هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يترقب اللبنانيون، البنود والشروط التي سيجري التفاوض عليها، بين حكومتهم وصندوق النقد الدولي، الذي وافق مؤخرا على تقديم مساعدة عاجلة للبلد الذي يعاني تدهورا اقتصاديا كبيرا وارتفاعا مضطردا بنسب الدين الخارجي.
وأصبح لبنان بين الدول الأكثر مديونية في العالم، حيث بلغ إجمالي الدين العام المستحق عليه 86.2 مليار دولار في الربع الأول من 2019، وفق أرقام رسمية.
ومن المقرر بهذا الصدد، أن تبدأ حكومة الدكتور حسان دياب "عبر الإنترنت"، ماراثون المفاوضات مع مسؤولي الصندوق نهاية الأسبوع الجاري، للتوصل لبنود برنامج إصلاح اقتصادي، يخشى اللبنانيون أن يكون على حساب جيوبهم.
ونهاية نيسان/أبريل الماضي، قدمت الحكومة خطتها الاقتصادية، والتي تمتد على مدار 5 سنوات، بهدف معالجة مسار السياسة المالية وسوء الإدارة.
وتعتمد الخطة المطروحة في مفاصلها الرئيسة على نتائج المباحثات المرتقبة مع "النقد الدولي"، ما يعني فتح الباب أمام منظمات ودول لتقديم تمويلات للنهوض بالقطاعات الاقتصادية المحلية.
وتتضمن الخطة إصلاحات هيكلية ومالية على مستوى القطاع العام، إذ تتطلع الحكومة إلى تزويد الحماية للبنان من الصدمات المحتملة، وتأمين التمويل اللازم والانخراط في اقتصاد منتج.
الحلول البديلة
من جهته يرى إيلي يشوعي، وهو خبير مالي لبناني، أن "الخطة الاقتصادية تعتمد على الدعم الخارجي (..) الحكومة تطالب بدعم مالي قبل القيام بأي عمل تنفيذي، لاستعادة الحقوق المالية المهدورة، وإبقاء المنظومة السياسية الحالية".
ويصف "يشوعي" في حديث مع الأناضول، وضع لبنان الراهن، بأنه يتوجه إلى صندوق النقد الدولي مكبل اليدين، "وهو منهك لا متوعك كدول أخرى حذت حذوه، إذاً فالحصول على الدعم المالي ليس بالسهل".
والثلاثاء، أعلنت الحكومة أنها ستبدأ مفاوضات مع صندوق النقد الدولي خلال اليومين المقبلين، في وقت تشهد فيه البلاد أسوأ أزمة اقتصادية منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990.
اقرأ أيضا : دياب يحذر من خطورة الأوضاع في لبنان.. ويعرض خطته المالية
وأبلغ وزير المالية اللبناني غازي وزني، صحفيين، عقب جلسة لمجلس الوزراء، في مؤتمر صحفي نقلته وسائل إعلام محلية، بأن "التواصل مع صندوق النقد الدولي قائم.. خلال اليومين المقبلين سنباشر جلسات التفاوض".
وينظر الخبير الاقتصادي إلى ثلاثية "الثقة، الشراكة، المصداقية"، كقاعدة رئيسة للبدء بتنفيذ خطة طموحة لإنقاذ قطاعات الاقتصاد المحلي من أزمتها.
ويزيد: "الثقة تكون عبر التحرر من الخطط السابقة للخدمات العامة، كالكهرباء والنفايات والسدود وغيرها (..) يجب وضع دفاتر شروط لتضمين الخدمات لمقدمين من القطاع الخاص، يضعون حلولا عصرية لإدارة أزمات الطاقة والنفايات".
ويقول إن "بداية الشراكة والمصداقية مع القطاع الخاص هذه، ستوفر في الاقتصاد مليارات الدولارات دون أن تضيف ديونا جديدة، فتحرك عجلة القطاعات المحلية".
القطاع المصرفي
من جهته، يوضح رئيس اتحاد موظفي المصارف جورج الحاج، أن "المجتمع الدولي حريص على عدم وصول لبنان إلى الخراب، لكن من الطبيعي أن تضع الدول التي ستساعد البلاد بعض الشروط المتعلقة بالإصلاحات".
ويوجّه "الحاج" انتقادا للخطة الاقتصادية المطروحة، بسبب غياب المدة الزمنية للتنفيذ، موضحا بأن "الخطة من حيث الصياغة جيدة ولكن تطبيقها يحتاج إلى ورقة أخرى".
ويسجل الحاج اعتراضا على المقاربة المطروحة في إعادة تكوين قطاع مصرفي، يتلاءم مع الظروف المفروضة، قائلا: "كل ما تم تصغير القطاع المصرفي تصغر معه القدرة على استنهاض القطاعات الباقية".
ويتابع: "إعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف التجارية الخاصة، لا يمكن أن تأتي عبر خطة حكومية أقرت من دون التشاور مع الأطراف المعنية، ومن دون الحصول على موافقة واضحة".
"فالودائع المصرفية هي ملكية خاصة بأصحابها وإن الملكية الخاصة، هي مبدأ اقتصادي كفله الدستور اللبناني، ونظامنا الحر لا يسمح للحكومة بوضع يدها على الملكيات الخاصة"، بحسب المتحدث.
حديث الحاج، يتزامن مع أزمة ثقة تخيم على العلاقة بين عملاء المصارف والبنوك، ومن قبل المجتمع الدولي، ولا سيما بعد ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر الفائت".
التوجه للاقتراض
فيما يعلّق النائب عن الحزب الاشتراكي، بلال عبدالله على الخطة الاقتصادية بالقول:" هي مجموعة أفكار وخطط، وتوصيف دقيق للوضع لكن طرق الحل تبقى متفاوتة عبر اقتطاع أو استدانة، وهذا يتطلب نقاشا واسعا".
ويضيف عبدالله: "الخطة مبنيّة فقط على فرضية الحصول على الدين وفي تركيبتها تحاكي الوضع هذا".
بدوره، يلفت النائب عن حركة أمل، محمد نصر الله، إلى أن الخطة ليست متكاملة، حيث تفتقد إلى العناصر العلمية الكاملة لجهة تحديد مشاريع وآليات تنفيذ.
ويتابع في تصريح للأناضول: "المحاولة مريحة وهي إيجابية لمحاكاة الرأي العام المحلي والدولي وفي مقدمته صندوق النقد الدولي فالإشارات التي وصلت من صندوق النقد، إيجابية تدفع على التفاؤل".
وكان رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، حذر من خطورة الأوضاع في بلاده، في ظل الأزمة المالية الحالية، مشددا على أن بيروت بحاجة إلى مساعدة الأصدقاء، مشددا على أن بيروت بحاجة إلى مساعدة الأصدقاء.
وقال دياب خلال اجتماع مع سفراء وممثلي المؤسسات الدولية لعرض الخطة المالية الشاملة للحكومة، إن "لبنان في وضع حرج"، مضيفا أنه "بعد أن أقرت الحكومة خطة التعافي المالي، والتي أرسلت بناء عليها طلبا إلى صندوق النقد الدولي، لا يخفى عليكم أن اللبنانيين محرومون من الوصول إلى ودائعهم، ويواجهون ارتفاعا كبيرًا في قيمة الدولار (مقابل الليرة اللبنانية) في السوق الموازية (غير الرسمية)".
وتابع دياب بقوله: "تُقدم خطة الحكومة تشخيصا واضحا للوضع، وقد شكلت موضع ترحيب علني من الشركاء المتعددي الأطراف ومن العديد من الشركاء الثنائيين"، مشيرا إلى أنها تلقت إشادة من المؤسسات المالية الخاصة في العديد من دول العالم، نظرا إلى جدية التشخيص الذي تقدمه، والذي من شأنه أن يؤدي إلى ردود فعل قوية، بسبب طرحه الجريء للغاية.