أفكَار

كيف يستلهم دعاة تجديد الخطاب الديني تجربة المنار الإصلاحية؟

أسئلة الإصلاح والنهضة في العالم العربي.. قراءة في الجذور التاريخية عربيا وإسلاميا- (إنترنت)
أسئلة الإصلاح والنهضة في العالم العربي.. قراءة في الجذور التاريخية عربيا وإسلاميا- (إنترنت)

عندما هبت رياح الثورات العربية أواخر كانون الأول (ديسمبر) 2010، وكانت أصداؤها تتردد عبر وسائل الإعلام في صور إبداعية وغير مسبوقة لا في الشارع العربي الحديث والمعاصر، ولا في وسائل إعلامنا التقليدي منها والحديث.. لم يكن أحد يتوقع أن أصناما سياسية بحجم أنظمة قوية على غرار نظام الراحل بن علي في تونس، ولا الراحل معمر القذافي ولا نظام الراحل صالح في اليمن ولا نظام مبارك صاحب العلاقات القوية مع الولايات المتحدة الأمريكية أن يرحلوا بتلك السهولة.

ولم يكن يجول في خاطر أكثر المتفائلين بمستقبل الانتقال الديمقراطي في منطقتنا العربية، أن تلك الرياح الشعبية ستنفض الغبار من جديد عن أسئلة كبرى ظلت معلقة في تاريخنا العربي والإسلامي، تتصل بالحكم ومشروعيته، وعلاقة النقل بالعقل، وتحيي معارك سياسية وفكرية وأيديولوجبة خلناها مضت مع سنوات النهضة العربية الأولى مطلع القرن العشرين..

ثم جاءت الجائحة المستجدة المنطلقة تفاعلاتها من شرق المعمورة، قبل أن تعم مختلف قارات العالم، لتدفع بالسياسة والفكر وتوابعهما إلى مزيد من التشظي السياسي والفكري، إذ كيف يعجز العقل المعاصر، الذي استطاع اختراق كل المجاهيل العلمية في مواجهة فيروس فتاك لم يعرفوا له دواء إلى يوم الناس هذا؟

وهو تحد علمي في ظاهره، لكنه في باطنه حضاري بامتياز، يتصل ليس فقط بالمشهد الدولي الذي يمكن أن ينشأ عن نتائج هذا الفيروس من حيث حجم الضحايا والجهات التي ستسبق لاختراع دواء له، وإنما أيضا بالقوى الفاعلة في هذا المشهد.. 

الكاتب والإعلامي بسام ناصر، يستعرض في هذا التقرير الخاص بـ"عربي21"، مع نخبة من المشتغلين بالفكر والدين والسياسة في العالم العربي، تداعيات هذا المشهد من زاوية علاقته بسؤال النهضة العربية، أو قل من مدخل قدرة العالم العربي والإسلامي على مواجهة مثل هذه التحديات، على اعتبار أن التطورات المعاصرة على جميع المستويات ليست منبتة بالكامل عن إرث إنساني موغل في التاريخ.

الإصلاح الديني مجددا

تثير أسئلة النهضة في غالب الأحيان الجدل حول مفهوم الإصلاح الديني، في أوساط من يرفضون اعتبار الدين عائقا أمام تحقيق النهضة، كما تلح على ذلك غالب الاتجاهات العلمانية، لكنهم يرون أن كثيرا من الأفهام الدينية التقليدية المتوارثة هي التي تعيق إنجاز التقدم والتحديث والمدنية، وهو ما يوجب إحداث الإصلاح الديني المطلوب كمقدمات أولية لازمة في مشروعهم الإصلاحي.
  
وهذا ما تجلى في تجربة الإصلاح الديني التي رفع لواءها، جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد رشيد رضا أواخر القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، ومع أن شيوخ تلك المدرسة وروادها يجتمعون بشكل عام على قضية التجديد الديني، إلا أن لكل واحد منهم رؤيته في ترتيب سلم أولويات ما يجب الاشتغال به من قضايا الإصلاح. 

تمركزت أفكار ذلك الاتجاه على الإصلاح السياسي والإصلاح التعليمي والتربوي والإصلاح الديني، وبحسب باحثين فقد ركز الأفغاني على الإصلاح في جانبه السياسي، واشتغل محمد عبده بالإصلاح في ميادينه التعليمية والتربوية، وجمع محمد رشيد رضا بين الاشتغال بقضايا التجديد الديني والاهتمام بقضايا العالم الإسلامي السياسية.

وحدد الأفغاني رؤيته بشأن الإصلاح الديني بقوله: "إن حركتنا الدينية بالدعوة إلى القرآن كناية عن الاهتمام بقلع ما رسخ من عقول العوام ومعظم الخواص من فهم بعض العقائد الدينية والنصوص الشرعية على غير وجهها، مثل حملهم نصوص القضاء والقدر على معنى يوجب عليهم أن لا يتحركوا إلى طلب مجد أو تخلص من ذلك، ومثل فهمهم لبعض الأحاديث الشريفة الدالة على فساد آخر الزمان أو قرب انتهائه فيما يثبط هممهم عن السعي وراء الإصلاح والنجاح مما لا عهد للسلف الصالح به".

وهو ما ركّز عليه الشيخ محمد عبده في بيانه لأبرز ما يدعو إليه في مجال الإصلاح الديني: "وارتفع صوتي بالدعوة إلى أمرين عظيمين: الأول: تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف، والرجوع في كسب معارفها إلى ينابيعها الأولى". 

ومن الملاحظ أن مبررات ودواعي نشوء ذلك الاتجاه الإصلاحي، ما زالت ذاتها دافعة لنشوء تيارات إصلاحية وتجديدية في عالمنا الإسلامي، فالاستبداد السياسي ما زال مستشريا، وترهل السياسات التعليمية والتربوية وعقمها هو السائد، والتخلف والتبعية والضعف هي الصبغة الدائمة، وعجز الخطاب الديني عن التحرر من قيود التقليد، والاستغراق في قضايا خلافية تاريخية جذرت انقسام الأمة، وأقعدتها عن النهوض لمواجهة تحديات اللحظة الراهنة هو العنوان الأبرز في الحالة الدينية، ما يعني أن تجربة تلك المدرسة الإصلاحية التجديدية ما زالت قادرة على إمداد دعاة تجديد الخطاب الديني المعاصرة برؤى وأفكار جوهرية وهامة لإنجاز مشاريعهم التجديدية والإصلاحية.
 
اتجاهات مدرسة المنار

عُرفت مدرسة المنار باحتفائها الكبير بقضية الإصلاح الديني، وسعيها الدؤوب لنقل الفكر الديني من حالة الجمود التي سيطرت عليه لعقود طويلة، والتي تمثلت بغلق باب الاجتهاد لعقود طويلة، ومنع العقل من ممارسة دوره في فهم نصوص الشريعة والاجتهاد بما يواكب العصر ويعالج قضاياه ومشاكله، وهو ما دفعها إلى رفع لواء التوفيق بين الدين والعلم، ودرء أي تعارض بينهما.

وكان لافتا مدى اهتمام شيوخ تلك المدرسة، بإعلاء شأن العقل، وإعماله في فهم الشريعة والواقع معا، حتى وُصف شيوخها الكبار، جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد رشيد رضا بـ"معتزلة العصر"، وقد كان لهم عناية شديدة، بتناول الجانب الحضاري، وفلسفة التاريخ، وأسباب نشوء الحضارات وانهيارها، وعوامل نهوض الأمم وسقوطها، إضافة إلى دورها الكبير في مراجعة التراث ونقده. 

وشاع عن شيوخ مدرسة المنار تأويلهم لبعض المعجزات الوارد ذكرها في القرآن الكريم، بتقديم تفسيرات تنزع عنها صفة الخوارقية والإعجاز، وتدرجها ضمن أقوال وتفسيرات يتقبلها العقل، وتتماشى مع مألوفات الوقائع بإرجاعها إلى أسباب مادية معروفة، وهو ما دفع المفكر الإسلامي سيد قطب إلى وصف سلوك تلك المدرسة بأنه يجنح إلى "رد الكثير من الخوارق إلى مألوف سنة الله دون الخارق منها، وإلى تأويل بعضها بحيث يلائم ما يسمونه "المعقول" وإلى الحذر والاحتراس الشديد في تقبل الغيبيات" وهو ما انتقده بشدة في معرض تفسيره لسورة الفيل.
  
من أبرز المعجزات والعقائد الدينية التي أولتها مدرسة المنار إلى معان مغايرة للمقرر في المنهجية الإسلامية الأصولية، تأويل الطير الأبابيل المذكور في سورة الفيل بالبعوض والذباب، وحجارة السجيل بميكروبات الجدري والطاعون، ونفي قتال الملائكة إلى جانب الرسول والصحابة في معركة بدر، وأن نزولهم لا يعدو أن يكون تثبيتا وبشرى، وإنكار حادثة انشقاق القمر، وأن الانشقاق سيقع مستقبلا بين يدي الساعة..

رشيد رضا أبرزهم

يتناول الباحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، محمد إلهامي الأفكار الأساسية التي دعا إليها شيوخ ذلك التيار، منبها إلى أن "مدرسة المنار تُعد علما على الشيخ رشيد رضا، وليس صحيحا إدراج الأفغاني وعبده فيها، فهما سابقان على تدشين المنار، ومع ما بين الرجال الثلاثة من العلاقة الوثيقة إلا أن لكل منهما ما يختص به بحيث يعد إدراج الثلاثة تحت عنوان واحد ليس مقبولا إلا بكثير من التجوز والتساهل".
 
أما الأفغاني، بحسب إلهامي، "فقد كانت عنايته بالنضال السياسي والحركي، وتثوير الشعوب الإسلامية ودفع الاحتلال عنها، وإيقاظ همتها وتوحيد كلمتها، وإصلاح حال ساستها أو الثورة عليهم، وشغل هذا الجانب حياته كما شغل عموم مؤلفاته، فهو إما ساعٍ في إصلاح الحكم والسياسة، وإما ساعٍ في تثوير الشعوب على الفساد المتأصل فيها، وهو الفساد الذي كان في ذلك الوقت يمهد الطريق للاحتلال الأجنبي، ولقد توقع الأفغاني قبل موته أن الاحتلال سيعم الديار الإسلامية وهو ما تحقق بالفعل بعد وفاته".

 



وبيّن إلهامي في حديثه لـ"عربي21" أن "محمد عبده بدأ حياته صوفيا متدينا حتى قابل الأفغاني فانبهر به وانخرط في طريقه الإصلاحي وطريقته الثورية، إلا أنه بعد إخفاق الثورة العرابية تعرض عبده لصدمة الهزيمة التي دفعته لتبني طريق يخالف طريقة شيخه، حيث آمن أن النهضة إنما تقوم بالتربية وإصلاح التعليم، ومن ثم توجهت عنايته لإصلاح المناهج التعليمية ومحاولة البحث عن الشخصيات التي يمكن العناية بها لتكون قيادات إصلاحية مستقبلا".
 
وأضاف: "وأدّاه هذا الطريق إلى التصالح مع السياسات القائمة والحكومات المتغلبة مهما تكن ولو كانت الاحتلال الإنجليزي نفسه.. لذلك فقد كانت له علاقة جيدة بكرومر، وحاول كل منهما توظيف الآخر في مشروعه.. إذ حاول عبده التسلل من خلال هذه العلاقة لإصلاح الأزهر والتعليم والإفتاء بما يؤهل الأمة لاكتساب القوة، وحاول كرومر توظيف عبده في هدم مكانة الأزهر وزرع الشقاق فيه، وتمرير ما يمكن من الحداثة والتغريب في البنية الأزهرية".
 
واعتبر إلهامي سعي عبده في توظيف علاقته بكرومر بأنه "كان مخلصا وصادقا في اجتهاده، وحريصا ألا يكون ذراعا للإنجليز، إلا أنه كان أقل ذكاء كما أنه كان أقل قوة ونفوذا من كرومر، فكانت المحصلة النهائية في صالح مشروع كرومر".
 
وعن مشروع الشيخ رشيد رضا أوضح إلهامي أنه "لم يترك السياسة كلية كشيخه محمد عبده، ولكنه لم ينخرط فيها كل الانخراط كشيخ شيخه الأفغاني، وإنما كانت له مشاركات سياسية معدودة، واهتمام سياسي واسع وتفاعل دائم مع ما يموج به العالم الإسلامي، إلا أنه غلب عليه مع ذلك كله الهمّ العلمي والدفاع عن الإسلام في وجه المتغربين والنصارى والإنجليز، وكان وحده همة عالية سامقة يقف كالجبل أمام مؤسسات تعليمية وإعلامية مدعومة من الاحتلال الإنجليزي ومن قصر الخديوية والملكية المصري، ومن العلمانيين الأتراك والقوميين العرب".

ووصف رضا بأنه "كان فارسا عظيما، وكان شيخ الإسلام الأشهر في الثلث الأول من القرن العشرين، ولذلك كله فقد كان أغزر علما بالشريعة من شيخه، وشيخ شيخه، وكانت مجلته المنار هي مجلة العالم الإسلامي الكبرى، ومنذ وفاته لم تبلغ مجلة، بل ولا قناة تلفازية المكانة التي بلغتها المنار في عصرها" على حد قوله.

عن العلاقة بين الإصلاح والنهضة
 
من جهته رأى أستاذ الفقه الإٍسلامي وأصوله، بدار الحديث الحسينية للدراسات العليا بالمغرب، الناجي لمين أن "العنوان الأبرز لمشروع مدرسة المنار هو رفع شعار الإصلاح الديني والنهضة، والتمس لذلك عدة مقاربات، أخطرها تفكيك القواعد والأصول التي تُفهم بها الشريعة باعتبارها اجتهادا بشريا، فجعلتها مرنة إلى درجة السيولة، فهي تأخذ منها ما تريد، وتترك منها ما تريد".

وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول: "فهي تأخذ الأصل عندما تحتاجه وتشكك فيه عندما يقف عائقا أمامها، وأحسن مثال لذلك هو أصل الإجماع.. فكان من نتائج ذلك بروز اللامذهبية وإنكار المؤسسات العلمية، واعتبار العلماء عائقا أمام النهضة والإصلاح، واستُثمِر في هذا السياق كلام واجتهادات بعض علماء الإٍسلام، كالشيخ ابن تيمية، وابن القيم والشوكاني والقنوجي والصنعاني، وسبب اختيار ابن تيمية على وجه الخصوص أنه أعاد النظر في جل العلوم الإسلامية".

 


 
وتابع: "لكن هذا الإصلاح تمثل فقط في شغل الناس بإعادة النظر بقضايا مضت وفُرغ منها، ولا يتوقف عليها عمل، مثل: انشقاق القمر، ورفع عيسى عليه السلام ونزوله آخر الزمن، وبعض القضايا الفقهية المتعلقة بما سمي الأحوال الشخصية، كمسألة الطلاق الثلاث في كلمة واحدة، ومسألة الطلاق بيد الزوج، والوصية الواجبة في المواريث".
 
وانتقد الأكاديمي المغربي، الناجي لمين توجهات مدرسة المنار بأنها كانت متأثرة كثيرا "بالحضارة الغربية، واعتبارها المرجعية الحقيقية لها، مع التأثر بالفلسفة المادية، وأن ما توصل إليه العلم الحديث واجب الوجود والبقاء، ويجب الاحتكام إليه حتى في الغيبيات، وهو ما دفع العلماء للتصدي لأطروحات هذه المدرسة، على رأسهم علماء الأزهر الشريف، مثل الشيخ يوسف الدجوي الملقب بفيلسوف الأزهر، وكذلك بعض كبار علماء الأتراك، كالشيخ الكوثري، والشيخ مصطفى صبري".
 
ولفت إلى أن مدرسة المنار "أسهمت في نشر التدين على نطاق واسع من خلال السلفية المعاصرة والحركات الإسلامية، لكنه تدين ليس له مرجعية مذهبية راسخة في تاريخ المسلمين، وإنما تدين معتمد على كتب مدرسة المنار التي حاولت أن تتخطى في زعمها الخلافات المذهبية، وتجمع الناس على كتب عقدية وفقهية مختصرة، وسهلة المأخذ، فنشأت بسبب ذلك خصائص ثقافية غريبة على الثقافة الإسلامية الموروثة".
 
ووفقا للمين فإن "من أهم تلك الخصائص "تصنيم" الأشخاص وإعادة النظر في المفروغ منه، والميل إلى اتباع الشاذ من الأقوال، والتقليل من شأن العلماء الحقيقيين الذي وُصفوا بـ"التقليديين" والمتعصبين للمذاهب العقدية والفقهية، وكان للحركات الإسلامية وبعض الاتجاهات السلفية الحديثة الأثر الأقوى في نشر هذه الثقافة، حيث أنشأوا جيوبا داخل المجتمع تكن العداء لكل أفراده ومؤسساته (التقليدية) وتاريخه ورموزه، فاعتادوا على وصف الأشاعرة والماتريدية بالمبتدعة، وعلماء الإسلام بالمقلدين" وفق وصفه.

إصلاح التعليم أولا
  
بدروه قال مدير مركز شؤون العالم الإسلامي بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، وليد فارس: "كان هدف مجلة المنار واضحا منذ أول يوم وفق صياغة رشيد رضا نفسه حينما قال (إن معالجة قضايا التربية والتعليم ونشر الأفكار الصحيحة لمقاومة الجهل والأفكار الفاسدة التي فشت في الأمة كالجبر والخرافات، هي الباعث لي على إنشاء هذه الجريدة، وإنني أسمح أن أنفق عليها سنة أو سنتين من غير أن أكسب شيئا)"، ما يعني أن المجلة باعتبارها امتدادا لتيار الإصلاح الديني كانت صاحبة رسالة تربوية أساسا في تجديد الفكر الإسلامي.
 
وأردف: "كانت مجلة المنار نذير الوعي في العالم الإسلامي، ولم تنس وصاحبها الشيخ رضا أن أغلب الدول الإسلامية كانت في ذلك الوقت ترزح تحت الاحتلال الأجنبي مع ضعف الخلافة العثمانية في ذلك الوقت، وتراجع دورها في العالم الإسلامي".

 


 
وأشار فارس في تصريحاته لـ"عربي21" إلى أن المجلة الوارثة لرسالة تيار الإصلاح الديني "أثبتت وجودها في ذلك الوقت، وتوسع تقدير الناس لها، وظهرت حاجة المسلمين في كل مكان لمثل هذا الطرح الجديد المتوازن الواعي، فتواردت عليها الأسئلة والاستفسارات من كل مكان، الهند واليابان وبلاد جاوة (ماليزيا وإندونيسيا لاحقا)، إضافة لدول العالم العربي ودول السلطنة العثمانية، وهو ما يكشف عن أثرها الواسع بمجهود فردي ودون دعم من أحد، ما يظهر أهمية رسالتها الإصلاحية".
 
وعن مضامين المدرسة الإصلاحية التي توجت بتجربة مجلة المنار أكدّ فارس أن "المجلة مثّلت قراءة متوازنة للإسلام بعيدا عن الاتجاه العقلي المتشدد، أو الاتجاه النصي المتشدد، أو توجهات خرافية متوغلة في الخرافات والشطحات، ذلك أن الشيخ رضا مر بكل المدارس في وقته، فقد بدأ مع التصوف، ولازم حلقات العلم التقليدية في الشام ومصر، وكذلك تتلمذ على مدرسة الإمام محمد عبده التي كانت تميل إلى المدرسة العقلية".
 
وأشار إلى أن "الشيخ رضا اطلع على التراث السلفي متمثلا في كتابات ابن تيمية، وأعمال محمد بن عبد الوهاب، فكان هذا الخليط المتوازن في النظر إلى نصوص الإسلام بلا إفراط ولا تفريط، ونظرا لاستقلاليته الفكرية، واستقلالية مجلته عن كافة الهيئات والمؤسسات والجمعيات والجماعات الرسمية وغير الرسمية، رأى القراء فيها أنها لا تمثل طائفة أو جماعة أو مؤسسة بعينها، وإنما تمثلهم، لذا كان الهجوم عليها من كافة الاتجاهات الصوفية والسلفية والسياسية، لكنها صمدت وأدت واجبها".

منطلقات مدرسة المنار

من جانبه ذكر الباحث الأردني في الفكر الإسلامي، عماد أبو قاعود أن "شجرة مدرسة المنار أثمرت ثمارا يانعة من الطاهر بن عاشور، إلى القاسمي إلى محمد شكيب أرسلان إلى عبد الرازق إلى المراغي ومحمد دراز".

وردا على سؤال "عربي21" حول منطلقات مدرسة المنار في الإصلاح الديني والفكري بيّن أبو قاعود أنها "تنطلق من القرآن الكريم باعتباره مهيمنا وحاكما على غيره من الكتب وإعادة المركزية له، وتفعيل قيمه التي تدعو إلى العقل والتفكر والنقد والسؤال والتسامح وقبول الآخر مهما كان اعتقاده وفكره دون الإحالة على نظرية المؤامرة".

 



وأردف: "وفي سبيل فهم القرآن الكريم فهما صحيحا وضعت مدرسة المنار النقاط على الحروف، فدعت إلى بيان القرآن الكريم من خلال القرآن ذاته، وذلك من خلال تقاطع الآيات التي تتحدث عن الموضوع ذاته للخروج بنظرية وافية حول الموضوع، فأكدّت على أن الكتاب مبين وميسر للذكر".
 
وتابع: "كما أن مدرسة المنار وضعت يدها على الجرح حين أكدّت على تخلفنا وتقدم غيرنا، فتدعو إلى التواصل مع الغير بالحكمة والموعظة الحسنة، والإفادة مما عندهم، إلا أن هذا المشروع تم إجهاضه على يد الحركات الإسلامية السياسية لأسباب يطول ذكرها" بحسب عبارته. 

وختم حديثه بالإشارة إلى أن دعاة تجديد الخطاب الديني الراهنة يمكنهم الإفادة من تجربة مدرسة المنار باستلهام "جهودها في إعادة المركزية للقرآن الكريم، وجعله حاكما على الروايات مهما كان سندها، وفهمه فهما حضاريا لا فهما أعرابيا، وأن نفهم واقعنا فهما واقعيا، وأن نفعل العقل تفعيلا حقيقيا باعتباره سبيلا لأي نهضة، وأن نؤكد على قبول الآخر المختلف مهما كان حجم اختلافنا معه، وأن نفعل النقد والسؤال ونتقبله دائما"، وفق تعبيره.

التعليقات (4)
فؤاد رضا حفيد رشيد رضا
الأربعاء، 23-09-2020 10:13 ص
جزاكم الله خيرا وأرجو نشر تعليقاتي إبراءا لذمتكم أمام الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته فؤاد سعيد بن محمد شفيع بن محمد رشيد بن علي رضا الحسيني
فؤاد رضا حفيد رشيد رضا
الأربعاء، 23-09-2020 10:09 ص
هؤلاء علماء وأئمة وشعراء وكتاب وإسلاميين من مختلف البلدان أثنوا علي علم ومكانة الشيخ محمد رشيد رضا: https://www.facebook.com/mohamed.beder.9/posts/1680571875331606?hc_location=ufi تم إلغاء هذه الصفحة ولكن هذا ما كان فيها بحروفه: "علماء وائمة وشعراء وكتاب واسلاميين من مختلف البلدان اثنوا علي علم ومكانة الشيخ محمد رشيد رضا : *شيخ الازهر في وقته : فمن الحق ان نعد السيد رشيد رضا من المجددين ان نعده من المجاهدين في احياء السنة *الشيخ محمد احمد شاكر: الشيخ رشيد أوتي من الإطلاع على السنة إلى فهم القرآن حق فهمه، في الرد على الشبهات، واقوال الماديين ومسائل العمران والآيات الكونية * الإمام محمد عبده : «إنَّ الله بعث إليَّ بهذا الشاب؛ ليكون مددًا لي في حياتي؛ ولأنَّ في نفسي أموراً كثيرة أريد أن أقولها للأمَّة، ورشيدُ يقوم ببيانها كما أحب .واذاكرت له موضوعا ليكتب فيه ذكره كما احب ويقول فيه ما كنت اريد ان اقول ..واذ ذكرت له قولا مجملا بسطه بما ارتضيه من البيان والتفصيل ...فهو يتم ما بدات ويبسط ما اجملت *فارس البيان شكيب ارسلان: ويطول العهد بعد الأستاذ الأكبر السيد رشيد - فسح الله في أجله – حتى يقوم في العالم الإسلامي من يسد مسده في الإحاطة والرجاحة وسعة الفكر وسعة الرواية معاً والجمع بين المعقول والمنقول والفتيا الصحيحة الطالعة كفلق الصبح في النوازل ،العصرية والتطبيق بين الشرع والأوضاع المحدثة مما لا شك أن الأستاذ الأكبر فيه نسيج وحده انتهت إليه الرئاسة لا يدانيه فيه مدان مع الرسوخ العظيم في اللغة والطبع الريان من العربية والقلم السيال بالفوائد في مثل نسق الفرائد والخبر بطبائع العمران وأحوال المجتمع الإنساني ومناهج المدنية وأساليبها وأنواع الثقافات وضروبها إلى المنطق السديد الذي لم يقارع به خصماً مهما علا كعبه إلا أفحمه وألزمه ولا نازل قرناً كان يستطيل على الأقران إلا رماه بسكاته وألجم * الشيخ عبد الجليل عيسي : كأن الأحاديث كانت في طبق أمامه يلتقط منها ما يريد، br *شيخ الازهر محمد مصطفى المراغي: أن رشيد رضا كان محيطا بعلوم القرآن وقد رزقه الله عقلا راجحا في فهمه، ومعرفة أسراره وحكمه، واسع الإطلاع على ألسنة واقضية الصحابة، وآراء العلماء، عارفا بأحوال المجتمع، والأدوار التي مر بها التاريخ الإسلامي، وكان شديد الاحاطة بما في العصر الذي يعيش فيه، خبيرا بأحوال المسلمين في الأقطار الإسلامية، ملما بما في العالم من بحوث جديدة، وبما يحدث من المعارك بين العلماء وأهل الاديان. وبذلك كان أكبر المدافعين عن قواعد الإسلام. وأشدهم غيرة عليها، ولم يكن له مبدأ جديد في الإسلام حتى يصح أن يقال أنه له مذهبا ينسب إليه، بل كان مبدؤه جميع علماء السلف، وهو التحاكم *يوسف أسعد داغر عالم، كاتب، فقيه، حجة… أوتي من نفلذ البصيرة وسعة العلم، وشجاعة القلب، وظهور الحجة، وقوة اللسان ما لم يؤته إلا الأقلون في كل عصر…وكان سريع الخاطر، حاضر البديهة، لا يبالي في سبيل الحق بسطوة حاكم…وهو من مشاهير مفسري القرآن الكريم…وتفسيره في أعظم آثاره وأنفسها، ولعله خير تفسير طبع على الإطلاقإلى الله وروسوله *الامام ابن باديس : لقد كان الأستاذ نسيج وحده في هذا العصر فقهاً الدين، وعلماً بأسرار التشريع، وإحاطة بعلوم الكتاب والسنّة، ذا منزلة كاملة في معرفة أحوال الزمان وسير العمران والاجتماع، وكفى دليلاً على ذلك ما أصدره من أجزاء التفسير، وما أودعه مجلّة المنار في مجلّداتها التي نيفت على الثلاثين، وما أصدره من غيرهما مثل (الوحي المحمّدي) الذي كان أحبّ كتبه إليه، وإنّ ما كان يقوم به من عمل في تفسير القرآن لا تستطيع أن تقوم به من بعده إلاّ لجنة من كبار العلماء، فهل يكون من رجال الأزهر من يتقدّمون لخدمة الإسلام بتتميم هذا العمل الجليل ؟ *الخديو عباس حلمي: وقد نقل عنه رئيس ديوانه المؤرخ الشهير أحمد شفيق باشا أن سموه قال: إن السيد محمد هو لسان الإسلام في هذا العصر. *حسن البنا اسست مدرسة فكرية تقوم علي قواعد هذا الاصلاح السامي الجليل لازالت اثارها باقية في نفوس النخبة المستنيرة من رجال الاسلام الي الان *العقاد فأما السيد رشيد فهو أوفر نصيبًا من الفقه والشريعة والدراسات الموروثة ومزيته على الكتاب الدينيين في العصر الحاضر أنه خلا من الجمود الذي يصرفهم عن لباب الفقه إلى قشوره ، وسلم من تلك العفونات النفسية التي تعيب أخلاقهم وتشوه مقاصدهم ، فهو أدنى إلى الصواب وأنأى عن العوج وسوء النية *محمد الغزالي : كان محمد رشيد رضا ترجمان القرآن وشارة السلفية الصحيحة والمفتى العارف بأهداف الإسلام والمستوعب لآثاره وإن;مدرسة المنار هى المهاد الأوحد للصحوة الإسلامية الحاضرة، وعلى الذين يرفعون القواعد من هذا المهاد أن يتجنبوا بعض الهنات التى فات فيها الصواب إمامنا الكبير، فما نزعم عصمة له أو لغيره *الشيخ القرضاوي: العلامة المجدد السيد محمد رشيد رضا ، منشئ ( مجلة المنار ) وصاحب تفسير المنار وغيره من الكتب الإصلاحية ، وقد تأثر كثيرا باستاذه الإمام محمد عبده . br وإذا بدأنا الاستفادة من نتاج رشيد رضا وأمثاله كمحمد دراز نكون قد وضعنا قدمنا على أول درجة من سلم الرشد العقلي الفكري محمد عمارةأن الله تعالى قيد لهذا الدين جنودًا دافعوا عنه وكانوا حائط صد في مواجهة الهجمات المتتالية من أعدائه؛ من هؤلاء الشيخ رشيد رضا الذي رفع منار الإحياء والتجديد وخاض معارك وحروبًا في *الدكتور محمد عمارة: أن الله تعالى قيد لهذا الدين جنودًا دافعوا عنه وكانوا حائط صد في مواجهة الهجمات المتتالية من أعدائه؛ من هؤلاء الشيخ رشيد رضا الذي رفع منار الإحياء والتجديد وخاض معارك وحروبًا في سبيل الدفاع عن ثوابت الدين؛ فكانت أولى معاركه ضد العلمانية ودعوة فصل الدين عن الدولة، كما تألق وعيه السياسي الإسلامي إزاء الخطر الصهيوني على الشرق العربي والإسلامي وكان له شرف التعبير عن هذا الوعي بحقائق هذه الغزوة والحلف غير المقدس الذي عقده الغرب مع الصهاينة ضد الإسلام والمسلمين. كما واجه الشيخ رضا تحدي الطائفية التي تريد تجريد مصر من هويتها العربية الإسلامية على حين غفلة من التيارات الفكرية الأخرى.. فكان رحمه الله شهادة على الوعي الإسلامي الذي لم تغبشه غمامات التغريب *العلامة بن عثيمين : :لما سئل عن جهل بعض العلماء بامور الاقتصاد والسياسة قال :رأينا في هذا الاعتقاد أنه مبني على الجهل في حال العلماء ولا ريب أن العلماء علماء الشريعة عندهم علم في الاقتصاد وفي السياسة، وفي كل ما يحتاجون إليه في العلوم الشرعية، وإذا شئت أن تعرف ما قلته فانظر إلى محمد رشيد رضا - رحمه الله - صاحب مجلة المنار في تفسيره وفي غيرها من كتبه. *جمال الدين القاسمي .. لما راي كتب رشيد رضا تدرس في جامعات فرنسا فقال (لقد اغفلت جامعتنا هذا الفرد العلم ) *حسن البنا : لقد نقل الاصلاح من الخاصة الي العامة وقد ;عز على الإخوان أن يخبو ضوء هذا السراج المشرق بالعلم والمعرفة من اقتباس الإسلام الحنيف ، فاعتزموا أن يتعاونوا مع ورثة السيد رحمه الله على إصدار المنار من جديد ، * العلامة الالباني : كان لمحمَّد رشيد رضا مشاركةٌ في هذا المجال، وله فضلٌ كبيرٌ جدًّا في نشر السنَّة وعلم الحديث بواسطة مجلَّته المنار».وقال في الشريط نفسه كان لمحمَّد رشيد رضا مشاركةٌ في هذا المجال، وله فضلٌ كبيرٌ جدًّا في نشر السنَّة وعلم الحديث بواسطة مجلَّته المنار». * الشيخ مصطفي عبد الرازق : وإذا كان الشيخ محمد عبده إماماً في الدين، فالسيد رشيد رضا لا شك صاحبه ومفسر مذهبه، ومُكمِّله، وقد بذل مُنشئ المنار - رحمة الله عليه - في هذه الناحية مجهوداً ضخماً حافلاً بالمباحث الدينيَّة، والمناقشات الفقهيَّة، وكان لهذا المجهود العظيم أثر غير ضئيل في طلاب العلوم الدينية، ومن إليهم، وفي توجيه الدراسات الشرعية في بلاد الإسلام المختلفة) *البشير الابراهيمي : حين طلب منه ان يتم تفسير المنار فقال : حتى يكون لي علم رشيد ، وسعة رشيد ، ومكتبة رشيد ، ومكاتب القاهرة المفتوحة لرشيد *الشيخ عبد الله الصديق الغماري : قائلاً : “لكن المحدث الحقيقي هو رشيد رضا “. * السيد محب الدين الخطيب: كان في علمه وفضله أعمق غورا من أن يعرفه أكثر الناس كما هو في الحقيقة، وإن الذين عرفوا جوانبه العامرة بالفضل والسبق والتفوق قليلون جدا، ولو ان هذا الرجل الراحل كُفي إدارة أعماله كلها وانقطع للتأليف والتدوين وكان في أمة تعرف كيف تستفيد من رجالها في حياتهم لكان أعظم إنتاجًا من أكبر الرجال الذين يشار إليهم بالبنان في الأمم الأخرى. فرحمة الله عليه ..واسكنه جناته ..". ----- ثم: قال الشيخ محمد الغزالي: "ليس عالما كاملا من لم يقرأ تفسير المنار للإمام محمد رشيد رضا"
فؤاد رضا حفيد رشيد رضا
الأربعاء، 23-09-2020 10:02 ص
المنار والأزهر محمد رشيد رضا الطبعة الأصلية https://drive.google.com/file/d/17JqTnP9pz3nzALFFnpAdfOqpE8NYeIS4/view?usp=sharing حجمه كبير لتصويره بجودة عالية للتغلب على قِدم الأصل اضغط على اللون الأزرق لتنزيل الكتاب من Google Drive إعادة طبع كتاب "المنار والأزهر" للسيد الإمام محمد رشيد رضا القسم الأول: مقدمة في ماضي الأزهر وحاضره ومستقبله https://drive.google.com/file/d/16yYWstMnRWvY59oYj0jlw9Y7NMgD8chX/view?usp=sharing حجمه كبير اضغط على اللون الأزرق لتنزيل الكتاب من Google Drive القسم الثاني: خلاصة في عمل صاحب المنار في إصلاح الأزهر https://drive.google.com/file/d/1IY3wMGQ0hk8f015mG52sqna6p07iVbOT/view?usp=sharing حجمه كبير اضغط على اللون الأزرق لتنزيل الكتاب من Google Drive
فؤاد رضا حفيد رشيد رضا
الأربعاء، 23-09-2020 04:34 ص
تعريف موجز عن السيد الإمام محمد رشيد رضا صاحب المنار https://drive.google.com/file/d/1PgGQuFZ5skQzZKEyTfU-vnulIC9kg1z9/view?usp=sharing و https://drive.google.com/file/d/1Yrcm4RoV_jOGcyUXAYDQCZLlvh1gYRD7/view?usp=sharing

خبر عاجل