نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" الأمريكية
مقالا تناولت فيه اختلاف آراء الطبقات الاجتماعية فيما يخص العودة للعمل والتباعد
الاجتماعي.
وقال كاتب المقال "جريج سارجنت" إن إحدى
الحيل القبيحة التي استخدمها أولئك الذين يسعون إلى إعادة فتح البلاد بأسرع وقت
ممكن - بغض النظر عن العواقب- هي خلق انطباع أن قيود التباعد بين الناس أطلقت
العنان لانتفاضة شعبية واسعة النطاق عبر البلاد.
وأشار إلى أن الإعلاميين المحافظين يظهرون وكأنهم
أبطال يحركون الناس من خلال إعلامهم، بأنه من الآمن لهم العودة إلى العمل، بنبرة
" غضب شعبوي مزيف".
وبين أنه "يتم التلميح بأن النخب يمكن أن تصر
على الحفاظ على القيود، لأن سبل عيشهم في العوالم الرقمية لا تتأثر كثيرا بهذه
القيود، بل إنهم بعيدون كل البعد عن معاناة الناس العاملين الذين يلحون من أجل
العودة إلى أعمالهم اليومية".
لكن البيانات الجديدة التي تم جمعها من استطلاع
أجرته جامعة ميريلاند هذا الأسبوع، تظهر أن الرواية لا تجسد مشاعر الأشخاص الذين تدعي قضيتهم الدفاع عنها، بحسب ما يقول.
ويستقصي استطلاع الرأي الجديد المواقف العامة تجاه
القيود وفيروس كورونا، قائلا: "لقد حصلنا على تحليل مفصل للأرقام، وهنا بعض
النتائج الرئيسية":
1- %78 مقابل 22% من الأمريكيين يعتقدون أنه "من الضروري" البقاء في
منازلهم قدر الإمكان.
الفارق كان متشابها للغاية بين الذين تقل أجورهم السنوية
عن 50 ألف دولار (82% يعتقدون أنه "من الضروري" البقاء في منازلهم قدر
الإمكان مقابل 18%)، والذين أجورهم تتراوح بين 50 ألف دولار إلى 100 ألف دولار (77%
يعتقدون أنه "من الضروري" البقاء في منازلهم قدر الإمكان مقابل 23%)، والذين زادت أجورهم عن 100 ألف دولار (71% يعتقدون
أنه "من الضروري" البقاء في منازلهم قدر الإمكان مقابل 29%).
كما أن النتائج متشابهة إلى حد كبير بين المصوتيين
الريفيين (77% يعتقدون أنه "من الضروري" البقاء في منازلهم قدر الإمكان مقابل
23%) والبيض غير المتعلمين جامعيا (75% يعتقدون أنه "من الضروري"
البقاء في منازلهم قدر الإمكان مقابل 25%)، وهما الفئتان اللتان كانتا تميل بشدة
لدعم الرئيس ترامب، ويفترض أن تثير الانتفاضة الشعبية.
2-
يقول 58% من الأمريكيين بشكل عام إن القيود الحالية على الشركات "
مناسبة"، مقابل 21% فقط ممن يقولون إنها " إجراءات شديدة جدا".
ويقول التقرير: "هنا مرة أخرى، يكون الفارق
متشابها بين الذين تقل أجورهم السنوية عن 50 ألف دولار (56% يرون أن القيود
الحالية على الشركات " مناسبة" مقابل 18%)، والذين أجورهم بين 50 ألف
دولار و 100 ألف دولار (61% يرون أن القيود الحالية على الشركات "
مناسبة" مقابل 22%)، والذين تزيد أجورهم عن 100 ألف دولار (60% يرون أن القيود
الحالية على الشركات " مناسبة" مقابل25%).
كما أن الأمر متشابه إلى حد كبير بين المصوتين
الريفيين (64% يرون أن القيود الحالية على الشركات " مناسبة" مقابل20%)،
والبيض غير المتعلمين (54% يرون أن القيود الحالية على الشركات "
مناسبة" مقابل 28%).
- ماذا عن ارتداء
الأقنعة التي من المفترض أن تؤدي
إلى اندلاع حرب ثقافية؟ في الواقع هذه الحرب غير موجودة على الإطلاق:
نسبة 80% إلى 20% من الأمريكيين يقولون بشكل عام إنه
من "الضروري" أن يرتدي الأشخاص في مجتمعاتهم أقنعة عند الاقتراب من
الآخرين.
ومرة أخرى يكون الفارق متشابها جدأ بين الذين تقل
أجورهم عن 50 ألف دولار (83% يرون أنه من "الضروري" ارتداء أقنعة عند الاقتراب
من الآخرين مقابل 17%)، والذين تتراوح أجورهم بين 50 ألف دولار إلى 100 ألف دولار
(78% يرون أنه من "الضروري" ارتداء أقنعة عند الاقتراب من الآخرين مقابل
22%)، والذين تزيد أجورهم عن 100 ألف دولار (74% مقابل 25%). كما أنها متشابهة إلى
حد كبير بين المصوتين الريفيين (73% مقابل27%) والبيض غير المتعلمين (83% مقابل 17%).
ويجادل الصحفي والمحامي ديفيد فروم بأن العديد من
مؤيدي ترامب قد يترددون في قبول التغييرات في طريق حياتهم - مثل التباعد وارتداء
الأقنعة- لأنه تنازل ضمني بفشل ترامب في احتواء الفيروس، والاعتراف بمثل هذا الشيء
لا يمكن إدراجه حتى في مخيلتهم.
ويقول كاتب المقال، إن "هذا ربما يكون صحيحا،
حيث إن أكبر معزز لترامب في البلاد الأمور التي تحسب بهذه الطريقة".
وبحسب ما ورد، فإن الرئيس نفسه يتردد في ارتداء
القناع في الأماكن العامة؛ لأنه يبعث برسالة مفادها أنه منشغل للغاية بالأزمة
الصحية، وليس بإعادة فتح الاقتصاد.
ولكن حتى لو كان هذا الشعور حقيقيا بين أكثر
مؤيدي ترامب، إلا أنه ليس مشتركا على نطاق واسع، وليس هناك على الإطلاق أي دليل
على أنه يؤدي إلى توترات مجتمعية خطيرة، على الرغم من الجهود الواضحة لوسائل
الإعلام المحافظة لإظهار خلاف ذلك.
كما يشير فروم إلى أن المفكرين في مجال الصحة
يثيرون سؤالا مهما حول ما إذا كنا على استعداد لفرض قيود على أنفسنا في مجتمع
يشهد "تحديا سياسيا ثقافيا"، على حد تعبير الدكتور كيث همفريز من جامعة
ستانفورد.
هل ينتهي بنا الأمر بقبول أعداد أكبر من الوفيات
التي كان يمكننا تجنبها بدلا من ذلك؟
يقول كاتب المقال: "لا أعرف الجواب على ذلك،
ولكن من الواضح أننا نرى وحدة واتفاقا مدهشين- رغم تفرقنا سياسيا- وبأننا يجب أن
نتحمل الأوضاع التي لا تناسبنا باسم الصحة العامة".
كما أشرت، يجب أن تفرض هذه الأزمة بالتأكيد تحولا على المدى الطويل في كيفية رؤيتنا لمحنة
العمال الأساسيين وغيرهم من العاملين، وندرك بدقة أوضاعهم الاقتصادية واعتمادنا
عليهم بشكل أساسي في حياتنا اليومية.
ويختم بقوله: "في غضون ذلك، وعلى المدى
القصير، نأمل بأن أولئك الذين يصرحون بعمل انتفاضات شعبية وقلقون من تأثير التباعد
على العاملين، سيستخدمون منصاتهم للمناشدة في توفير حزم أكثر سخاء في خطة الإنقاذ
الاقتصادية".