاء ماء الوجه. 

 

قطر هي أيضا التي سعت إلى حل معضلة دارفور من منطلق السلام العربي والإفريقي وهو ما كان يحرص الاتحاد الأوروبي على إقراره


ثم حلل الصحفي بعض تفاصيل الدور الحاسم الذي لعبته الدبلوماسية القطرية في جمع الشركاء اللبنانيين حول مائدة الوفاق في لقاء الدوحة في عز الفراغ الدستوري اللبناني بدون رئيس مما عجل بإنجاز العملية السياسية والدستورية الأكثر عسرا وحساسية وهي انتخاب الرئيس ميشال سليمان سنة 2010 ليتحمل مسؤولية رئاسة الجمهورية ويضع حدا لمناخ التوتر الطائفي ويشكل مع النخبة السياسية اللبنانية الوطنية نواة جديدة للتعامل مع أزمة الشرق الأوسط. وبالفعل تم ذلك بفضل تحرك قطري تسامى عن اشكاليات الظرف الدقيق والمتشعب ليحل الأزمة بحكمة وصبر نال بها أعز ما يتطلبه الموقف اللبناني وهو الثقة في الشقيق القطري وقبول التنازل عن الثانوي من الطلبات لإحلال الأهم والأبقى وهو وحدة التراب اللبناني ووحدة الشعب اللبناني والعودة لمسيرة الخير والوفاق والأمن. 

لاحظ الصحفي بأن قطر هي أيضا التي سعت إلى حل معضلة دارفور من منطلق السلام العربي والإفريقي وهو ما كان يحرص الاتحاد الأوروبي على إقراره. كما أن مهمات صعبة أخرى تعتقد العواصم الغربية بأن دولة قطر يمكنها أفضل من سواها القيام بها وربما في مجالات تتجاوز الشرق الأوسط. 

ختم الصحفي هذا التحليل بالقول بأن دولة قطر اختارت عن حكمة وروية هذا المنهج ونقل عن دبلوماسي فرنسي قوله بأن قطر لديها إرادة سياسية واستراتيجية للعب دور ناجع وحاسم، وقد أدرك تلك الإرادة الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل لأنهما وجدا في قطر شريكة أمينة وصادقة في الدبلوماسية الوفاقية التي يؤمنان بها، ووجدا لدى المسؤولين القطريين رغبة صادقة في مخاطبة الجميع بدون استثناء وهو التقاء في الشراكة الاستراتيجية بين قطر وزعيمين أوروبيين يتميزان بالخروج عن الطرق الجاهزة المعبدة لتحقيق مبادىء وقيم وفضائل ما أحوج العالم اليوم إليها في مرحلة الأعاصير والأنواء.

[email protected]

التعليقات (0)