كورونا يضرب موسم "عمرة رمضان".. ودعوات للتبرع بنفقاتها
القاهرة- عربي21- محمد مغاور27-Apr-2008:27 AM
0
شارك
تتراوح أسعار رحلة العمرة في مصر ما بين 10 آلاف و20 ألف جنيه.. وأكثر من نصف مليون مصري اعتمروا العام الماضي- جيتي
يتزايد إقبال المصريين في شهر رمضان من كل عام لأداء العمرة وبشكل خاص في العشر الأواخر من الشهر الكريم؛ إلا أن جائحة كورونا تسببت هذا العام في حرمان آلاف المصريين من "عمرة رمضان".
ووفق أرقام وزارة الحج السعودية، فقد بلغ عدد المعتمرين المصريين بالعام 1440هـ نحو 541 ألفا و951 معتمرا، ما جعل مصر بالمرتبة الأولى عربيا بأعداد المعتمرين، والرابعة بين جنسيات العالم بعد باكستان وإندونيسيا والهند.
وفي الوقت الذي تتراوح فيه أسعار رحلة العمرة ما بين 10 آلاف و20 ألف جنيه -بحسب الخدمات المقدمة- فقد صدرت فتاوى عديدة من دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف والأزهر الشريف تحث على التبرع بقيمة العمرة للفقراء والمساعدة في تخفيف آثار جائحة كورونا.
"خسائر اقتصادية"
وفي حديثه لـ"عربي21"، عن الآثار الاقتصادية السلبية لإلغاء العمرة على شركات ومكاتب السياحة، قال صاحب إحدى الشركات المختصة بتسفير المصريين للحج والعمرة، إنه "عام غير مسبوق لم يمر مثله على سوق السياحة الدينية ولا الشركات العاملة فيه".
وأوضح أن "مواسم العمرة مقسمة بالنسبة للمصريين بعدة أشهر في السنة، أهمها في مولد النبي بشهر ربيع الأول، وفي أشهر رجب وشعبان ورمضان، لكنها توقفت فيهم بشكل تام بسبب كورونا هذا العام".
وأكد أن "شركات السياحة تعاني بشدة بعد غلقها؛ حيث إنه مطلوب منها دفع رواتب الموظفين، إلى جانب خسائرها الكبيرة بسبب التأشيرات وتذاكر الطيران التي تم حجزها ثم إلغاؤها".
وأشار أيضا إلى أن "هامش ربح شركات السياحة السنوي تضرر بشكل كبير، خاصة أنها مطالبة بدفع الالتزامات والرسوم الحكومية كاملة وبينها الضرائب".
وحول دور الدولة في حل الأزمة، أكد أنه "تم الحديث عن تعويضات لهم من قبل وزارة السياحة"، موضحا أنها "وعود لم تنفذ حتى الآن ولا يعرف أحد ماهيتها، وسمعنا عن مساهمة الدولة بألف جنيه في راتب كل موظف معين بشكل رسمي بكل شركة، وأصحاب الشركات يدفعون باقي قيمة الرواتب".
وأكد أحد العاملين في إحدى شركات السياحة ومكاتب العمرة والحج أنه تم تسريح عدد كبير من العاملين غير المؤمن عليهم والمؤقتين بعد وقف نشاط جميع الشركات وغلق أفرعها، دون أدنى حق للعاملين فيها.
"عشق مصري"
وحول مدى تعلق المصريين وعشقهم للعمرة والحج، قال الباحث الإسلامي المصري محمد مسلم، إن "المصريين من أكثر شعوب المسلمين تعلقا بالحرمين الشريفين، حتى إن الفلاح المصري قد يبيع جاموسته وهي رأس ماله لأداء الحج والعمرة".
وأكد بحديثه لـ"عربي21"، أن "المصري قلبه يهفو لبيت الله الحرام والمسجد النبوي، منذ التاريخ الذي يوثق مشاهد خروج المصريين عبر القرون الطويلة من التاريخ الإسلامي وهم يودعون أمير الحج، والمحمل الشريف الذي كان يحمل كسوة الكعبة الجديدة كل عام، إلى جانب دور التكية المصرية، المعروفة حتى عهد قريب بالأراضي المقدسة".
وقال مسلم، إن "العمرة تعني للمصريين حجة؛ وذلك لأن ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية تمنع الكثيرين منهم من الحج لتكلفته الكبيرة، كما أن المصريين يعبرون عن فرحتهم وآمالهم وينفذون نذورهم بالعمرة".
وأضاف: "في مصر المريض يتمنى الشفاء وينذر الذهاب للعمرة، والعاقر تحلم بالعمرة والشرب من ماء زمزم بنية الشفاء والإنجاب، والشيخ والعجوز والفقير الذين لا يقدرون على مشقة الحجة وتكلفته يكتفون بالعمرة".
وأشار إلى أن التراث الشعبي المصري والغنائي احتفى بالعمرة والحج معا، وطالما أنشد المصريون أغاني وأناشيد شهيرة لمطربين كبار مثل ليلى مراد وأم كلثوم، ومنشدين شعبيين مثل خضرة محمد خضر وفاطمة عيد، والشيخ ياسين التهامي، وغيرهم.
"ترتيب الأولويات"
وفي تعليقه على حرمان المصريين هذا العام من عمرة رمضان، أكد الإمام المصري بالمشيخة الإسلامية بدولة الجبل الأسود، سامح الجبة، أن "العمرة سنة عظيمة وفضلها كبير وخاصة في شهر رمضان فهي تعدل حجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث مسلم الذي رواه ابن عباس (.. عُمرَةٌ في رمَضَانَ تَعدِلُ حجة معي)".
الداعية الأزهري قال لـ"عربي21": "ولكن مع وجود وباء كورونا المستجد فإننا في حاجة إلى إعادة ترتيب الأولويات؛ فإن الواجب الشرعي الآن هو في الحفاظ على الأنفس ومنع انتشار الوباء".
وأشار لقول الله تعالى: (.. وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ..) و(.. وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعا..)، مشددا على أن "الفتوى في الأوقات العادية غير الفتوى في عموم البلوى".
ويعتقد الجبة، أن "الذي حرم الناس من العمرة هو وجود الوباء، وهو من قدر الله، والله لا يقدر إلا الخير، وأبواب الدخول على الله كثيرة غير العمرة"، مؤكدا أن "السعي في قضاء حوائج الناس والتكافل والتراحم بينهم وتخفيف المعاناة عنهم من أعظم القربات".
وجزم الداعية الإسلامي بأن "توجيه الأموال المخصصة للعمرة إلى الفقراء والمحتاجين عمل جيد، والمهم أن يتأكد كل إنسان أن صدقاته تصل إلى الفقراء والمحتاجين".