هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خلط تهاوي أسعار النفط العالمي -تأثرا بجائحة كورونا- حسابات النظام السوري، فأولويات الحلفاء (روسيا وإيران) اختلفت، وبات تركيزهم منصبا على إنعاش اقتصاداتهم المعتمدة على تصدير النفط بشكل كبير.
وفي هذا الإطار، قلل الباحث في "مركز الحوار السوري"، أحمد قربي، من احتمالية تأثر السلوك الإيراني في سوريا نتيجة لانخفاض أسعار النفط.
وقال لـ"عربي21" إنه "لا يمكن فصل السلوك الإيراني في سوريا عن مجمل السياسة الإيرانية المبنية على الفكر التوسعي، عبر دعم الأذرع العسكرية والمليشيات في دول المنطقة، دون الاهتمام بالتبعات الاقتصادية".
وأضاف: "لم نشاهد بعد فرض العقوبات الغربية على إيران انكفاء من طهران نحو الداخل، وإنما على العكس، شاهدنا زيادة في نشاط المليشيات، وزيادة في العبث بأمن الدول الإقليمية، وسوريا على رأس هذه الدول".
ويعني ذلك -حسب القربي- أن إيران لن تكف عن دعم نظام الأسد، خصوصا أن من غير المستبعد قيام إيران بمحاولة تصدير أزماتها الداخلية إلى الخارج.
وتابع: "من غير المستبعد أن تزيد طهران من عبثها في الملف السوري".
فيما يرى الباحث الاقتصادي في "مركز الأناضول لدراسات الشرق الأوسط"، حسن الشاغل، أن وتيرة الدعم الإيراني للمليشيات المساندة لقوات النظام ستنقص، الأمر الذي سيؤدي إلى قلة تأثير دور المليشيات هذه في الميدان العسكري السوري، وكذلك في الشق الاجتماعي، خصوصا أن هناك العديد من الجمعيات الممولة إيرانيا.
ويضيف لـ"عربي21"، أن روسيا كذلك التي تعاني من انخفاض أسعار النفط، وكذلك من انتشار وباء كورونا، قد تبتعد قليلا عن النظام، خصوصا أن الأزمة الاقتصادية الدولية ستجعل من الصعب على أي طرف دولي وإقليمي دعم عملية إعادة الإعمار، ما من شأنه تأخير المكاسب الاقتصادية المرجوة من موسكو.
وقال الشاغل، إن العالم مقبل على أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وعلى روسيا الانتظار طويلا إلى حين تعافي الاقتصاد العالمي، حتى تبدأ مرحلة إعادة الإعمار.
اقرأ أيضا: موقع تركي: هل يخرج بوتين الأسد من حساباته في سوريا؟
ماذا عن النظام؟
واستدرك الباحث بالقول: "قد يتأثر النظام السوري إيجابا بكل هذه الأزمات؛ إذ من الواضح أن النظام السوري لم يعد يعاني كثيرا من أزمة المحروقات في مناطق سيطرته، فالحصول على النفط اليوم بات أسهل من قبل".
وأضاف الشاغل، أن مدى استفادة النظام من انخفاض سعر النفط محكوم بقدرة النظام على تخزين النفط الممكن تسويقه بأسعار زهيدة.
وفي رده على هذه الجزئية المتعلقة بقدرة النظام على تخزين النفط، أكد الباحث والمهندس الكيميائي العامل في مجال النفط السوري سابقا، مهند الكاطع، لـ"عربي21": أن محطات التخزين الكبيرة هي خارج سيطرة النظام، ومن أهمها محطة تخزين تل عدس في ريف المالكية بالحسكة، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وأضاف: أن منشآت النفط تعرضت للضرر الكبير، وقسم كبير من مناطق الإنتاج بات خارج الخدمة.
خارج المعادلة
وبناء على ذلك، يعتقد الكاطع أن النظام السوري خارج معادلة الربح والخسارة من انخفاض أسعار النفط العالمية، خصوصا أن غالبية حقول النفط خارج سيطرته.
وأضاف أن كمية الإنتاج التي ما زال ينتجها النظام في مناطق سيطرته لا تتجاوز 10 آلاف برميل، من النفط الخام، ومشكلة النظام أساسا في تكرير النفط، والمشتقات التي تقوم روسيا بتوريدها له، عبر مرفأ طرطوس، الذي يعدّ قاعدة عسكرية روسية.
وحسب الكاطع، فإن دخول "قانون قيصر" الأمريكي لحماية المدنيين السوريين حيز التطبيق قد يحرم النظام من كميات النفط الروسية.
ومؤيدا الكاطع في الرأي، أشار الأمين العام لـ"التجمع الوطني السوري" صلاح قيراطة، المقرب من النظام السوري، إلى التهديد الذي يمثله "قانون قيصر"، مؤكدا أن آثاره لن تمس إلا البسطاء والفقراء والمحتاجين من السوريين.
وأضاف أن "حكومة دمشق لن تتأثر بحال من الأحوال بما يجري من تقلب بأسعار بالنفط، إذ تبدو البلاد كأنها في كوكب وحدها، حيث تعيش في حالة انفصال وانفصام في آن معا، فالهزيمة في مفردات نظامها انتصار والجوع تخمة، وهكذا حتى كورونا الذي ضرب أصقاع العالم هو بالنسبة للإدارة السورية (التهاب ذات الرئة)".
وتابع لـ"عربي21": "لن تتأثر البلاد سلبا أو إيجابا، ولن يغير من أحوالها إلا الولايات المتحدة الأمريكية، الجهة التي تضبط أداء كل المتدخلين في المحرقة السورية، وكلنا يعلم أن كل من دخل في مصلحة نظامها (روسيا - إيران) إنما تدخّل جاريا خلف مصالحه".