هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مُنيت جهود الحكومة المصرية بالفشل، في تنفيذ بنود اتفاقية تسوية منازعات بقيمة ملياري دولار مع شركاء أجانب، بشأن مصنع دمياط لإسالة الغاز (على البحر المتوسط).
وأصدرت وزارة البترول، قبل يومين، بيانا أكدت فيه فشل الاتفاقيات المتعلقة بمصنع دمياط للإسالة الذي يشارك فيه قطاع البترول بنسبة 20 بالمئة، وشركة يونيون فينوسا الإسبانية الإيطالية، بنسبة 80 بالمئة بإجمالي استثمارات 1.3 مليار دولار (بدأ العمل فيه في 2005).
وقالت الوزارة في البيان الذي حصلت "عربي21"، على نسخة منه، إن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية " إيجاس"، أبرمت اتفاقية تسوية واتفاقية إطارية في هذا الصدد مع الشركاء المعنيين، في 27 شباط/ فبراير الماضي، إلا أن الجانب المصري قام بتنفيذ بعض بنود شروط سريان الاتفاقية، وكانت بصدد تنفيذ الشروط المتبقية.
إلا أن وزارة البترول المصرية أرجعت عدم تنفيذ باقي الشروط بسبب جائحة كورونا، حيث تعذر على باقي أطراف التعاقد استكمال تنفيذ بعض الشروط الأخرى وهوما نتج عنه إنهاء تلك الاتفاقيات المبرمة في 27 فبراير 2020."
وجدد البيان استعداد شركة ايجاس (الطرف المصري) الدخول بمفاوضات جديدة بهذا الشأن بعد مراعاه بعض الاشتراطات، دون الكشف عن طبيعة الاتفاقيات والاشتراطات والجدول الزمني لها.
تاريخ الأزمة
يعود تاريخ القضية إلى عام 2013، عندما أقامت الشركة الإسبانية دعوى قضائية ضد مصر بسبب خرق بنود التعاقد حول كميات الغاز الموردة للشركة، جراء توقف EGAS عن توريد الغاز للمحطة بسبب أزمة نقص الطاقة في السوق المحلية.
وفي أيلول/ سبتمبر 2018، صدر حكم ضد مصر يلزمها بدفع غرامة قدرها 2 مليار دولار إلى الشركة الإسبانية كتعويض عن خرق بنود التعاقد، وقامت الشركة الإسبانية برفع دعوى قضائية أخرى لإلزام مصر بتنفيذ الحكم وتحديد موعد نهائي لذلك.
وتعمل وحدات الإسالة بمصنع دمياط على تحويل الغاز الطبيعي من حالته الغازية إلى الحالة السائلة، حتى يمكن تحميله على سفن وتصديره، لصعوبة تصديره إلى أى مكان لعدم وجود خط أنابيب ينقل هذا الغاز.
وتوجد في مصر محطتان لإسالة الغاز الطبيعي، الأولى مصنع دمياط للإسالة، محل النزاع، بينما توجد المحطة الثانية بمدينة إدكو بمحافظة البحيرة، تمتلك فيها الحكومة المصرية حصة تقدر بنحو 24 بالمئة والباقي لشركاء أجانب أيضا.
خسائر متوالية
وكانت مصر خسرت قضية لصالح الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 1.8 مليار دولار في 2015؛ بسبب توقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وتوصل الجانبان إلى تسوية في منتصف عام 2019، لتخفيض المبلغ إلى 500 مليون دولار مقابل اتفاق يقضي بتصدير إسرائيل الغاز الطبيعي إلى مصر.
اقرأ أيضا : مصر تطلب رسميا قرضا جديدا من صندوق النقد الدولي
وبدأت مصر في استقبال الغاز الإسرائيلي، منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، بموجب اتفاق تجاري هو الأكبر بين الدولتين منذ توقيع اتفاق السلام في عام 1979 تبلغ قيمته 19.5 مليار دولار، من حقول إسرائيلية على مدى 15 عاما.
وفي تغريدة لصحيفة الأهرام الرسمية في أيلول/سبتمبر 2014، أوردت خبرا بعنوان "يونيون فينوسا" تعرض سحب دعوى التحكيم ضد #مصر إذا وافقت على استيراد #الغاز الإسرائيلي
— الأهرام AlAhram (@AlAhram) September 16, 2014
أزمة كتابة عقود الاستثمار
ألقى أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند، مصطفى شاهين، بالمسؤولية في حصول الشركاء الأجانب على تعويضات ضخمة من الحكومات المصرية، قائلا: "الحكومات أو المفاوض المصري ليس لديها خبرات كافية في كتابة العقود مع الشركاء الأجانب، ولذلك تتورط في قضايا تحكيم دولي كثيرة، كما لا توجد شفافية في عرض تلك الأزمات على الشعب أو نوابه".
ودلل على حديثه بالقول: "ليست هذه المرة الأولى التي تتورط فيها مصر في مثل هذا النوع من القضايا المكلفة، وليس ببعيد خسارة مصر لقضية أخرى أمام إسرائيل، وتكبيدها غرامة بنحو ملياري دولار، قبل أن تخفص إلى 500 مليون دولار مقابل شروط مجحفة تتمثل في استيراد مصر للغاز الإسرائيلي بنحو 19 مليار دولار لمدة 15 عاما".
وأشار إلى أن "مثل تلك القضايا تؤثر بالسلب على سمعة مصر في مجالات الاستثمارات الدولية، وفي حال أصر الشريك الأجنبي على تحصيل الغرامة فسيحرج الحكومة المصرية؛ لإنها غير قادرة على سدادها، ومكبلة بقروض وفوائدها وأقساطها".
ضربتان قاسيتان
بشأن تداعيات انهيار الاتفاقيات، قال الخبير الاقتصادي، أحمد ذكرالله، إن "الأزمة لها شقان؛ الأول، استمرار إغلاق مصانع الإسالة، والتي كانت تعلق عليها مصر آمالا لتحولها لمركز إقليمي للطاقة، إضافة إلى انهيار أسعار الغاز، واستيراد مصر للغاز الإسرائيلي بأكثر من 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارة مقابل أقل من دولارين حاليا في الأسواق العالمية.
وأضاف لـ"عربي21": الجزء الثاني، أن مصر باتت مضطرة إلى دفع مبلغ ملياري دولار، في الوقت الذي لجأت فيه لصندوق النقد الدولي لطلب تمويل جديد، وتراجع مصادر العملات الأجنبية؛ بسبب تأثيرات أزمة كورونا على السياحة وعلى قناة السويس وعلى تحويلات العاملين بالخارج، وخروج أذون الخزانة من مصر، إضافة إلى سداد أقساط وفوائد الديون، وثمن الغاز الإسرائيلي".