هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف موقع "بلومبيرغ" عن حنق أمريكي من تصاعد نشاط الشركة الصينية "BGI"، والتي تعتبر من أكبر شركات الـDNA وعلم الوراثة في العالم، في منطقة الشرق الأوسط، مستغلة الحاجة لإجراء فحوصات فيروس كورونا.
ويشير الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أنه وبالتزامن مع مكافحة الولايات المتحدة لإجراء اختبارات كافية لفيروس كورونا، استغرقت شركة علم الوراثة الصينية "BGI" أقل
من شهر لبناء مراكز اختبار لها في الشرق الأوسط.
وفازت مجموعة "BGI"، ومقرها شنتشن، بمئات الملايين من الدولارات في العقود مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين بما في ذلك "إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية"، بحسب ما قال الموقع الأمريكي.
وذكر أن الولايات المتحدة، في الوقت الحالي، تحذر تلك البلدان من أنها قد تمنح بكين حق الوصول إلى بيانات شخصية ذات قيمة عالية لها تأثيرات على الاقتصاد المستقبلي.
اقرأ أيضا: توتر بين بكين وواشنطن بعد رسالة من بومبيو لرئيسة تايوان
ويقول الموقع: "يعد الضغط (الأمريكي) ضد تبني تكنولوجيا الاختبار الصينية جزءا من خلاف
أوسع نطاقا بين الولايات المتحدة والصين، مما أدى إلى تعقيد الجهود العالمية لتصعيد
الاستجابة للوباء".
ويتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصين بإخفاء معلومات حول بدايات تفشي المرض، وحجب التمويل عن منظمة الصحة العالمية، بزعم أنها متأثرة ببكين. فيما تقول
الصين إن "البيت الأبيض يحاول صرف الانتباه عن إخفاقاته مع ارتفاع عدد القتلى الأمريكيين".
ووصف مسؤول أمريكي الشركة الصينية "BGI" بأنها "هواوي الجينات" ، في
إشارة إلى شركة الاتصالات الصينية، التي تسعى الولايات المتحدة إلى منعها من صفقات الشبكات الرقمية لأسباب
تتعلق بأمن المعلومات، وفق ما ذكر الموقع.
وقال المسؤول الأمريكي، إن واشنطن أثارت
مخاوفها بشأن "BGI" لدى حلفائها بالشرق
الأوسط ، وحذرتهم من أن بكين يمكنها جمع معلومات ذات قيمة استخبارية ومشاركتها مع خصومها
مثل إيران، أحد أكبر الشركاء التجاريين للصين في المنطقة.
لكن "بلومبيرغ" ينبه إلى أن هذه الحجة لم يكن لها تأثير كبير على حلفاء الولايات المتحدة، حيث تحولت تجربة الصين في إدارة أزمة كوورنا إلى فرصة عالمية. ولم تكن الولايات المتحدة، التي يبلغ عدد الوفيات بسبب الفيروس ثلاث مرات أي دولة أخرى، قادرة على
تقديم الكثير من البدائل.
اغتنام الفرصة
وقال جوناثان فولتون، الأستاذ المساعد في جامعة زايد في أبوظبي
والمتخصص في العلاقات الصينية الخليجية: "لقد استغلت الصين اللحظة".
"هذا يحدث بينما تبدو الولايات المتحدة مثقلة بالأعباء".
بدأت شركة "BGI" العمل في عام
1999 كمعهد بكين للجينوم، وهو مختبر مدعوم من الدولة مخصص لمساعدة مشروع الجينوم البشري،
وهو جهد عالمي لتجميع أول صورة شاملة على الإطلاق للحمض النووي البشري.
وفي عام
2007، انفصل مؤسسو الشركة عن الأكاديمية الصينية للعلوم، المظلة التي تسيطر عليها
الدولة، وتحولت إلى شركة خاصة، تعمل على بناء
بنك الجينات الوطني الصيني.
ولم تقم شركة "BGI" بالإفصاح المفصل
عن ملكية مجموعتها الموسعة، على الرغم من أن شركة واحدة منها مدرجة في البورصة الصينية، ولها عائدات بقيمة 405 ملايين
دولار العام الماضي.
وعندما سُئلت "BGI" عن المزاعم حول شراكاتها في الشرق الأوسط، قالت عبر البريد الإلكتروني إنها لا تخضع لسيطرة الحكومة الصينية.
اقرأ أيضا: هل يمكن فرض عزلة اقتصادية على الصين؟
وقال نينغ لي، نائب رئيس مجموعة "BGI" وكبير مسؤولي التطوير فيها: "بالنسبة لمختبرات كوفيد-19 المبنية حديثا (في الشرق الأوسط)، ستدار من قبل شركاء الشركة، والذين لديهم صلاحية التعامل مع عينات المرضى والوصول إلى بيانات المرضى".
وأوضح "لي" أنه يتم تشغيل المختبرات من قبل السلطات أو المؤسسات الصحية المحلية، وليس من قبل شركته. فيما توفر الشركة نقل التكنولوجيا، مضيفا: "الجهاز ليس لديه القدرة على جمع البيانات الشخصية".
مختبر الإمارات
مع دخول الفيروس إلى الخليج، ساعدت الشركة في إنشاء أكبر مختبر
للكشف عن الفيروسات التاجية خارج الصين بالتعاون مع مجموعة "G42" (شركة ذكاء اصطناعي مقرها أبو ظبي).
ويمكن للمختبر الذي تم بناؤه في 14 يوما في آذار/مارس الماضي، إجراء عشرات الآلاف من الاختبارات يوميًا واستخدام
الروبوتات الصينية الصنع لإعداد العينات.
وقالت مجموعة G42 إنه يمكن توسيع المختبر
لاختبار عينات من المناطق المجاورة، وقد زودت الشراكة أفغانستان بأول دفعة من مجموعات
الفحص.
ويقوم المختبر بمراقبة طفرات الفيروسات واكتشاف مسببات الأمراض المستقبلية عبر متابعة تسلسل الحمض النووي، مما يشير إلى الشراكة طويلة الأمد، وفق ما قال موقع "بلومبيرغ".
وصرحت محموعة "G42" لـ"بلومبيرغ" عبر البريد الإلكتروني بأن BGI لن يكون لديها حق "الوصول إلى بيانات المختبر.. توجد بروتوكولات صارمة لحماية أمان المعلومات
وخصوصية البيانات ضد أي وصول غير مصرح به".
وقالت "BGI" إن الشركة ساعدت
80 دولة في الاختبارات حتى الآن، وتجري محادثات للمساعدة في بناء مختبرات في أكثر
من 10 دول.
وأضافت أن اختبار الحمض النووي للفيروس تم استخدامه لأكثر من 20 مليون مرة، ولديه موافقات تنظيمية في أوروبا والولايات المتحدة واليابان وأستراليا وأماكن أخرى.
تشكيك أمريكي
اتهم ديفيد شينكر، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، الصين باستخدام "دبلوماسية قناع الوجه" للفت الانتباه إلى افتقارها
للشفافية حول الحديث عن أصول فيروس كورونا.
واعتبر بأن البيانات التي
تمر عبر الشركات الصينية يمكن أن "تتعرض للخطر"، معيدا المقارنة مع شركة هواوي.
وقال شينكر: "هناك دول في المنطقة تفهم ذلك". مضيفا: "نحن قدمنا مليارات الدولارات على مر السنين في الاستثمار في القطاع الصحي
والمساعدات الإنسانية في المنطقة، ولن نغادرها".
ولم ترد وزارة الخارجية الصينية على الفور على طلب للتعليق على
المزاعم المحيطة بـ"BIG".
ومن جانبها، كشفت شركة "AID Genomics" الإسرائيلية عن علاقتها مع الشركة الصينية بعد أسبوع من تولي دورها في الإمارات العربية المتحدة.
وقالت الشركتان إن المشروع يهدف إلى إقامة معمل في قطاع غزة قادر على إجراء 3000 اختبار في اليوم بدعم من السلطات الإسرائيلية والفلسطينية.
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: أزمة كورونا تفرض برودا على العلاقات مع الصين
وفي ذات السياق، قالت السلطات الإسرائيلية
إن شركة "BGI" ستساعدها في إجراء 20 ألف اختبار في اليوم.
وقالت حكومة الاحتلال الإسرائيلي إنها نظرت بجدية في أمن المعلومات عند الشراكة مع "BGI".
وقال مسؤول في وزارة الصحة الإسرائيلية، إن شركة BGI لن تتمكن من الوصول إلى النتائج أو البيانات الأولية.
صفقة سعودية
وفي المملكة العربية السعودية، أدت مكالمة هاتفية بين الملك سلمان والرئيس الصيني شي جين بينغ إلى صفقة بقيمة 265 مليون دولار مع "BGI" لتزويد المملكة بتسعة ملايين مجموعة اختبار و500 موظف وستة مختبرات قادرة على إجراء 50 ألف عينة في اليوم.
وقالت شركة "BGI" إنها تخطط أيضا لمختبر
إضافي يسمح بإجراء اختبارات لـ30 بالمئة من سكان المملكة في الأشهر الثمانية المقبلة حسب الحاجة.
وقال عبد الله الربيعة مستشار الديوان الملكي في بيان عند توقيع
الاتفاق إن الشراكة "تؤكد قوة العلاقات السعودية الصينية طويلة الأمد".
وأشاد وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان
بالصين باعتبارها "قدوة" في مكافحة الفيروس.
وقال بعد اتصال مع نظيره الصيني
في الشهر الماضي، إن ذلك وضع "أفضل مثال لكيفية مرور هذه الأوقات العصيبة من
خلال التعاون والتضامن".
ودعا مسؤول إماراتي وأمير سعودي الولايات المتحدة والصين إلى وضع خلافاتهما جانبا لمكافحة الفيروس.
وردا على سؤال
للتعليق على مخاوف الولايات المتحدة بشأن شركة "BGI"، قالت
وزارة الخارجية الإماراتية إنها ترحب بالتعاون "مع أفضل الشركات حول العالم،
خاصة في ظل الأزمة الحالية التي تتطلب التعاون عبر البلدان والقطاعات".
ومع أن الهجمات على الصين باتت محورا استراتيجيا في دعاية ترامب الانتخابية، فإن التقدم الصيني لم يمر دون رد. ففي الأسبوع الماضي، زار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إسرائيل لتحذيرها من
تعميق العلاقات مع بكين.